ملحقات نسخة من نهج البلاغة و جزء ابن ناقة - الصفحه 49

قُلْتُ : حَدِّثْنِي .
قَالَ : نَعَمْ ، كُنْتُ هَارِباً مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ ، وَكُنْتُ أَتَرَدَّدُ فِي البِلاَدِ وَأَتَقَرَّبُ إلَى النَّاسِ بِفَضَائِلِ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَكَانُوا يُعَظِّمُونِي وَيُزَوِّدُونِي ، حَتَّى وَرَدْتُ بِلاَدَ الشَّامِ وَإِنِّي لَفِي كِسَاءٍ خَلَقٍ مَا عَلَيَّ غَيْرُهُ ، فَسَمِعْتُ الإِقَامَةَ وَأَنَا جَائِعٌ ، فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ لاِصَلِّيَ وَفِي نَفْسِي أَنِّي أُكَلِّمُ النَّاسَ فِي عَشَاءٍ يُعَشُّونِي ، فَلَمَّا سَلَّمَ الإِمَامُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ صَبِيَّانِ ، فَالْتَفَتَ الإِمَامُ إِلَيْهِمَا وَقَالَ : مَرْحَباً بِكُمَا وَمَرْحَباً بِمَنْ أَسْمَاكُمَا عَلَى اسْمَيْهِمَا ، وَكَانَ إِلى جَنْبِيَ شَابٌّ فَقُلْتُ : يَا شَابُّ ، مَنِ الصَّبِيَّانِ مِنَ الشَّيْخِ ؟
فَقَالَ : هُوَ جَدُّهُمَا ، وَلَيْسَ بِالْمَدِينَةِ أَحَدٌ يُحِبُّ عَلِيَّاً غَيْرُ هذَا الشَّيْخِ ، وَلِذَلِكَ سَمَّى أَحَدَهُمَا الْحَسَنَ وَالآخَرَ الْحُسَيْنَ .
فَقُمْتُ فَرِحاً مَسْرُوراً ، فَقُلْتُ لِلشَّيْخِ : هَلْ لَكَ فِي حَدِيثٍ اُقِرُّ بِهِ عَيْنَكَ ؟
فَقَالَ : إِنْ أَقْرَرْتَ عَيْنِي أَقْرَرْتُ عَيْنَكَ .
قَالَ : قُلْتُ : حَدَّثَنِي وَالِدِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ : كُنَّا قُعُوداً عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله إِذْ جَاءَتْ فَاطِمَةُ عليهاالسلاموَهِيَ تَبْكِي ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : مَا يُبْكِيكِ يَا فَاطِمَةُ ؟ قَالَتْ : يَا أَبَه ، خَرَجَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَمَا أَدْرِي أَيْنَ بَاتَا ؟ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : يَا /293/ فَاطِمَةُ ، لا تَبْكِي ؛ فَاللّهُ الّذِي خَلَقَهُمَا هُوَ أَلْطَفُ بِهِمَا مِنْكِ . وَرَفَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنْ كَانَا أَخَذَا بَرّاً أَوْ بَحْراً فَاحْفَظْهُمَا وَسَلِّمْهُمَا ، فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ عليه السلام مِنَ السَّمَاءِ فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، إِنَّ اللّهَ يُقْرِئُكَ السَّلامَ وَيَقُولُ لَكَ : لاَ تَحْزَنْ وَلاَ تَغْتَمَّ لَهُمَا ؛ فَإِنَّهُمَا فَاضِلاَنِ فِي الدُّنْيَا فَاضِلاَنِ فِي الآخِرَةِ ، وَأَبُوهُمَا أَفْضَلُ مِنْهُمَا ، هُمَا نَائِمَانِ فِي حَظِيرَةِ بَنِي النَّجَّارِ ، وَقَدْ وَكَّلَ اللّهُ بِهِمَا مَلَكاً يَحْفَظُهُمَا .
فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله فَرِحاً وَمَعَهُ أَصْحابُهُ حَتَّى أَتَوْا حَدِيقَةَ بَنِي النَجَّارِ فَإِذَا هُمْ بِالْحَسَنِ مُعَانِقاً لِلْحُسَيْنِ عليهماالسلام ، وَإذَا المَلَكُ المُوَكَّلُ بِهِمَا قَدْ فَرَشَ أَحَدَ جَنَاحَيْهِ تَحْتَهُمَا وَغَطَّاهُمَا

الصفحه من 113