المِقْدادُ بنُ عَمْرو
المِقْداد بن عَمْرو بن ثَعْلَبة البَهْرَاوِيُّ الكِنْديّ ، المعروف بالمِقْداد بن الأسْوَد .
طويل القامة ، أسمر الوجه ۱ . كان من شجعان الصَّحابة وأبطالهم ونُجَبائهم ۲ . شهد المشاهد كلّها مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله ۳ . وصَفُوه بأنّه مجمع الفضائل والمناقب ، وكان أحد الأركان الأربعة ۴ . وعَدّه رسول اللّه صلى الله عليه و آله أحد الأربعة الَّذين تشتاق إليهم الجنّة ۵ .
ثبت على الصِّراط المستقيم بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وحفظ حقّ الولاية العلويّة ، وأعلن مخالفته للذين بدّلوا ، في مسجد النَّبيّ صلى الله عليه و آله ۶ .
وعُدَّ المِقْدادُ في بعض الرِّوايات أطوع أصحاب الإمام عليه السلام ۷ . وكان من الصَّفوة الَّذين صلّوا على الجثمان الطَّاهر لسَّيِّدة النِّساء فاطمة صلوات اللّه عليها ۸ .
عارض المِقْداد حكومة عثمان ، وأعلن عن معارضته لها من خلال خطبة ألقاها في مسجد المدينة ۹ . وقال : إنّي لأعجب من قريش ، أنّهم تركوا رجلاً ما أقول إنّ أحدا أعلم ولا أقضى منه بالعدل . . أ ما واللّه ، لو أجد عليه أعوانا . . . .
توفّي المِقْداد سنة 33 ه وهو في السَّبعين من عمره ۱۰ .
وكان له نصيب من مال الدُّنيا منذ البداية ، فأوصى للحسن والحسين عليهماالسلام بستّة وثلاثين ألف درهم منه ۱۱ . وهذه الوصيّة دليل على حبّه لأهل البيت عليهم السلام وتكريمه واحترامه لهم عليهم السلام .
في الأمالي للطوسيّ عن عبد الرحمن بن جُنْدُب عن أبيه : لمّا بويع عثمان ، سمعت المِقْداد بن الأسْوَد الكِنْديّ يقول لعبد الرَّحمن بن عَوْف : واللّه ، يا عبد الرَّحمن ، ما رأيت مثل ما اُتي إلى أهل هذا البيت بعد نبيّهم .
فقال له عبد الرَّحمن : وما أنت وذاك يا مقداد ؟
قال : إنّي واللّه ، اُحبّهم لحبّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله ويعتريني واللّه ، وَجدٌ لا أبثّه بثّة ، لتشرّف قريش على النَّاس بشرفهم ، واجتماعهم على نزع سلطان رسول اللّه صلى الله عليه و آله من أيديهم .
فقال له عبد الرَّحمن : ويحك ! واللّه ، لقد اجتهدت نفسي لكم .
فقال له المقداد : واللّه ، لقد تركت رجلاً من الَّذين يأمرون بالحقّ وبه يعدلون ، أما واللّه ، لو أنّ لي على قريش أعوانا لقاتلتهم قتالي إيّاهم يوم بدر واُحد .
فقال له عبد الرَّحمن : ثكلتك اُمّك يا مقداد ! لا يسمعنّ هذا الكلام منك النَّاس ، أما واللّه ، إنّي لخائف أن تكون صاحب فرقةٍ وفتنةٍ .
قال جُنْدُب : فأتيته بعد ما انصرف من مقامه ، فقلت له : يا مِقْداد أنا من أعوانك .
فقال : رحمك اللّه ، إنّ الَّذي نريد لا يغني فيه الرَّجلان والثَّلاثة ، فخرجت من عنده وأتيت عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، فذكرت له ما قال وقلت ، قال : فدعا لنا بخير ۱۲ .
في تاريخ اليعقوبي ـ في ذكر أحداث ما بعد استخلاف عثمان ـ : مال قوم مع عليّ بن أبي طالب ، وتحاملوا في القول على عثمان .
فروى بعضهم قال : دخلت مسجد رسول اللّه ، فرأيت رجلاً جاثيا على ركبتيه ، يتلهّف تلهّف من كأنّ الدُّنيا كانت له فسُلِبَها ، وهو يقول : واعجبا لقريش ! ودفعهم هذا الأمر على أهل بيت نبيّهم ، وفيهم أوّل المؤمنين ، وابن عمّ رسول اللّه ، أعلم الناس وأفقههم في دين اللّه ، وأعظمهم غناءً في الإسلام ، وأبصرهم بالطريق ، وأهداهم للصراط المستقيم .
واللّه ، لقد زوَوْها عن الهادي المهتدي الطَّاهر النَّقيّ ، وما أرادوا إصلاحا للاُمّة ولا صوابا في المذهب ، ولكنّهم آثروا الدُّنيا على الآخرة ، فبُعدا وسُحْقا للقوم الظَّالمين . فدنوت منه فقلت : من أنت يرحمك اللّه ؟ ومن هذا الرَّجل ؟
فقال : أنا المِقْداد بن عمرو ، وهذا الرَّجل عليّ بن أبي طالب .
قال : فقلت : أ لا تقوم بهذا الأمر فاُعينك عليه ؟
فقال : يابن أخي ! إنّ هذا الأمر لا يجري فيه الرَّجل ولا الرَّجلان .
ثمّ خرجت فلقيت أبا ذرّ ، فذكرت له ذلك ، فقال : صدق أخي المقداد . ثمّ أتيت عبد اللّه بن مسعود ، فذكرت ذلك له ، فقال : لقد اُخبرنا فلم نألُ ۱۳ .
1.المستدرك على الصحيحين : ج ۳ ص۳۹۲ ح۵۴۸۴ ، الإصابة : ج ۶ ص۱۶۰ الرقم۸۲۰۱ .
2.حلية الأولياء : ج۱ ص۱۷۲ .
3.المستدرك على الصحيحين : ج ۳ ص۳۹۲ ح۵۴۸۴ ، الطبقات الكبرى : ج۳ ص۱۶۲ ، تهذيب الكمال :ج ۲۸ ص۴۵۳ الرقم۶۱۶۲ .
4.الاختصاص : ص۶ .
5.المعجم الكبير : ج ۶ ص۲۱۵ ح۶۰۴۵ ، حلية الأولياء : ج۱ ص۱۴۲ و ص ۱۹۰ وفيه « إنّ اللّه تعالى يحبّ أربعة من أصحابي » ؛ الخصال : ص۳۰۳ ح۸۰ .
6.الخصال : ص۴۶۳ ح۴ ، الاحتجاج : ج ۱ ص۱۹۴ ح۳۷ ، رجال البرقي : ص۶۴ .
7.رجال الكشّي : ج۱ ص۴۶ الرقم ۲۲ .
8.الخصال : ص۳۶۱ ح۵۰ ، رجال الكشّي : ج۱ ص۳۴ الرقم ۱۳ ، الاختصاص : ص۵ ، تفسير فرات : ج۵۷۰ ص۷۳۳ .
9.تاريخ الطبري : ج۴ ص۲۳۲ و۲۳۳ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۲۲۱ ـ ۲۲۴ ؛ تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص۱۶۳ .
10.المستدرك على الصحيحين : ج ۳ ص۳۹۲ ح۵۴۸۴ ، الطبقات الكبرى : ج۳ ص۱۶۳ ، تهذيب الكمال : ج۲۸ ص۴۵۶ وج۴۵۷ ص۶۱۶۲ ، الاستيعاب : ج۴ ص۴۳ الرقم۲۵۹۰ ، اُسد الغابة : ج ۵ ص۲۴۴ الرقم۵۰۷۶ .
11.تهذيب الكمال : ج ۲۸ ص۴۵۶ الرقم۶۱۶۲ .
12.الأمالي للطوسي : ص۱۹۱ ح۳۲۳ .
13.تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص۱۶۳ .