649
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام

الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
648

7 / 22

خَبَرُ شَهادَةِ مُسلِمِ بنِ عَقيلٍ‏

۶۹۰.الإرشاد عن عبد اللَّه بن سليمان والمنذر بن المشمعلّ الأسديّين : لَمّا قَضَينا حَجَّنا ، لَم تَكُن لَنا هِمَّةٌ إلَّا اللَّحاقَ بِالحُسَينِ عليه السلام فِي الطَّريقِ ، لِنَنظُرَ ما يَكونُ مِن أمرِهِ ، فَأَقبَلنا تُرقِلُ ۱ بِنا نِياقُنا مُسرعَينِ حَتّى‏ لَحِقنا بِزَرودَ ، فَلَمّا دَنَونا مِنهُ ، إذا نَحنُ بِرَجُلٍ مِن أهلِ الكوفَةِ قَد عَدَلَ عَنِ الطَّريقِ حينَ رَأَى الحُسَينَ عليه السلام ، فَوَقَفَ الحُسَينُ عليه السلام كَأَنَّهُ يُريدُهُ ، ثُمَّ تَرَكَهُ ومَضى‏ ، ومَضَينا نَحوَهُ .
فَقالَ أحَدُنا لِصاحِبِهِ : اِذهَب بِنا إلى‏ هذا لِنَسأَلَهُ ، فَإِنَّ عِندَهُ خَبَرَ الكوفَةِ ، فَمَضَينا حَتَّى انتَهَينا إلَيهِ ، فَقُلنا : السَّلامُ عَلَيكَ ، فَقالَ : وعَلَيكُمُ السَّلامُ ، قُلنا : مِمَّنِ الرَّجُلُ ؟ قالَ : أسَدِيٌّ ، قُلنا : ونَحنُ أسَدِيّانِ ، فَمَن أنتَ ؟ قالَ : أنَا بَكرُ بنُ فُلانٍ ، وَانتَسَبنا لَهُ ثُمَّ قُلنا لَهُ : أخبِرنا عَنِ النّاسِ وَراءَكَ .
قالَ : نَعَم ، لَم أخرُج مِنَ الكوفَةِ حَتّى‏ قُتِلَ مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ ، وهانِئُ بنُ عُروَةَ ، ورَأَيتُهُما يُجَرّانِ بِأَرجُلِهِما فِي السّوقِ .
فَأَقبَلنا حَتّى‏ لَحِقنَا الحُسَينَ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيهِ ، فَسايَرناهُ حَتّى‏ نَزَلَ الثَّعلَبِيَّةَ مُمسِياً ، فَجِئناهُ حينَ نَزَلَ ، فَسَلَّمنا عَلَيهِ فَرَدَّ عَلَينَا السَّلامَ ، فَقُلنا لَهُ : رَحِمَكَ اللَّهُ ! إنَّ عِندَنا خَبَراً ، إن شِئتَ حَدَّثناكَ عَلانِيَةً وإن شِئتَ سِرّاً ، فَنَظَرَ إلَينا وإلى‏ أصحابِهِ ، ثُمَّ قالَ : ما دونَ هؤُلاءِ سِترٌ .
فَقُلنا لَهُ : رَأَيتَ الرّاكِبَ الَّذِي استَقبَلتَهُ عَشِيَّ أمسِ ؟ قالَ : نَعَم ، وقَد أرَدتُ مَسأَلَتَهُ ، فَقُلنا : قَد وَاللَّهِ استَبرَأنا لَكَ خَبَرَهُ ، وكَفَيناكَ مَسأَلَتَهُ ، وهُوَ امرُؤٌ مِنّا ذو رَأيٍ وصِدقٍ وعَقلٍ ، وإنَّهُ حَدَّثَنا أنَّهُ لَم يَخرُج مِنَ الكوفَةِ حَتّى‏ قُتِلَ مُسلِمٌ وهانِئٌ ، ورَآهُما يُجَرّانِ فِي السّوقِ بِأَرجُلِهِما .
فَقالَ : (إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّآ إِلَيْهِ رَ جِعُونَ)۲ رَحمَةُ اللَّهِ عَلَيهِما ! يُكَرِّرُ ذلِكَ مِراراً ، فَقُلنا لَهُ : نَنشُدُكَ اللَّهَ في نَفسِكَ وأهلِ بَيتِكَ ، إلَّا انصَرَفتَ مِن مَكانِكَ هذا ، فَإِنَّهُ لَيسَ لَكَ بِالكوفَةِ ناصِرٌ ولا شيعَةٌ ، بَل نَتَخَوَّفُ أن يَكونوا عَلَيكَ .
فَنَظَرَ إلى‏ بَني عَقيلٍ ، فَقالَ : ما تَرَونَ ؟ فَقَد قُتِلَ مُسلِمٌ؟ فَقالوا : وَاللَّهِ لا نَرجِعُ حَتّى‏ نُصيبَ ثَأرَنا ، أو نَذوقَ ما ذاقَ .
فَأَقبَلَ عَلَينَا الحُسَينُ عليه السلام وقالَ : لا خَيرَ فِي العَيشِ بَعدَ هؤُلاءِ . فَعَلِمنا أنَّهُ قَد عَزَمَ رَأيَهُ عَلَى المَسيرِ ، فَقُلنا لَهُ : خارَ اللَّهُ لَكَ ! فَقالَ : رَحِمَكُمَا اللَّهُ !
فَقالَ لَهُ أصحابُهُ : إنَّكَ وَاللَّهِ ما أنتَ مِثلَ مُسلِمِ بنِ عَقيلٍ ، ولَو قَدِمتَ الكوفَةَ لَكانَ النّاسُ إلَيكَ أسرَعَ . فَسَكَتَ ثُمَّ انتَظَرَ حَتّى‏ إذا كانَ السَّحَرُ قالَ لِفِتيانِهِ وغِلمانِهِ : أكثِروا مِنَ الماءِ . فَاستَقَوا وأكثَروا ثُمَّ ارتَحَلوا ، فَسارَ حَتَّى انتَهى‏ إلى‏ زُبالَةَ ۳ . ۴

1.أرقَلَ : أسرع (القاموس المحيط : ج ۳ ص ۳۸۶ «رقلة») .

2.البقرة : ۱۵۶ .

3.زُبَالَة : منزل معروف بطريق مكّة من الكوفة (معجم البلدان : ج ۳ ص ۱۲۹) وراجع : الخريطة رقم ۳ في آخر الكتاب .

4.الإرشاد : ج ۲ ص ۷۳ ، روضة الواعظين : ص ۱۹۷ نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۷۲ ؛ تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۹۷ عن عبد اللَّه بن سليم والمذري بن المشمعل الأسديّين ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۲۸ نحوه وراجع : إعلام الورى : ج ۱ ص ۴۴۷، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۴۹، مقاتل الطالبيّين : ص ۱۱۱ .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
عدد المشاهدين : 290009
الصفحه من 850
طباعه  ارسل الي