فسوف ينكر نفس الحقيقة على نفس الاُسس بالذات «مَن دَخَلَ في أَمرٍ بِجَهلٍ خَرَجَ مِنهُ بِجَهلٍ» .
إنّ النقاط التي يشير إليها الإمام الصادق عليه السلام في كلامه حقائق أثبتتها التجربة وأيَّدها التاريخ ، فكم من اُناسٍ على مدى ألفٍ وأربعمئة سنة للإسلام دخلوا إلى الإسلام من مدخل تقليد الشخصيات ، ثمّ ارتدّوا على أعقابهم إثر تقليدهم لهؤلاء الشخصيّات أيضا .
وتاريخ الأديان السماوية يعرض لنا كيف أنّ تقليد الشخصيّات السياسية والدينيّة في الاُمور العقائدية ـ أو بعبارة اُخرى : داء التبعية والاحتذاء الأعمى أو وَطْ ءُ أعقاب الرجال ـ قد سدَّدَ أكثر الضربات إلى الأديان الإلهية ، وكم هي حلوة شيّقة دراسة تاريخ الأديان من هذا البُعد ، وكم هي ضرورية تعليمية ، ولكن لا مجال هنا لتناول هذا الأمر إذ إنّ بحثنا في هذا الفصل مقدمة لدراسة النصوص العقائدية في الإسلام ولذا نقتصر هنا على ذكر نموذج من اتباع الرجال في صدر الإسلام .
ظاهرة التبعية العمياء في صدر الإسلام
حَدَثَ إبَّان حكومة أميرالمؤمنين الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام أنَّ جمعا غفيراً من المسلمين المعاصرين للإمام واكبوا عدّةً من الشخصيّات السياسية والدينية إذ ذاك ، ممّن عرفوا بالناكثين والقاسطين والمارقين ، وكردّ فعلٍ لابتلائهم بداء وط ء أعقاب الرجال تخلّوا عن الإسلام الحقّ ، ولم يكتفوا حتّى تحشّدوا لمناهضته ، وأصابوا النبتةَ الحديثة في جذرها ، بما لاتزال مرارته تؤثر في نفس المجتمع الإسلامي .