ماسنّه شارع الإسلام إليها والقضاء بما يجب أن يقضى به .
والفرق الجوهريّ بين السنّة الإسلاميّة والسنن غيرها في الغاية والغرض ، فغرض الإسلام أن تنال الدنيا صلاحها ، وغرض غيره أن تنال ماتشتهيها . وعلى هذين الأصلين يتفرّع ما يتفرّع من الفروع ، قال تعالى : (وَعَسى أن تَكْرَهُوا شَيْئاً وهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وعَسى أنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وهُوَ شَرٌّ لَكُمْ واللَّهُ يَعْلَمُ وأنْتُم لاتَعْلَمونَ)۱ ، وقال تعالى : (وعاشِروهُنَّ بالمَعْروفِ فإنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فعَسى أن تَكْرَهُوا شَيئاً ويَجْعَلَ اللَّهُ فيهِ خَيْراً كثيراً)۲ .
8 - الوصيّة :
قد تقدّم أنّ الإسلام أخرج الوصيّة من تحت الوراثة وأفردها عنواناً مستقلّاً ؛ لما فيها من المِلاك المستقلّ وهو احترام إرادة المالك بِالنسبة إلى مايملكه في حياته . وقد كانت الوصيّة بين الاُمم المتقدّمة من طرق الاحتيال لدفع الموصي مالَه أو بعض ماله إلى غير من تحكم السنّة الجارية بإرثه كالأب ورئيس البيت ؛ ولذلك كانوا لايزالون يضعون من القوانين ما يحدّها ويسدّ بنحوٍ هذا الطريق المؤدّي إلى إبطال حكم الإرث ، ولا يزال يجري الأمر في تحديدها هذا المجرى حتَّى اليوم .
وقد حدّها الإسلام بنفوذها إلى ثلث المال، فهي غير نافذة في الزائد عليه . وقد تبعته في ذلك بعض القوانين الحديثة كقانون فرنسا ، غير أنّ النظرين مختلفان ، ولذلك كان الإسلام يحثّ عليها والقوانين تردع عنها أو هي ساكتة .
والذي يفيده التدبّر في آيات الوصيّة والصدقات والزكاة والخمس ومطلق الإنفاق : أنّ في هذه التشريعات تسهيل طريق أن يوضع ما يقرب من نصف رَقَبة الأموال والثلثان من منافعها للخيرات والمبرّات