التقوی - الصفحه 16

مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) .۱

(وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى‏) .۲

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ للَّهِ‏ِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى‏ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى‏ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) .۳

(انظر) البقرة : 2 - 5 ، آل عمران : 133 - 136 .

الحديث :

۲۲۴۲۱.نهج البلاغة : رُويَ أنّ صاحِباً لأميرِ المؤمنينَ عليه السلام يقالُ لَهُ هَمّامٌ كانَ رجُلاً عابِداً ، فقالَ لَهُ : يا أميرَ المؤمِنينَ ، صِفْ لِيَ المُتَّقينَ ، حتّى‏ كأنّي أنظُرُ إلَيهِم ، فتَثاقَلَ عليه السلام عن جَوابِهِ ، ثُمّ قالَ : يا هَمّامُ ، اتَّقِ اللَّهَ وأحسِنْ ! فإنَّ اللَّهَ مَع الّذينَ اتَّقَوا والّذينَ هُم مُحسِنونَ .
فلَم يَقنَعْ هَمّامٌ بهذا القَولِ حتّى‏ عَزمَ علَيهِ ، فحَمِدَ اللَّهَ وأثنى‏ علَيهِ وصلّى‏ علَى النَّبيِّ صلى اللَّه عليه وآله ثُمّ قالَ عليه السلام : أمّا بَعدُ، فإنّ اللَّهَ سبحانَهُ وتعالى‏ خَلَقَ الخَلقَ حِينَ خَلَقَهُم غَنِيّاً عَن طاعَتِهِم ، آمِناً مِن مَعصِيَتِهِم ؛ لأنّهُ لا تَضُرُّهُ مَعصِيَةُ مَن عَصاهُ ، ولا تَنفَعُهُ طاعَةُ مَن أطاعَهُ ، فقَسَمَ بَينَهُم مَعايِشَهُم ، ووَضَعَهُم مِن الدُّنيا مَواضِعَهُم .
فالمُتَّقونَ فيها هُم أهلُ الفَضائلِ : مَنطِقُهُمُ الصَّوابُ ، ومَلبَسُهُمُ الاقتِصادُ ، ومَشيُهُمُ التَّواضُعُ ، غَضُّوا أبصارَهُم عَمّا حَرَّمَ اللَّهُ علَيهِم ، ووَقَفوا أسماعَهُم علَى العِلمِ النّافِعِ لَهُم ، نُزِّلَت أنفُسُهُم مِنهُم في البَلاءِ كالّتي نُزِّلَت في الرَّخاءِ ، ولَولا الأجَلُ الّذي كَتَبَ اللَّهُ علَيهم لَم تَستَقِرَّ أرواحُهُم في أجسادِهِم طَرفَةَ عَينٍ ؛ شَوقاً إلَى الثَّوابِ ، وخَوفاً مِن العِقابِ .
عَظُمَ الخالِقُ في أنفُسِهِم فصَغُرَ ما دُونَهُ في أعيُنِهِم ، فَهُم والجَنَّةُ كَمَن قَد رَآها فَهُم فِيها مُنَعَّمونَ ، وهُم والنّارُ كَمَن قَد رآها فَهُم فِيها مُعَذَّبونَ . قُلوبُهُم مَحزونَةٌ ، وشُرورُهُم مَأمونَةٌ ، وأجسادُهُم نَحيفَةٌ ، وحاجاتُهُم خَفيفَةٌ ، وأنفُسُهُم عَفيفَةٌ ، صَبَروا أيّاماً قَصيرَةً أعقَبَتهُم راحَةً طَويلَةً ، تِجارَةٌ مُربِحَةٌ يَسَّرَها لَهُم رَبُّهم . أرادَتهُمُ الدُّنيا فلَم يُريدوها ، وأسَرَتهُم فَفَدَوا أنفُسَهُم مِنها .

1.الذاريات : ۱۵ - ۱۹ .

2.البقرة : ۲۳۷ .

3.المائدة : ۸ .

الصفحه من 40