227
مكاتيب الأئمّة ج4

خاطَبَهُم الجاهِلونَ قالوا سَلاماً ، وَيَبيتونَ لِرَبِّهِم سُجَّداً وَقِياماً .
قال : يابنَ رَسولِ اللّهِ ، فَكَيفَ بِالمُتَشيّعينَ بِألسِنَتِهِم وَقُلوبُهُم على خِلافِ ذلِكَ ؟ فقال :
التّمحيصُ يأتي عَلَيهِم بِسِنينَ تُفنيهِم ، وَضغائِنَ تُبيدُهُم ، وَاختِلافٍ يَقتُلُهُم ، أما وَالّذي نَصَرَنا بأيِدي مَلائِكَتِهِ ، لا يَقتُلُهُم اللّهُ إلاّ بِأيديهِم ، فَعَلَيكُم بالإقرارِ إذا حَدَّثتُم ، وَبِالتَّصديقِ إذا رَأيتُم ، وَتَركِ الخُصومَةِ فإنَّها تُقصيكُم ، وَإيّاكُم أن يَبعَثَكُم قَبلَ وَقتِ الأجَلِ فَتُطَلُّ دِماؤكُم ، وَتَذهَبُ أنفُسُكُم ، وَيَذُمُّكُم مَن يأتي بَعدَكُم ، وَتصيروا عِبرَةً لِلنّاظرينَ .
وَإنَّ أحسَنَ النّاسِ فِعلاً مَن فارَقَ أهلَ الدُّنيا مِن والدٍ وَوَلَدٍ ، وَوالى وَوَازَرَ وَناصَحَ وكافَا إخوانَهُ في اللّهِ وَإن كانَ حَبَشِيّاً أو زِنجيِّاً ، وإن كان لا يُبعثُ مِنَ المُؤمنين أسوَدَ ، بَل يَرجِعونَ كأنَّهُم البَرَدُ قَد غُسِلوا بِماءِ الجِنانِ ، وَأصابوا النّعيمَ المُقيمَ ، وَجالَسوا المَلائِكَةَ المُقرَّبينَ ، وَرَافَقوا الأنبياءَ المُرسلينَ .
وَلَيسَ مِن عَبدٍ أكرَمَ على اللّهِ مِن عَبدٍ شُرِّدَ وَطُرِّدَ في اللّهِ حَتّى يَلقى اللّهَ على ذلِكَ .
شيعَتُنا المُنذِرونَ في الأرضِ ، سُرُجٌ وَعَلاماتٌ وَنورٌ لِمَن طَلَبَ ما طَلَبوا ، وَقادَةٌ لأهلِ طاعَةِ اللّهِ ، شُهَداءُ على مَن خالَفَهُم مِمّن ادّعى دَعواهُم ، سَكَنٌ لِمَن أتاهُم ، لُطَفاءُ بِمَن وَالاهُم ، سُمَحاءُ ، أعِفّاءُ ، رُحَماءُ ، فذلِكَ صِفَتُهُم في التَّوراةِ وَالإنجيلِ وَالقُرآنِ العظيمِ .
إنَّ الرَّجُلَ العالِمَ مِن شيعَتِنا إذا حَفِظَ لِسانَهُ وَطابَ نفساً بِطاعَةِ أوليائِهِ ، وَأضمَرَ المُكايَدَةَ لِعَدُوِّهِ بِقَلبِهِ ، وَيَغدو حينَ يَغدو وَهُوَ عارِفٌ بِعيُوبِهِم ، وَلا يُبدي ما في نَفسِهِ لَهُم ، يَنظُرُ بِعَينِهِ إلى أعمالِهِم الرَّدِيَّةِ ، وَيَسمَعُ بِأُذنِهِ مَساويهِم ، وَيَدعو بِلِسانِهِ عَلَيهِم ، مُبغِضوهُم أولياؤُهُ وَمُحبّوهُم أعداؤُهُ .
فَقال لَهُ رَجُلٌ : بأبي أنتَ وَأُمّي، فَما ثَوابُ مَن وَصَفتَ إذا كانَ يُصبِحُ آمِناً وَيُمسي آمِناً وَيَبيتُ مَحفوظاً ، فَما مَنزِلَتُهُ وَثَوابُهُ ؟ فقالَ :


مكاتيب الأئمّة ج4
226

73

وصيّته عليه السلام إلى بعض من شيعته

في مكارم الأخلاق

۰.عن أبي جعفر محمّد بن عليّ أنّه أوصى بعض شيعته فقال :يا مَعشَرَ شيعَتِنا ، اسمَعوا وَافهَموا وَصايانا وَعَهدِنا إلى أوليائِنا ، اصدُقوا في قولِكُم وَبِرّوا في أيمانِكُم لِأوليائِكُم وَأعدائِكُم ، وَتَواسَوا بِأموالِكُم ، وَتَحابوا بِقُلوبِكُم ، وَتَصَدَّقوا عَلى فُقَرائِكُم ، وَاجتَمِعوا على أمرِكُم ، وَلا تُدخِلوا غِشّاً ولا خِيانَةً على أحَدٍ ، وَلا تَشُكّوا بَعدَ اليَقينِ وَلا تَرجِعوا بَعدَ الإقدامِ جُبناً ، وَلا يُوَلِّ أحَدٌ مِنكُم أهلَ مَوَدَّتِهِ قَفاهُ ، وَلا تَكونَنَّ شَهوَتُكُم في مَوَدَّةِ غَيرِكُم ، وَلا مَوَدَّتُكُم فيما سِواكُم ، وَلا عَمَلُكُم لِغَيرِ رَبِّكُم ، وَلا إيمانُكُم وَقَصدُكُم لِغَيرِ نَبِيّكُم .
وَاستَعينوا بِاللّهِ وَاصبِروا ، إنّ الأرضَ للّهِِ ، يُورِثُها مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ وَالعاقِبَةُ لِلمُتَّقينَ ، وَإنَّ الأرضَ للّهِِ يُورِثُها عِبادَهُ الصّالِحينَ . ثمّ قال :
إنَّ أولياءَ اللّهِ وَأولِياءَ رَسولِهِ مِن شيعَتِنا ، مَن إذا قالَ صَدَقَ ، وإذا وَعَدَ وَفى ، وَإذا ائتُمِنَ أدَّى ، وإذا حُمِّلَ في الحَقِّ احتَمَلَ ، وإذا سُئِلَ الواجِبَ أعطى ، وإذا أُمِرَ بالحَقِّ فَعَلَ .
شيعَتُنا مَن لا يَعدو عِلمُهُ سَمعَهُ .
شيعَتُنا مَن لا يَمدَحُ لنا مُعيباً ، وَلا يُواصِلُ لنا مُبغِضاً ، وَلا يُجالِس لَنا قالِياً ، إن لَقِيَ مُؤمِناً أكرَمَهُ ، وإن لَقِيَ جاهِلاً هَجَرَهُ .
شيعَتُنا مَن لا يَهِرُّ هريرَ الكَلبِ ، وَلا يَطمَعُ طَمَعَ الغُرابِ ، وَلا يَسألُ أحَداً إلاّ مِن إخوانِهِ وإن ماتَ جوعاً .
شيعَتُنا مَن قالَ بِقَولِنا ، وَفارَقَ أحِبَّتَهُ فينا ، وَأدنى البُعَدَاءَ في حُبِّنا ، وأبعَدَ القُرباءَ في بُغضِنا .
فقالَ لَهُ رجل ممّن شهد : جُعلِتُ فِداكَ ، أينَ يُوجَدُ مِثلُ هؤلاءِ ؟ فقال :
في أطرافِ الأرَضَينَ ، أُولئِكَ الخَفيضُ عَيشُهُم ، القَريرَةُ أعيُنُهُم ، إن شَهِدوا لَم يُعرفوا ، وَإن غابوا لَم يُفتَقَدوا، وَإن مَرِضوا لَم يُعادوا ، وَإن خَطَبوا لَم يُزَوَّجوا ، وَإن وَرَدوا طريقاً تَنَكّبوا ، وِإذا

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج4
    المساعدون :
    الفرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 96426
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي