179
مكاتيب الأئمّة ج3

مكاتيب الأئمّة ج3
178

فكتبَ بها الحجَّاجُ إلى عبدِ المَلكِ ، فكتب عبد الملك بذلك إلى ملك الرُّوم ، فلمَّا قرأه قال :
ما خَرَجَ هذا إلاَّ مِن كلامِ النُّبوَّةِ . ۱

7

كتابُه عليه السلام إلى محمّد بن مسلم الزُّهريّ ۲

في الحثّ على شكر النّعمة :

۰.«كفانا اللّه ُ وإيِّاكَ مِنَ الفِتَنِ ورَحِمَكَ مِنَ النَّارِ ، فَقَد أصبَحتَ بحالٍ ينبغي لِمَن
عرَفَكَ بها أنْ يَرحَمَكَ ، فَقَد أثقَلَتكَ نِعَمُ اللّه ِ بِما أصَحَّ مِن بَدَنِكَ ، وَأَطالَ مِن عُمرِكَ ، وقامَتْ علَيكَ حُجَجُ اللّه ِ بما حمَّلَكَ مِن كتابِه ، وفَقَّهكَ فيهِ مِن دينهِ ، وعَرَّفكَ من
سُنَّةِ نَبيِّهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله ، فَرَضَ ۳ لَكَ في كُلِّ نِعْمَةٍ أنعَمَ بِها عَلَيكَ ، وفي كُلِّ حُجَّةٍ احتَجَّ بِها عَليكَ الفَرضَ بِما قضى .مكاتيب الإمام عليّ بن الحسين
فَما قَضَى إلاَّ ابتلى شُكرَكَ في ذلِكَ ، وأبْدى فيه فَضلَهُ عَلَيكَ ۴ ، فقالَ : «لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ »۵ .
فانظُر أيَّ رَجُلٍ تَكونُ غَداً إذا وَقَفتَ بَينَ يَدَي اللّه ِ ، فَسَألكَ عَن نِعَمِهِ عَلَيكَ كَيفَ رَعَيتَها ، وَعَن حُجَجَهُ عَلَيكَ كَيفَ قَضَيتَها ، ولا تَحسَبَنَّ اللّه َ قابِلاً مِنكَ بالتَّعذيرِ ، ولا رَاضِياً مِنكَ بالتَّقصيرِ ، هيهاتَ هيهاتَ لَيسَ كَذلِكَ ، أخَذَ عَلى العُلماءِ في كتابهِ إذ قالَ : «لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ »۶ .
التّحذيرُ مِنَ الرُّكونِ إلى الظَّلَمة :مكاتيبه
وَاعلَم أنَّ أدنى ما كَتَمتَ وأخَفَّ ما احتَمَلتَ أن آنستَ وَحشَةَ الظَّالِمِ ، وسَهَّلتَ لَهُ طريقَ الغَيَّ بِدُنوِّكَ مِنهُ حِينَ دَنوتَ ، وإجابَتُكَ لَهُ حِينَ دُعيتَ ، فما أخوَفَني أن تَكونَ تَبوءُ بإثمِكَ غَداً مَعَ الخوَنَةِ ، وَأن تُسألَ عَمَّا أخَذْتَ بإعانَتِكَ عَلى ظُلمِ الظَّلَمَةِ ، إنَّكَ أَخذتَ ما لَيسَ لَكَ مِمَّن أَعطاكَ ، ودَنوتَ مِمَّن لَم يَرُدَّ على أحَدٍ حقَّاً ، وَلَم تَرُدَّ باطِلاً حِينَ أَدناكَ .
وَأَحبَبتَ ۷ مَن حادَّ اللّه َ ، أو لَيسَ بِدُعائِهِ إيِّاكَ حِينَ دَعاكَ ، جَعلُوكَ قُطباً أداروا بِكَ رَحَى مَظالِمِهِم ، وَجِسراً يَعبُرونَ عَليكَ إلى بَلاياهُم وَسُلَّماً إلى ضَلالَتِهم ، داعِياً إلى غَيِّهم ، سالِكاً سَبيلَهُم ، يُدخُلُونَ بِكَ الشَّكَّ عَلى العُلماءِ ، وَيقْتادونَ بِكَ قُلوبَ الجُهَّالَ إلَيهِم ، فَلَم يَبلُغ أخَصُّ وُزرائِهِم ، وَلا أقوى أَعوانِهِم إلاَّ دُونَ ما بَلَغتَ مِن إصلاحِ فَسادِهِم واختِلافِ الخاصَّةِ والعامَّةِ إِلَيهِم ، فَما أقلَّ ما أَعطَوكَ في قَدرِ ما أخَذوا مِنكَ ، وما أيسَرَ ما عَمَروا لَكَ ، فَكَيفَ ما خَرَّبوا عَلَيكَ . فانظُر لِنَفسِكَ فإنَّهُ لا يَنظرُ لَها غَيرُكَ ، وحاسِبها حِسابَ رَجُلٍ مَسؤولٍ .
في التّزهيد بالدُّنيا :
وانظُر كَيفَ شُكرُكَ لِمَن غَذَّاك بِنِعَمِهِ صغيراً وكبيراً ، فَما أخوَفَني أنْ تَكونَ كما قالَ اللّه ُ في كتابهِ : «فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأَْدْنَى وَ يَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا»۸ ، إنَّكَ لَستَ في دارِ مُقامٍ ، أنتَ في دارٍ قَد آذنت بِرَحيلٍ ، فما بقاءُ المَرءِ بَعدَ قُرَنائِهِ . طوبى لِمَن كانَ في الدُّنيا عَلى وَجَلٍ ، يا بُؤسَ لِمَن يَموتُ وتَبقى ذُنوبُهُ مِن بَعدِهِ .
احذَر فَقَد نُبِّئتَ ، وبادِر فَقَد اُجِّلتَ ، إنَّكَ تُعامِلُ مَن لا يَجهَلُ ، وإنَّ الَّذي يَحفَظُ عَلَيكَ لا يَغفَلُ ، تَجَهَّز فَقَد دَنا مِنكَ سَفَرٌ بَعيدٌ ، وَداوِ ذَنبَكَ فَقَد دَخَلَهُ سُقْمٌ شَديدٌ .
وَلا تَحسَب أنِّي أرَدتُ توبِيخَكَ وَتعنِيفَكَ ۹ وَتعييرَكَ ، لَكِنِّي أرَدتُ أن يُنعِشَ اللّه ُ ما قد فاتَ مِنَ رَأيِكَ ، ويرُدَّ إلَيكَ ما عَزَبَ ۱۰ من دِينِكِ ، وذَكَرْتُ قَولَ اللّه ِ تَعالى في كتابهِ : «وَ ذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ »۱۱ .
أغفَلْتَ ذِكرَ مَن مَضَى من أسنانِكَ وَأقرانِكَ ، وَبقيتَ بَعدَهُم كَقرنٍ أعْضَبَ ۱۲ .
انظُر هَل ابتلُوا بمِثلِ ما ابتُليتَ ، أَم هَل وقَعوا في مِثلِ ما وَقَعتَ فيهِ ، أم هَل تَراهُم ذَكَرتَ خَيراً أهمَلوهُ ۱۳ ، وعَلِمتَ شيئاً جَهِلوهُ ، بَل حَظِيتَ بِما حَلَّ من حالِكَ في صُدورِ العامَّةِ وكَلَفِهِم بِكَ ، إذ صاروا يقتَدونَ بِرأيِكَ ، وَيعمَلونَ بِأمرِكَ ، إن أحلَلتَ أحلُّوا ، وإن حَرَّمتَ حَرَّموا ، وَلَيسَ ذلِكَ عِندَكَ ، وَلكِن أظهرَهم عَلَيكَ رَغبَتُهُم فيما لَدَيكَ ، ذَهابُ عُلمائِهِم ، وغَلَبةُ الجَهلِ عَلَيكَ وعَلَيهِم ، وحُبُّ الرِّئاسَةِ ، وطَلَبُ الدُّنيا مِنكَ ومِنهُم .
أما ترى ما أنتَ فيهِ مِنَ الجَهلِ والغِرَّةِ ، وما النَّاسُ فيهِ مِنَ البلاءِ والفِتنَةِ ، قد ابتلَيتَهُم وفَتنتَهُم بالشُّغلِ عَن مَكاسِبِهم مِمَّا رَأَوا ، فتاقَت نُفوسُهُم إلى أنْ يبلَغوا مِنَ العِلمِ ما بلَغْتَ ، أو يُدركوا بِهِ مِثلَ الذي أدرَكتَ ، فوقَعوا مِنكَ في بَحرٍ لا يُدرَكُ عُمقُهُ ، وفي بلاءٍ لا يُقدَّرُ قَدرُهُ ، فاللّه ُ لنا ولَكَ وَهُو المُستعانُ .
في الحثِّ على ترك ما هو فيه وتوبيخه على رغبته في الدّنيا :
أمَّا بَعدُ ؛ فَأعرِض عَن كُلِّ ما أنتَ فيهِ حَتَّى تَلحَقُ بالصَّالِحينَ ، الَّذين دُفِنوا في أسمالِهم ۱۴ ، لاصِقة بُطونُهم بِظُهورِهِم ، ليسَ بَينَهم وبينَ اللّه ِ حِجابٌ ، ولا تَفْتِنُهُم الدُّنيا ، ولا يُفتَنون بِها ، رَغَبوا فطَلَبوا فَما لَبِثوا أنْ لَحِقوا ، فإذا كانت الدُّنيا تَبلُغُ مِن مِثلِكَ هذا المبلَغِ معَ كِبَرِ سِنِّكَ ، وَرُسوخِ علمِكَ ، وَحُضور أجلِكَ ، فَكَيفَ يَسْلَم الحدَثُ في سِنِّهِ ، الجاهِلُ في علمِهِ ، المأفُونُ في رأيهِ ۱۵ ، المدخولُ في عَقلِهِ ؛ إنَّا للّه ِ وإنَّا إليهِ راجِعونَ ، على مَنِ المُعَوَّلُ ۱۶ ؟ وعِندَ مَنِ المُستَعتَبُ؟ نَشكو إلى اللّه ِ بَثَّنا وما نرى فيكَ ، وَنَحتَسِبُ عِندَ اللّه ِ مُصيبَتَنا بِكَ .
فانظُر كيفَ شُكرُكَ لِمَن غَذَّاكَ بِنِعَمهِ صغيراً وكبيراً ، وكيفَ إعظامُكَ لِمَن جَعَلَكَ بِدينهِ في النَّاسِ جَميلاً ، وكيف صيانَتُك لكِسوَةِ مَن جَعلَكَ بِكِسوتِهِ فِي النَّاسِ ستِيراً ، وكَيفَ قرْبُكَ أو بُعدكَ مِمَّن أمرَكَ أنْ تكونَ مِنهُ قريباً ذليلاً .
ما لَكَ لا تنْتَبهُ مِن نَعْستِكَ ، وتَستقِيلُ من عَثْرَتِكَ فتقولُ : واللّه ِ ما قُمتُ للّه ِ مَقاماً واحداً أحييْتُ بهِ لَهُ ديناً أو أمَتُّ لَهُ فيهِ باطِلاً ، فَهذا شكرُكَ مَنِ استَحمَلَكَ ۱۷ . ما أخوَفَني أن تكونَ كَمَن قالَ اللّه ُ تَعالى في كتابِهِ : «أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَ اتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا »۱۸
، استحمَلَكَ كتابَهُ واستَودَعَكَ عِلمَهُ فأضعْتَها ، فنحمِدُ اللّه َ الَّذي عافانا مِمَّا ابتلاكَ بِهِ وَالسَّلامُ» . ۱۹

1.المناقب لابن شهر آشوب : ج ۴ ص ۱۶۱ ، بحار الأنوار : ج ۴۶ ص ۱۳۲.

2.محمّد بن مسلم محمّد بن مسلم بن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن شهاب الزُّهري على ما يظهر من كتب التَّراجم . من المنحرفين عن أمير المؤمنين وأبنائه : ، كان أبوه مسلم مع مصعب بن الزُّبير ، وجدّه عبيد اللّه مع المشركين يوم بدْر ، وهو لم يزل عاملاً لبني مروان ، ويتقلّب في دنياهم ، جعله هشام بن عبد الملك معلِّم أولاده ، وأمره أنْ يملي على أولاده أحاديث ، فأملى عليهم أربعمائة حديثا . وأنت خبير بأنّ الذى خدم بني أميَّة منذ خمسين سنة ما مبلغ علمه ، وماذا حديثه ، ومعلوم أنَّ كلّ ما أملى من هذه الأحاديث هو ما يروق القوم ، ولا يكون فيه شيء من فضل عليّ عليه السلام وولده ، ومن هنا أطراه علماؤهم ورفعوه فوق منزلته بحيث تعجّب ابن حجر من كثرة ما نشره من العلم . وروى ابن أبي الحديد في شرح النّهج : وكان الزُّهريّ من المنحرفين عن (أمير المؤمنين) عليه السلام . وروى عن جرير بن عبد الحميد ، عن محمّد بن شيبة ، قال : شهدت مسجد المدينة ، فإذا الزُّهريّ وعُروة بن الزُّبير جالسان يذكران عليّاً عليه السلام ، فنالا منه ، فبلغ ذلك عليّ بن الحسين عليهماالسلام ؛ فجاء حتَّى وقف عليهما ، فقال : أمَّا أنت يا عروة ، فإن أبي حاكم أباك إلى اللّه ، فحكَم لأبي على أبيك ، وأمّا أنت يا زهريّ ، فلو كنت بمكَّة لأَريَتُك كِيرَ أبيك . (ج : ۴ ص ۱۰۲) . وفي رجال الطوسي : محمّد بن مسلم الزُّهريّ المدنيّ ، تابعيّ ، وهو محمّد بن مسلم بن عبيداللّه بن عبد اللّه بن الحارث بن شهاب بن زهرة بن كلاب ، ولد سنة اثنتين وخمسين ، ومات سنة أربع وعشرين ومائة ، وله اثنتان وسبعون سنة ، وقيل : سبعون سنة . (ص ۲۹۴ الرقم۳۱۷) . وفي رجال ابن داود : محمّد بن مسلم الزُّهري تابعيّ مهمل . (ص۱۸۴ الرقم۱۵۰۶) . وفي نقد الرّجال : محمّد بن مسلم الزُّهري : المدنيّ ، تابعيّ ، وهو محمّد بن مسلم بن عبيداللّه بن عبد اللّه بن الحارث بن شهاب بن زهرة بن كلاب ، ولد سنة اثنتين وخمسين ، ومات سنة أربع وعشرين ومائة وله اثنتان وسبعون سنة ، من أصحاب الصّادق عليه السلام ، رجال الشيخ . وكأنه هو المذكور بعنوان : محمد بن شهاب الزُّهريّ . (ج : ۴ ص ۳۲۴ الرقم۵۰۷۷) . وفي خلاصة الأقوال : محمّد بن شهاب الزُّهريّ ، من أصحاب عليّ بن الحسين عليهماالسلام ، عدّو . (ص۳۹۲) . وفي ميزان الاعتدال : محمّد بن مسلم الزُّهريّ الحافظ الحجة . كان يدلس في النادر . ( ج ۴ ص ۴۰ الرقم ۸۱۷۱) . وقال في معجم رجال الحديث : محمّد بن مسلم الزُّهريّ المدنيّ : تابعيّ ، وهو محمّد بن مسلم بن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن الحارث بن شهاب بن زيرة بن كلاب ، ولد سنة اثنتين وخمسين ، ومات سنة أربع وعشرين ومائة ، وله اثنتان وسبعون سنة ، وقيل سبعون سنة ، من أصحاب الصادق عليه السلام . روى الزُّهريّ ، عن عليّ بن الحسين عليهماالسلام ، واسمه محمّد بن مسلم بن شهاب ، ذكره الصَّدوق في المشيخة في طريقه إلى الزُّهريّ ، وتقدّم الكلام في ترجمته بعنوان محمّد بن شهاب الزُّهريّ . (ج : ۱۷ ص ۲۵۷ الرقم۱۱۷۸۶) . وقال ايضا : محمّد بن شهاب الزُّهريّ = محمّد بن مسلم بن شهاب : عدّه ، من أصحاب السّجاد عليه السلام ، رجال الشّيخ . وعدّ البرقيّ محمّد بن شهاب ، من أصحاب عليّ بن الحسين عليهماالسلام . أقول : هو محمّد بن مسلم الزُّهري الآتي ، فإنَّ شهاب جدّ محمّد بن مسلم ، كما صرَّح به الصَّدوق في طريقه إلى الزُّهريّ ، حيث قال : وما كان فيه عن الزُّهريّ : فقد رويته عن أبي( رضى الله عنه) ، عن سعد بن عبد اللّه ، عن القاسم بن محمّد الإصبهانيّ ، عن سليمان بن داود المنقريّ ، عن سفيان بن عيينة ، عن الزُّهريّ ، واسمه محمّد بن مسلم بن شهاب ، عن عليّ بن الحسين عليه السلام . قال ابن شهر آشوب : وكان الزُّهريّ عاملاً لبني أُميّة فعاقب رجلاً ، فمات الرّجل في العقوبة ، فخرج هائماً وتوحّش ، ودخل إلى غار ، فطال مقامه تسع سنين . قال : وحجّ عليّ بن الحسين عليه السلام فأتاه الزُّهريّ ، فقال له عليّ بن الحسين عليه السلام : إنِّي أخاف عليك من قنوطك ما لا أخاف عليك من ذنبك ، فابعث بديَّةِ مسَلَمة إلى أهلِهِ ، واخرج إلى أهلِكَ ومعالِمِ دينِكَ ، فقال له : فَرّجتَ عنّي يا سيِّدي «اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ» ورجع إلى بيته ولزم عليّ بن الحسين عليهماالسلام ، وكان يُعَدّ من أصحابِه ، ولذلِكَ قال لَهُ بعضُ بني مروان : يا زهريّ ما فعل نبيُّك؟ يعني (عليّ بن الحسين) عليه السلام .. . أقول : الزُّهري وإنْ كان من علماء العامّة ، إلاّ أنّه يظهرُ من هذه الرّوايةِ وغيرِها ، أنّه كانَ يُحِبّ عليَّ بن الحسين عليه السلام ويعظِّمه . وقد روى الصدوق باسناده ، عن عمران بن سليم ، قال : كان الزُّهريّ إذا حدَّث عن عليّ بن الحسين عليهماالسلام ، قال : حدّثني زين العابدين عليّ بن الحسين ، فقال له سفيان بن عُيينة : ولم تقول له زين العابدين؟ قال : لأنّي سمعت سعيد بن المسيب يحدّث عن ابن عبّاس أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، قال : إذا كان يوم القيامة ينادي مناد أين زين العابدين؟ فكأنّي أنظر إلى ولديّ عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب يخطو بين الصُّفوف .. . وروى باسناده ، عن سفيان بن عيينة ، قال : قيل للزُّهريّ : من أزهد النّاس في الدُّنيا؟ قال : عليّ بن الحسين عليهماالسلام . . . وعنه ، قال : قلت للزُّهريّ : لقيت عليّ بن الحسين عليه السلام ؟ قال : نعم ، لقيته وما لقيت أحداً أفضل منه .. . وعنه قال : رأى الزُّهريّ عليّ بن الحسين عليه السلام ليلة باردة مطيرة ، وعلى ظهره دقيق وحطب ، وهو يمشي ، فقال له : يا بن رسول اللّه ما هذا؟ فقال عليه السلام : أريد سفراً أُعدّ له زاداً أحمله إلى موضع حريض . فقال الزُّهريّ : وهذا غلامي يحمله عنك ، فأبى ، قال : أنا أحمله عنك فإنّي أرفعك عن حمله ، فقال عليّ بن الحسين : لكنّي لا أرفع نفسي عمّا تنجيني في سفري ـ إلى أن قال ـ : قال له : يا بن رسول اللّه ، لست أدري لذلك السّفر الّذي ذكرته أثراً ، قال : بلى يا زهريّ ، ليس ما ظننت ، ولكنّه الموت ، وله كنت أستعدُّ ، إنّما الاستعداد للموت تجنب الحرام ، وبذل النّدى والخير . وللزهريّ عدّة روايات مذكورة في الكافي ، والفقيه ، والتهذيب . وبما ذكرنا يظهر أنّ نسبة العداوة إليه على ما ذكره الشّيخ لم تثبت ، بل الظّاهر عدم صحَّتها . بقي هنا شيء ، وهو أنّ ابن داود ذكر مسلم بن شهاب الزُّهريّ من القسم الأوّل ، قال : أحد أئمّة الحديث ( بن ـ جخ) يكنّى أبا بكر ، وما ذكره سهو جزماً ، فإنّ الزُّهريّ اسمه محمّد بن مسلم بن شهاب على ما عرفت من الصَّدوق ، وكذلك صرَّح به في بعض نسخ الكافي . فقد روى محمّد بن يعقوب باسناده ، عن معمر بن راشد ، عن الزُّهريّ محمّد بن مسلم بن شهاب ، قال : سئل عليّ بن الحسين عليه السلام ، أيّ الأعمال أفضل عند اللّه عزّوجلّ .. . و فيه محمّد بن مسلم بن عبيد اللّه .. . (ج ۱۶ ص ۱۸۱ الرقم۱۰۹۶۰) .. .

3.في المصدر : «فرضي» والتصويب من بحار الأنوار .

4.في بعض النسخ : «فرض لك في كلّ نعمة أنعم بها عليك ، وفي كلّ حجّة احتجّ بها عليك الفرض ، فما قضى إلاّ ابتلى شكرك .. . » .

5.إبراهيم : ۷ .

6.آل عمران : ۱۸۷ .

7.في بعض النسخ : «وأجبت» بدل «وأحببت» .

8.الأعراف : ۱۶۹ .

9.عنّفه : لامه وعتب عليه ولم يرفق به ، وينعش اللّه ما فات أي يجبر ويتدارك .

10.عزب : بَعُدَ .

11.الذاريات : ۵۵ .

12.العضباء : الشّاة المكسورة القرن .

13.في بعض النسخ : «أم هل ترى ذكرت خيراً علموه وعملت شيئاً جهلوه» ، وفى بعضها«أم هل تراه ذكراً خيراً عملوه ، وعملت شيئاً جهلوه» .

14.الأسمال ـ جمع سمل بالتحريك ـ : الثوب الخلق البالي .

15.المأفون : الّذي ضعف رأيه ، والمدخول في عقله : الّذي دخل في عقله الفساد .

16.المعوّل : المعتمد والمستغاث ، واستعتبه : استرضاه ، والبث : الحال ، الشتات ، أشدّ الحزن .

17.استحملك : سألك أنْ يحمل . وفي بعض النسخ «من استعملك» بدل «من استحملك» ، أي سألك أنْ يعمل .

18.مريم : ۵۹ .

19.تحف العقول : ص ۲۷۴ ، بحار الأنوار : ج ۷۸ ص ۱۳۲ ح ۲ .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج3
    المساعدون :
    الفرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 60259
الصفحه من 340
طباعه  ارسل الي