المَعاد - الصفحه 13

وهو في نفسه خالٍ عنه ، فالحيّ منها ميّت في ذاته ، والقادر منها عاجز في ذاته ؛ ولذلك كان الوصف فيها محدوداً مقيّداً بشي‏ء دون شي‏ء وحال دون حال ... وهكذا ، فالعلم فيها مثلاً ليس مطلقاً غير محدود بل محدود مخلوط بالجهل بما وراءه ، وكذلك الحياة والقدرة والملك والعظمة وغيرها .
واللَّه سبحانه هو المفيضُ لهذه الصفات من فضله ، والذي له من معنى‏ هذه الصفات مطلق غير محدود وصرف غير مخلوط ، فلا جهل في مقابل علمه ، ولا ممات يقابل حياته ... وهكذا ، فله سبحانه من كلّ صفة يتّصف به الموجودات السماويّة والأرضيّة - وهي صفات غير ممحّضة ولا مطلقة - ما هو أعلاها ؛ أي مطلقها ومحضها . فكلّ صفة توجد فيه تعالى‏ وفي غيره من المخلوقات فالذي فيه أعلاها وأفضلها ، والذي في غيره مفضول بالنسبة إلى ما عنده .
ولمّا كانت الإعادة متّصفة بالهون إذا قيس إلى الإنشاء فيما عند الخلق فهو عنده تعالى‏ أهون ؛ أي هون‏محض غير مخلوط بصعوبةومشقّة، بخلاف ما عندنا معاشر الخلق ، ولا يلزم منه أن يكون في الإنشاء صعوبة ومشقّة عليه تعالى‏ ؛ لأنّ المشقّة والصعوبة فِي الفعل تتبع قدرة الفاعل بالتعاكس ، فكلّما قلّت القدرة كثرت المشقّة ، وكلّما كثرت قلّت ؛ حتّى إذا كانت القدرة غير متناهية انعدمت المشقّة من رأس ، وقدرته تعالى‏ غير متناهية فلا يشقّ عليه فعل أصلاً ، وهو المستفاد من قوله : (إنَّ اللَّهَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَديرٌ) فإنّ القدرة إذا جاز تعلّقها بكلّ شي‏ء لم تكن إلّا غير متناهية ، فافهم ذلك.۱

2926 - الدَّليلُ الرّابِعُ لِإثباتِ المَعادِ

الكتاب :

(فَانْظُرْ إلَى‏ آثارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيي الْأرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إنَّ ذلِكَ لَمُحْيي الْمَوْتَى‏ وَهُوَ عَلَى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ) .۲

1.الميزان في تفسير القرآن : ۱۶/۱۷۵ .

2.الروم : ۵۰ .

الصفحه من 22