الإرث - الصفحه 15

ماسنّه شارع الإسلام إليها والقضاء بما يجب أن يقضى‏ به .
والفرق الجوهريّ بين السنّة الإسلاميّة والسنن غيرها في الغاية والغرض ، فغرض الإسلام أن تنال الدنيا صلاحها ، وغرض غيره أن تنال ماتشتهيها . وعلى‏ هذين الأصلين يتفرّع ما يتفرّع من الفروع ، قال تعالى‏ : (وَعَسى‏ أن تَكْرَهُوا شَيْئاً وهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وعَسى‏ أنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وهُوَ شَرٌّ لَكُمْ واللَّهُ يَعْلَمُ وأنْتُم لاتَعْلَمونَ)۱ ، وقال تعالى‏ : (وعاشِروهُنَّ بالمَعْروفِ فإنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فعَسى‏ أن تَكْرَهُوا شَيئاً ويَجْعَلَ اللَّهُ فيهِ خَيْراً كثيراً)۲ .

8 - الوصيّة :

قد تقدّم أنّ الإسلام أخرج الوصيّة من تحت الوراثة وأفردها عنواناً مستقلّاً ؛ لما فيها من المِلاك المستقلّ وهو احترام إرادة المالك بِالنسبة إلى‏ مايملكه في حياته . وقد كانت الوصيّة بين الاُمم المتقدّمة من طرق الاحتيال لدفع الموصي مالَه أو بعض ماله إلى‏ غير من تحكم السنّة الجارية بإرثه كالأب ورئيس البيت ؛ ولذلك كانوا لايزالون يضعون من القوانين ما يحدّها ويسدّ بنحوٍ هذا الطريق المؤدّي إلى‏ إبطال حكم الإرث ، ولا يزال يجري الأمر في تحديدها هذا المجرى حتَّى اليوم .
وقد حدّها الإسلام بنفوذها إلى‏ ثلث المال، فهي غير نافذة في الزائد عليه . وقد تبعته في ذلك بعض القوانين الحديثة كقانون فرنسا ، غير أنّ النظرين مختلفان ، ولذلك كان الإسلام يحثّ عليها والقوانين تردع عنها أو هي ساكتة .
والذي يفيده التدبّر في آيات الوصيّة والصدقات والزكاة والخمس ومطلق الإنفاق : أنّ في هذه التشريعات تسهيل طريق أن يوضع ما يقرب من نصف رَقَبة الأموال والثلثان من منافعها للخيرات والمبرّات

1.البقرة : ۲۱۶ .

2.النساء : ۱۹ .

الصفحه من 18