359
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج5

الحالاتِ .
مُحَرَّمٌ عَلى بَوارِعِ ثاقِباتِ الفِطَنِ تَجديدُهُ ، وعَلى عَوامِقِ ثاقِباتِ الفِكرِ تَكييفُهُ ، وعَلى غَوائِصِ سابِحاتِ النَّظَرِ تَصويرُهُ ، ولا تَحويهِ الأَماكِنُ لِعَظَمَتِهِ ، ولا تَذرَعُهُ المَقاديرُ لِجَلالِهِ ، ولا تَقطَعُهُ المَقاييسُ لِكِبرِيائِهِ .
مُمتَنِعٌ عَنِ الأَوهامِ أن تَكتَنِهَهُ ، وعَنِ الأَفهامِ أن تَستَغرِقَهُ ، وعَنِ الأَذهانِ أن تُمَثِّلَهُ .
قَد يَئِسَت عَنِ استِنباطِ ۱ الإِحاطَةِ بِهِ طَوامِحُ العُقولِ ، ونَضَبَت عَنِ الإِشارَةِ إلَيهِ بِالاِكتِناهِ بِحارُ العُلومِ ، ورَجَعَت بِالصِّغَرِ مِنَ السُّمُوِّ إلى وَصفِ قُدرَتِهِ لَطائِفُ الخُصومِ .
واحِدٌ لا مِن عَدَدٍ ، ودائِمٌ لا بِأَمَدٍ ، وقائِمٌ لا بِعَمَدٍ . لَيسَ بِجِنسٍ فَتُعادِلَهُ الأَجناسُ ، ولا بِشَبَحٍ فَتُضارِعَهُ الأَشباحُ ، ولا كَالأَشياءِ فَتَقَعَ عَلَيهِ الصِّفاتُ .
قَد ضَلَّتِ العُقولُ في أمواجِ تَيّارِ إدراكِهِ ، وتَحَيَّرَتِ الأَوهامُ عَن إحاطَةِ ذِكرِ أزَلِيَّتِهِ ، وحَصِرَتِ الأَفهامُ عَنِ استِشعارِ وَصفِ قُدرَتِهِ ، وغَرِقَتِ الأَذهانُ في لُجَجِ أفلاكِ مَلَكوتِهِ .
مُقتَدِرٌ بِالآلاءِ ، مُمتَنِعٌ بِالكِبرِياءِ ، ومُتَمَلِّكٌ عَلَى الأَشياءِ ، فَلا دَهرٌ يُخلِقُهُ ، ولا وَصفٌ يُحيطُ بِهِ .
قَد خَضَعَت لَهُ رِقابُ الصِّعابِ في مَحَلِّ تُخومِ قَرارِها ، وأذعَنَت لَهُ رَواصِنُ الأَسبابِ في مُنتَهى شَواهِقِ أقطارِها .
مُستَشهَدٌ بِكُلِّيَّةِ الأَجناسِ عَلى رُبوبِيَّتِهِ ، وبِعَجزِها عَن قُدرَتِهِ ، وبِفُطورِها عَلى قِدمَتِهِ ، وبِزَوالِها عَلى بَقائِهِ ، فَلا لَها مَحيصٌ عَن إدراكِهِ إيّاها ، ولا خُروجٌ عَن إحاطَتِهِ بِها ، ولَا احتِجابٌ عَن إحصائِهِ لَها ، ولَا امتِناعٌ مِن قُدرَتِهِ عَلَيها .

1.في المصدر : «الاستنباط» ، والصحيح ما أثبتناه كما في بحار الأنوار .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج5
358

لِساني بِذِكرِكَ لَهِجا ، وقَلبي بِحُبِّكَ مُتَيَّما ، ومُنَّ عَلَيَّ بِحُسنِ إجابَتِكَ ، وأقِلني عَثرَتي ، وَاغفِر زَلَّتي ، فَإِنَّكَ قَضَيتَ عَلى عِبادِكَ بِعِبادَتِكَ ، وأمَرتَهُم بِدُعائِكَ ، وضَمِنتَ لَهُمُ الإِجابَةَ .
فَإِلَيكَ يا رَبِّ نَصَبتُ وَجهي ، وإلَيكَ يا رَبِّ مَدَدتُ يَدي ، فَبِعِزَّتِكَ استَجِب لي دُعائي ، وبَلِّغني مُنايَ ، ولا تَقطَع مِن فَضلِكَ رَجائي ، وَاكفِني شَرَّ الجِنِّ وَالإِنسِ مِن أعدائي ، يا سَريعَ الرِّضَا اغفِر لِمَن لا يَملِكُ إلَا ۱ الدُّعاءَ فَإِنَّكَ فَعّالٌ لِما تَشاءُ .
يا مَنِ اسمُهُ دَواءٌ ، وذِكرُهُ شِفاءٌ ، وطاعَتُهُ غِنىً ، ارحَم مَن رَأسُ مالِهِ الرَّجاءُ ، وسِلاحُهُ البُكاءُ . يا سابِغَ النِّعَمِ يا دافِعَ النِّقَمِ ، يا نورَ المُستَوحِشينَ فِي الظُلَمِ ، يا عالِما لا يُعلَّمُ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وَافعَل بي ما أنتَ أهلُهُ ، وصَلَّى اللّهُ عَلى مُحَمَّدٍ ۲ وَالأَئِمَّةِ المَيامينَ مِن آلِهِ وسَلَّمَ تَسليما ۳ .

ه : يَومُ الجُمُعَةِ

۴۴۶۶.الإمام عليّ عليه السلامـ مِن دُعاءٍ لَهُ في يَومِ الجُمُعَةِ وهُوَ دُعاءٌ عَظيمٌ ـ: الحَمدُ لِلّهِ الَّذي لا مِن شَيءٍ كانَ ، ولا مِن شَيءٍ كَوَّنَ ما قَد كانَ ، مُستَشهَدٌ بِحُدوثِ الأَشياءِ عَلى أزَلِيَّتِهِ ، وبِما وَسَمَها بِهِ مِنَ العَجزِ عَلى قُدرَتِهِ ، وبِمَا اضطَرَّها إلَيهِ مِنَ الفَناءِ عَلى دَوامِهِ .
لَم يَخلُ مِنهُ مَكانٌ فَيُدرَكَ بِأَينِيَّتِهِ ، ولا لَهُ شَبَحُ مِثالٍ فَيوصَفَ بِكَيفِيَّتِهِ ، ولَم يَغِب عَن شَيءٍ فيُعلَمَ بِحَيثِيَّتِهِ ، مُبائِنٌ لِجَميعِ ما أحدَثَ فِي الصِّفاتِ ، ومُمتَنِعٌ عَنِ الإِدراكِ بِمَا ابتَدَعَ مِن تَصَرُّفِ الذَّواتِ ، وخارِجٌ بِالكِبرِياءِ وَالعَظَمَةِ مِن جَميعِ تَصَرُّف

1.وفي نسخة : «غير» .

2.في مصباح المتهجّد : «رسوله» بدل «محمّد» .

3.الإقبال : ج۳ ص۳۳۱ ، مصباح المتهجّد : ص۸۴۴ ح۹۱۰ ، مصباح الزائر : ص۳۱۷ ، المصباح للكفعمي : ص۷۳۷ ، البلد الأمين : ص۱۸۸ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج5
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 204599
الصفحه من 520
طباعه  ارسل الي