تميم بن أوس بن خارجة بن سود بن جذيمة اللخمي الفلسطيني، و«الدار» بطن من لخم، ولخم: فخذ من يعرب بن قحطان.

وفد تميم الداري سنة تسع، كان نصرانيّاً فأسلم، فحدَّث عنه النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» على المنبر بقصة الجسّاسة في أمر الدجال.

ولتميم عدة أحاديث.

حدّث عنه: ابن موهب عبد اللّه، وأنس بن مالك، وكثير بن مرّة، وعطاء بن يزيد الليثي، وزرارة بن أوفى.

قال ابن سعد: لم يزل بالمدينة حتى تحول بعد قتل عثمان إلى الشام.

وروى الزّهريّ، عن السائب بن يزيد، قال: أوّل من قصَّ تميم الداري، استأذن عمر فأذن له، فقصَّ قائماً.

والعجب انّ الخليفة أذن لتميم الداري أن يقُصّ أساطير اليهود والنصارى، في الوقت الذي مَنَعَ عن كتابة الحديث، ونهى عن إفشائه ومذاكرته، فما هو المبرّر من حرمان المسلمين عن سماع أحاديث نبيهم (صلى الله عليه وآله وسلم) والسماح للقصاصين في قص أساطيرهم وخرافاتهم؟!

وثمة نكتة جديرة بالاِشارة وهي انّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أفضل الاَُمّة وأعلمهم، فكيف يحدِّث عن واحد من أفراد الاَُمّة، كتميم الداري ولم ير في متون التاريخ رواية المعصوم عن غيره.

روى خالد بن عبداللّه، عن بيان، عن وبرة، قال: رأى عمر تميماً الداري يصلي بعد العصر، فضربه بدرّته على رأسه. فقال له تميم: يا عمر، تضربني على صلاة صليتها مع رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ؟! قال: يا تميم، ليس كلّ الناس يعلم ما تعلم.

وأخرج ابن ماجة باسناد ضعيف، عن أبي سعد، قال: أوّل من أسرج في المساجد تميم الداري.

يقال: وجد على بلاطة قبر تميم الداري: مات سنة أربعين.

وحديثه يبلغ ثمانية عشر حديثاً، منها في صحيح مسلم حديث واحد.(۱)

وجمعت أحاديثه في المسند الجامع فبلغت ۱۱ حديثاً.(۲)

روائع أحاديثه

۱. أخرج مسلم في صحيحه، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن تميم الداري، انّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: الدين النصيحة، قلنا: لمن، قال للّه، ولكتابه، ولرسوله، ولاَئمة المسلمين، وعامتهم.(۳)

۲. أخرج أحمد في مسنده، عن زرارة بن أوفى، عن تميم الداري، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:

أوّل ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته، فإن أكملها كتبت له كاملة، وإن لم يكن أكملها، قال اللّه سبحانه لملائكته: انظروا، هل تجدون لعبدي من تطوع، فأكملوا بها ما ضيّع من فريضة، ثم الزكاة، ثمّ توَخذ الاَعمال على حسب ذلك.(۴)

وقد عزي إليه حديث لا يستقيم مع الضوابط المقررة.

حديثه السقيم

النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) يحدّث عن تميم الداري

أخرج مسلم في صحيحه، عن عامر بن شراحيل الشعبي شعب همدان انّه سأل فاطمة بنت قيس أُخت الضحاك بن قيس، وكانت من المهاجرات الاَُول[قال شراحيل لفاطمةج حدّثيني حديثاً سمعتيه من رسول اللّه لا تسنديه إلى أحد غيره.

فقالت: لئن شئت لاَفعلنّ ـ إلى أن قالت ـ سمعت نداء المنادي، منادي رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ينادي الصلاة جامعة، فخرجت إلى المسجد، فصليت مع رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فكنت في صف النساء التي تلي ظهور القوم.

فلما قضى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) صلاته جلس على المنبر وهو يضحك، فقال: ليلزم كل إنسان مصلاّه، ثمّ قال: أتدرون لِـمَ جمعتكم؟ قالوا: اللّه و رسوله أعلم.

قال: إنّي واللّه ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة، ولكن جمعتكم لاَنّ تميماً الداري كان رجلاً نصرانياً فجاء فبايع وأسلم، وحدثني حديثاً وافق الذي كنت أُحدّثكم عن مسيح الدجال.

حدثني انّه ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلاً من لخم وجُذام، فلعب بهم الموج شهراً في البحر، ثم ارفوَا إلى جزيرة في البحر حتى مغرب الشمس، فجلسوا في أقرب السفينة فدخلوا الجزيرة فلقيتهم دابة أهلبُ كثيرُ الشّعر لا يدرون ما قبله من دبره من كثرة الشعر.

فقالوا: ويلك ما أنت؟

فقالت: أنا الجسّاسة.

قالوا: وما الجسّاسة؟

قالت: أيها القوم انطلقوا إلى هذا الرّجل في الدّير، فانّه إلى خبركم بالاَشواق.

قال: لما سمّت لنا رجلاً فرقنا منها أن تكون شيطانة.

قال: فانطلقنا سراعاً، حتى دخلنا الدّير، فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قطُّ خلقاً وأشدّه وثاقاً، مجموعة يداه إلى عنقه ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد.

قلنا: ويلك ما أنت؟

قال: قد قدرتم على خبري فاخبروني ما أنتم؟

قالوا: نحن أُناس من العرب، ركبنا في سفينة بحرية فصادفنا البحر حين اغتلم فلعب بنا الموج شهراً، ثمّ ارفأنا إلى جزيرتك هذه فجلسنا في أقربها فدخلنا الجزيرة فلقيتنا دابة أهلب كثير الشَّعر لا يُدرى ما قبله من دبره من كثرة الشعر.

فقلنا: ويلك ما أنتِ؟

فقالت: أنا الجساسة.

قلنا: وما الجساسة؟

قالت: اعمدوا إلى هذا الرجل في الدير فانّه إلى خبركم بالاَشواق، فاقبلنا إليك سراعاً و فزعنا منها، ولم نأمن من أن تكون شيطانة.

فقال: أخبروني عن نخل بيسان.

قلنا: عن أي شأنها تستخبر؟

قال: أسألكم عن نخلها هل يثمر؟

قلنا له: نعم.

قال: أما إنّه يوشك أن لا تثمر.

قال: أخبروني عن بحيرة الطبرية.

قلنا : عن أي شأنها تستخبر؟

قال: هل فيها ماء؟

قالوا: هي كثيرة الماء.

قال: أما إنّ ماءها يوشك أن يذهب.

قال: أخبروني عن عين زُغر.

قالوا: عن أي شأنها تستخبر؟

قال: هل في العين ماء، وهل يزرع أهلها بماء العين؟

قلنا له: نعم، هي كثيرة الماء، وأهلها يزرعون من مائها.

قال: أخبروني عن نبي الاَُميّين ما فعل؟

قالوا: قد خرج من مكة ونزل يثرب.

قال: أقاتله العرب؟ قلنا: نعم.

قال: كيف صنع بهم؟ فأخبرناه انّه قد ظهر على من يليه من العرب وأطاعوه.

قال لهم: قد كان ذلك، قلنا: نعم، قال: أما إنّ ذاك خير لهم أن يطيعوه، وإنّي مخبركم عني، انّي أنا المسيح، وانّي أوشك أن يوَذن لي في الخروج فأخرج فأسير في الاَرض فلا أدع قرية إلاّهبطتها في أربعين ليلة، غير مكة وطيبة فهما محرّمتان عليَّ كلتاهما كلّما أردت أن أدخل واحدة أو واحداً منهما استقبلني ملك بيده السيف صلتاً يصدُّني عنها، وانّ على كلّنقب منها ملائكة يحرسونها.

قالت: قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) وطعن بمخصرته في المنبر هذه طيبة، هذه طيبة، هذه طيبة يعني المدينة، ألا هل كنت حدثتكم ذلك، فقال الناس: نعم، فانّه أعجبني حديث تميم انّه وافق الذي كنت أحدثكم عنه، وعن المدينة ومكة، إلاّانّه في بحر الشام أوبحر اليمن بل من قبل المشرق، ما هو من قبل المشرق، ما هو من قبل المشرق، ما هو، وأومأ بيده إلى المشرق.

قالت: فحفطت هذا من رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم).(۵)

وفي الحديث أمارات كثيرة على الدّس و الوضع، ونحن نقتصر منها على أمرين:

الاَوّل: انّالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أعلم الاَُمّة وأفضلهم ولا يدانيه أحد في ذلك، الذي قال عنه سبحانه:(وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَ كانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً) (النساء/۱۱۳).

فإذا كان هو أعلم الاَُمّة، فكتابه هو المهيمن على جميع الكتب السماوية، كما قال سبحانه: (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ) (المائدة/۴۸).

فإذا كان الاَمر كذلك، فما هي الحاجة للحصول على تأييد تميم الداري بصحة كلامه؟! وهذا يحط من شأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكتابه المنزل.

فتميم الداري أحوج إلى تأييد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) .

الثاني: انّهذه الجزيرة التي حدث عنها تميم الداري في أي مكان من الاَرض تقع؟ فعلماء الجغرافية قد مسحوا الاَرض مسحاً دقيقاً فلم يعثروا على مثل تلك الجزيرة.

مضافاً إلى مافي متن الحديث من أُمور خرافية لا يستحسنها إلاّ السُّذّج من الناس.

۱. سير أعلام النبلاء:۲/۴۴۲ـ ۴۴۸ برقم ۸۶.

۲. المسند الجامع: ۳/۲۹۲ ـ ۲۹۸ برقم ۵۹.

۳. صحيح مسلم:۱/۵۳، باب بيان انّه لا يدخل الجنة إلاّ الموَمنون و انّ محبة الموَمنين من الاِيمان من كتاب الاِيمان.

۴. مسند أحمد:۴/۱۰۳.

۵. صحيح مسلم:۸/۲۰۳ـ ۲۰۵، باب في خروج الدجال ومكثه في الاَرض من كتاب الفتن وأشراط الساعة.