97
مكاتيب الأئمّة ج3

وقال الكِشّيّ : رُوي أنَّ مروان بن الحَكَم كَتَبَ إلى مُعاوِيَةَ ، وَهُو عامِلُهُ عَلى المَدينَةِ :
أمَّا بعدُ ؛ فإنَّ عمرو بن عثمان ذكر أنَّ رجلاً من أهل العراق ، ووجوه أهل الحجاز يختلفون إلى الحسين بن عليّ ، وذكر أنَّه لا يأمنُ وثوبَهُ ، وقد بحثت عن ذلك ، فبلغني أنَّه يريد الخلاف يومَه هذا ، ولستُ آمن أن يكون هذا أيضاً لما بعده ، فاكتب إليَّ برأيك في هذا ، والسَّلام .
فكتب إليه معاوية : أمَّا بعدُ ، فقد بلغني كتابُك وفهِمتُ ما ذكرت فيه من أمر الحُسينِ ، فإيَّاكَ أنْ تعرِضَ للحسينِ في شيءٍ ، واترك حُسيناً ما تركَكَ ، فإنَّا لا نُريدُ أنْ تعرِضَ لَهُ في شيءٍ ما وفى ببيعتنا ، ولم يَنْزُ ۱ على سلطاننا ۲ ، فاكمن عنه ما لم يبد لك صفحته ۳ ، والسَّلام .
وكتب معاوية إلى الحسين بن عليّ عليه السلام :
أمَّا بعدُ ؛ فقد انتهت ۴ إليَّ أُمور عنك ، إنْ كانت حقَّاً فقد أظنُّكَ تَرَكتَها رغبَةً فَدَعها ، ولَعَمْرُ اللّه ِ ، إنَّ مَن أعطى اللّه َ عَهدَهُ وميثاقَهُ لَجَديرٌ بالوَفاءِ ، وإن كانَ الَّذي بَلَغَني باطِلاً ، فإنَّك أنت أعذلُ النَّاسِ لِذلِكَ ، وَعظَ نَفَسِكَ فَاذكُرهُ ، ولِعَهدِ اللّه ِ أوفِ ، فإنَّك متى ما أُنكِركَ تُنكِرني ، ومتى أكدِك تَكِدني ، فاتَّق شَقَّكَ عصا هذِهِ الأُمَّةِ ، وأن يَرُدَّهُم اللّه ُ عَلى يَدَيكَ في فِتنَةٍ ، وَقَد عَرَفتَ النَّاسَ وبَلَوتَهُم ، فَانظُر لِنَفسِكَ وَلِدينِكَ وَلِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله ، ولا يُسخِفَنَّكَ السُّفهاءُ وَالَّذينَ لا يَعلَمونَ .
فَلَمَّا وصلَ الكتابُ إلى الحُسينِ عليه السلام كتبَ إليهِ : . . . ۵

1.ينزو : بفتح حرف المضارعة واسكان النّون وضم الزّاء ، من نزا على الشّيء ينزو ، نزوا ونزوانا : أي وثب وثوبا ووثبانا ، وقلب فلان ينزو إلى كذا ينازع ويتوق إليه ، والتّنزي التّوثب والتّسرع . وفي مجمل اللغة : التنزي تسرع الإنسان إلى الشّرّ ، وما نزاك على كذا أي ما حملك عليه ، يقال : بالتّشديد وبالتّخفيف ، ورجل منزو بكذا مولع به . يُقال : نزوتُ على الشّيء أنزو نزوا ، إذا وثبتُ عليه ، وقد يكون في الأجسام والمعاني (النهاية : ج ۵ ص ۴۴) .

2.وفي نسخة : «ولم ينازعنا سلطاننا» .

3.قوله : «فاكمن عنه ما لم يبد لك صفحته» ؛ من كمن له كموناً ، بمعنى تواري واستخفي . قال في المغرب : ومنه الكمين من حيل الحرب ، وهو أن يستخفوا في مكمن لا يفطن لهم ، وكمن عنه كموناً ، أي اختفي . وفي القاموس : إنَّ الفعل منه من بابي نصر وسمع ، ويقال : في المشهور من بابي ضرب ونصر .

4.في المصدر : «انتهيت» ، وما أثبتناه هو الصحيح .

5.رجال الكشّي : ج ۱ ص ۲۵۰ الرقم ۹۷ ـ ۹۹ .


مكاتيب الأئمّة ج3
96

لومه على قتل الحضرمي

۰.أوَ لَستَ قاتِلَ الحَضرَميِّ الَّذي كَتَبَ إلَيكَ فيهِ زِيادٌ أنَّهُ علَى دِينِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللّه ُ وَجهَهُ ، وَدِينُ عَليٍّ هُو دِينُ ابنِ عَمِّهِ صلى الله عليه و آله ، الَّذي أجلَسَكَ مَجلِسَكَ الَّذي أَنتَ فيهِ ، وَلَولا ذلِكَ كانَ أَفضَلَ شَرَفِكَ وَشَرَفِ آبائِكَ تَجَشُّمُ الرِّحلَتَينِ : رِحلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيفِ ، فَوَضَعَها اللّه ُ عَنكُم بِنا ، مِنَّةً عَلَيكُم .
وَقُلتَ فِيما قُلتَ : لا تُردُّ هذه الأُمَّةُ في فِتنَةٍ ، وَإنِّي لا أعلَمُ لَها فِتنَةً أعظَمَ مِن إمارَتِكَ عَليها .
وَقُلتَ فيما قُلتَ : انظر لِنَفسِكَ وَلِدينِكَ وَلأُمَّةِ مُحَمَّدٍ ، وَإنِّي واللّه ِ ، ما أَعرِفُ أفضَلَ مِن جِهادِكَ ، فَإن أَفعَلْ فَإنَّهُ قُربَةٌ إلى رَبِّي ، وَإنْ لَم أَفعَلهُ فَأَستَغفِرُ اللّه َ لِديني ، وَأَسأَ لُهُ التَّوفيقَ لِما يُحِبُّ وَيَرضى .

في عدم الاكتراث بتهديده

۰.وَقُلتَ فيما قُلتَ : مَتى تَكدِني أَكِدكَ ، فَكدِني يا مُعاوِيَةُ فيما بَدا لَكَ ، فَلَعَمْرِي لَقَديماً يُكادُ الصَّالِحونَ ، وَإنِّي لَأَرجو أنْ لا تَضِرَّ إلاَّ نفسَكَ ، وَلا تَمحَقَ إلاَّ عَمَلَكَ ، فَكدِني ما بَدا لَكَ .

أمره بالتقوى وتحذيره من الحساب

۰.واتَّقِ اللّه َ يا مُعاوِيَةُ ، واعلَم أنَّ لِلّهِ كتاباً لا يُغادِرُ صَغيرةً ولا كَبيرَةً إلاَّ أحصاها .
وَاعلَم أنَّ اللّه َ لَيسَ بناسٍ لَكَ قَتلَكَ بالظّنَّةِ ، وَأخذَكَ بالتُّهمَةِ ، وإمارَتَكَ صَبيّاً يَشرَبُ الشَّرابَ ، وَيَلعَبُ بالكِلابِ ، ما أَراكَ إلاَّ وَقَد أَوبَقتَ ۱ نَفسَكَ ، وَأَهلَكتَ
دينَكَ ، وَأَضَعتَ الرَّعِيَّةَ ، والسَّلام . ۲

1.وَبَقَ : هلك ، ويتعدّى بالهمزة ، فيقال : أوبقته (المصباح المنير : ص ۶۴۶) .

2.الإمامة والسّياسة : ج ۱ ص ۲۰۲.

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج3
    المساعدون :
    الفرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 59128
الصفحه من 340
طباعه  ارسل الي