عید الفطر - الصفحه 79

المُقيمِ الَّذي لا زَوالَ لَهُ ولاَ اضمِحلالَ ، بَعدَ أن شَرَطتَ عَلَيهِمُ الزُّهدَ في دَرَجاتِ هذهِ الدُّنيَا الدَّنِيَّةِ ۱ ( وزُخرُفِها ) ۲ وزِبرِجِها ، فَشَرَطوا لَكَ ذلِكَ وعَلِمتَ مِنهُمُ الوَفاءَ بِهِ ، فَقَبِلتَهُم وقَرَّبتَهُم وقَدَّمتَ لَهُمُ الذِّكرَ العَلِيَّ وَالثَّناءَ الجَلِيَّ ، وأهبَطتَ عَلَيهِم مَلائِكَتَكَ وكَرَّمتَهُم بِوَحيِكَ ورَفَدتَهُم بِعِلمِكَ ، وجَعَلتَهُمُ الذَّرائِعَ ۳ إلَيكَ وَالوَسيلَةَ إلى رِضوانِكَ .
فَبَعضٌ أسكَنتَهُ جَنَّتَكَ إلى أن أخرَجتَهُ مِنها ، وبَعضٌ حَمَلتَهُ في فُلكِكَ ونَجَّيتَهُ ومَن آمَنَ مَعَهُ مِنَ الهَلَكَةِ بِرَحمَتِكَ ، وبَعضٌ اتَّخَذتَهُ لِنَفسِكَ خَليلاً وسَأَلَكَ لِسانَ صِدقٍ فِي الآخِرَةَ فَأَجَبتَهُ ، وجَعَلتَ ذلِكَ عَلِيّاً ، وبَعضٌ كَلَّمتَهُ مِن شَجَرَةٍ تَكليماً ، وجَعَلتَ لَهُ مِن أخيهِ رِدءاً ووَزيراً ، وبَعضٌ أوَلدتَهُ مِن غَيرِ أبٍ ، وآتَيتَهُ البَيِّناتِ وأيَّدتَهُ بِروحِ القُدُسِ .
وكُلٌّ شَرَعتَ لَهُ شَريعَةً ونَهَجتَ لَهُ مِنهاجاً ۴ وتَخَيَّرتَ لَهُ أوصِياءَ ۵ ، مُستَحفِظاً بَعدَ مُستَحفِظٍ ، مِن مُدَّةٍ إلى مُدَّةٍ إقامَةً لِدينِكَ ، وحُجَّةً عَلى عِبادِكَ ، ولِئَلاّ يَزولَ الحَقُّ عَن مَقَرِّهِ ، ويَغلِبَ الباطِلُ عَلى أهلِهِ ، ولا يَقولَ أحَدٌ لَولا أرسَلتَ إلَينا رَسولاً مُنذِراً وأقَمتَ لَنا عَلَماً هادِياً ، فَنَتَّبِـعَ آياتِكَ مِن قَبلِ أن نَذِلَّ ونَخزى .
إلى أنِ انتَهَيتَ بِالأَمرِ إلى حَبيبِكَ ونَجيبِكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيهِ وآلِهِ ، وكانَ كَما انتَجَبتَهُ سَيِّدَ مَن خَلَقتَهُ وصَفوَةَ مَنِ اصطَفَيتَهُ ، وأفضَلَ مَنِ اجتَبَيتَهُ وأكرَمَ مَنِ اعتَمَدتَهُ ، قَدَّمتَهُ عَلى أنبِيائِكَ وبَعَثتَهُ إلى الثَّقَلَينِ مِن

1.الدَنيّ : الضعيف الخسيس (لسان العرب : ۱۴ / ۲۷۴) .

2.مابين القوسين أثبتناه من بحار الأنوار .

3.الذرائع : جمع ذريعة ، وهي الوسيلة (الصحاح : ۳ / ۱۲۱۱) .

4.في نسخة : «منهاجه» .

5.في نسخة : «أوصياءه» .

الصفحه من 120