النبوّة الخاصّة - الصفحه 176

فذكر سبحانه أنّ زكريّا تكفّل مريم لفقدها أباها عمران ، ثمّ لمّا نشأت اعتزلت عن الناس واشتغلت بالعبادة في محراب لها في المسجد ، وكان يدخل عليها زكريّا يتفقّدها (كُلَّما دَخَلَ علَيها زَكريّا المِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أ نّى‏ لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِن عِنْدِ اللَّهِ إنّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) .۱
هنالك دعا زكريّا ربّه وسأله أن يهب له من امرأته ذرّيّة طيّبة ، وكان هو شيخاً فانياً وامرأته عاقراً ، فاستجيب له ونادته الملائكة وهو قائم يصلّي في المحراب أنّ اللَّه يبشّرك بغلام اسمه يحيى‏ ، فسأل ربّه آيةً لتطمئنّ نفسه أنّ النداء من جانبه سبحانه ، فقيل له : إنّ آيتك أن يُعتَقَل لسانك فلا تُكلّم الناس ثلاثة أيّام إلّا رمزاً ، وكان كذلك ، وخرج على‏ قومه من المحراب وأشار إليهم أن سبّحوا بكرة وعشيّاً ، وأصلح اللَّه له زوجه فولدت له يحيى‏ عليهما السلام (آل عمران : 37 - 41 ، مريم : 2 - 11 ، الأنبياء : 89 ، 90) .
ولم يُذكر في القرآن مآل أمره عليه السلام وكيفيّة ارتحاله ، لكن وردت أخبار متكاثرة من طرق العامّة والخاصّة أنّ قومه قتلوه ، وذلك أنّ أعداءه قصدوه بالقتل فهرب منهم والتجأ إلى‏ شجرة ، فانفرجت له فدخل جوفها ثمّ التأمت ، فدلّهم الشيطان عليه وأمرهم أن ينشروا الشجرة بالمنشار ، ففعلوا وقطعوه نصفَين فقُتل عليه السلام عند ذلك .
وقد ورد في بعض الأخبار أنّ السبب في قتله أنّهم اتّهموه في أمر مريم وحَبْلها بالمسيح ؛ وقالوا : هو وحده كان المتردّد إليها الداخل عليها ، وقيل غير ذلك .۲

1.آل عمران : ۳۷ .

2.الميزان في تفسير القرآن : ۱۴/۲۷ .

الصفحه من 262