منتخب الانوار في تاريخ الأئمة الأطهار - الصفحه 37

[الباب الرابع : ] الحسن بن عليّ [ ابن ] أبي طالب

و لمّا استشهد أميرالمؤمنين عليه السلام صار أمين اللّه في أرضه ووليّ أمره ، ابنه الحسن بن عليّ بوصية أبيه . عليهماالسلام ۱
ويكنّى أبا محمد ؛ ولقبه الزاهد ؛ ويقال له : التقيّ ، السيّد ، الحجّة ، الأمين .
وأمّه فاطمة بنت رسول اللّه صلى الله عليه و آله .
ولد بالمدينة، وقد تقدّم ذكر مولده عند ذكر أُمّه ما أغنى عن إعادته . واستشهد عليه السلام في سنة خمسين الهجرة ، بعد مضيِ عشر سنين من ملك معاوية . ۲
وكان بذل معاوية لجعدة بنت الأشعث الكنديّ ـ وهي ابنة أُمّ فروة أخت أبي بكر بن أبي قحافة ـ عشرة آلاف دينار ، و إقطاع عشرة ضياع من سقي سورا ۳ و سواد الكوفة ، على أن تسمّ الحسن عليه السلام .
و قيل : إنّه سُقي برادة الذَّهب ؛ وقال عليه السلام : سقيتُ السمّ مرَّتين، وهذه الثلاثة . ولقد تقطّعتْ قطعة قطعة من كبده ، ودفن بالمدينة في البقيع . ۴
فلمّا حضرته الوفاة دعا أخاه الحسين بن عليّ عليهماالسلام وقال له : يا أخي، إذا أنا متّ ، فغسّلني و حنّطني و كفّنّي واحملني إلى جدّي رسول اللّه صلى الله عليه و آله حتى تلحدنى
¨ إلى جانبه ؛ فبحقّ جدّي رسول اللّه وأبي أميرالمؤمنين واُمّي فاطمة الزهراء عليهم السلام ، إذا صرت إلى قبر رسول اللّه صلى الله عليه و آله فإن تركوك فادفنّي فيه ، وإن منعوك فباللّه عليك يا أخي ، وبحقّ جدّي وأمّي أن لا تخاصم أحدا! واردُدني فادفنّي بالبقيع . ۵
فلمّا توفّي، حمله الحسين عليه السلام حتى صار إلى قبر جدّه ؛ و جاء مغيرة بن شعبة إلى عائشة وقال لها : لقد مات الحسن و قد حمله الحسين ، حتى صار إلى قبر جدّه ، وإن دَفَنَه معه لَيذهبنّ ذكر أبيك وذكر عمر إلى يوم القيامة .
فقالت : وما أصنع؟
قال : تركبين بغلتي ، و تمنعين من أن يدفن معه .
فركبت بغلته وصارت إلى قبر رسول اللّه صلى الله عليه و آله فإذا بسرير الحسن عليه السلام ، فمنعت من دفنه بمقام ، فأراد بنوهاشم المجادلة ، فقال الحسين عليه السلام : «نشدتكم باللّه إلاّ سكتّم! فإنّ أخي أوصاني بكذا و كذا» ، فسكتوا و مضوا بالحسن و دفنوه بالبقيع . ۶
وكان مقامه مع النبي صلى الله عليه و آله سبع سنين ، ومع أبيه بعد النبي صلى الله عليه و آلهثلانين سنة ، وعاش بعد أبيه عشر سنين، وصار إلى كرامة اللّه ـ عز وجل ـ وقد كمل عمره سبعا
ً وأربعين سنة . ۷ وبابه سفينة ۸ .

الصفحه من 62