511
حكم النّبيّ الأعظم ج3

الصَّدرِ وإن أفتاكَ النّاسُ . 1
فالفطرة السليمة لا تكتفي بتمييز فعل الخير وتحديد البرّ وحسب ، بل تبعث في النفس إحساسا بالطمأنينة ينشأ من إنجاز ذلك الفعل ، على حين تراها غير مستقرّة عندما تتلوَّث باجتراح الإثم ومزاولة فعل الشرّ. 2 بناءً على هذا ، يعدّ سكون النفس في مواضع الشبهة علامة على الخير والبرّ ، في حين يحكي اضطرابها وعدم سكونها واستقرارها عن الشرّ والإثم .

قيمة رأي الناس إزاء حُكم الوجدان

ما يلفت النظر أنّ عددا من الروايات يؤكّد أنّه لا قيمة تُذكر لرأي الناس إزاء حكم الوجدان وما يقضي به. ۳ فإذا ما أعلن وجدان الإنسان كلمته بصحّة فعل معيّن وشهد بسلامته ، فلا يحقّ للإنسان أن يغضّ الطرف عن ذلك الفعل ويطوي عنه كشحا بذريعة أنّ الناس لا ترتضيه . في المقابل إذا ما شخّص الوجدان عدم صحّة فعل معيّن فلا يجوز للإنسان أن يجترحه بحجّة أنّ الناس ترتضيه.

تقويم الأحاديث في محكمة الوجدان

تتطابق أحكام الإسلام أساسا مع منطق العقل والفطرة ، وتتوافق معهما تماما ، وهي إلى ذلك تنسجم مع احتياجات الإنسان الواقعية ومتطلّباته الفطرية . يقول الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام في هذا السياق : «إنَّهُ لَم يَأمُركَ إلّا بِحَسَنٍ ، ولَم يَنهَكَ إلّا عَن قَبيحٍ». ۴

1.راجع : الخير والبركة في الكتاب والسنة : (القسم الأوّل/ الفصل الأول : معرفة الخير : ح۱۱) .

2.راجع : الخير والبركة في الكتاب والسنة : (القسم الأوّل/ الفصل الأول : معرفة الخير/ سهولة فعل الخير وثقله) .

3.راجع : الخير والبركة في الكتاب والسنة : (القسم الأوّل/ الفصل الأول : معرفة الخير : ح۵ و ۸ و ۱۱).

4.نهج البلاغة : الكتاب ۳۱ .


حكم النّبيّ الأعظم ج3
510

الدعوة إلى مطلق البرّ

من المنظور القرآني والحديثي يطلق لفظ «البرّ» ۱ على جميع العقائد والأخلاق والمكارم والأعمال الصالحة ، تماما كما هو الحال في الخير والمعروف ۲ ، كما أنّ القرآن حثّ على البرّ والتعاون عليه ، في مقابل «الإثم» ، يقول سبحانه :
« وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى الْاءِثْمِ وَالْعُدْوَ نِ » . ۳

حُكم الفِطَر السليمة

ينتهي التفسير المارّ للخير والشرّ ، وما يقع على شاكلتهما من الألفاظ والمصطلحات ، إلى أنّ حكم الفِطَر السليمة وما تنتهي إليه من معرفة وتمييز هو أحد معايير معرفة «الخير» في مقابل «الشرّ» ، و«المعروف» بإزاء «المنكر» ، و«البرّ» في مقابل «الإثم» ، و«الإحسان» في مقابل «الإساءة» . تأسيسا على هذا ، لو أنّ الإنسان تردّد في بعض المواضع وهو لا يدري في أنّ العمل الذي يريد إنجازه حسن هو فيُقدم أم قبيح فيُمسك ، فإنّ الأحاديث الإسلاميّة عهدت رفع الشبهة وإزالة الالتباس إلى حكم وجدانه وما تقضي به فطرته ؛ وبتعبير النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله :
... إِنَّ الخَيرَ طُمَأنينَةٌ ، وإنَّ الشَّرَّ ريبَةٌ . 4
وفي نصّ روائي آخر عنه صلى الله عليه و آله :
البِرُّ مَا اطمَأَنَّ إلَيهِ القَلبُ وَاطمَأَنَّت إلَيهِ النَّفسُ ، وَالإِثمُ ما حاكَ فِي القَلبِ وتَرَدَّدَ فِي

1.جاء في المفردات للراغب الأصفهاني قوله : «البَرّ خلاف البحر ، وتصوّر منه التوسّع فاشتقّ منه البِرّ ؛ أي التوسّع في فعل الخير» . كما جاء في النهاية لابن الأثير قوله : «البِرّ ـ بالكسر ـ : الإحسان» ، وفي مجمع البحرين : «البِرّ ـ على ما قيل ـ : اسم جامع للخير كلّه» .

2.راجع : الخير والبركة في الكتاب والسنة : (القسم الأوّل/ الفصل الأوّل : معرفة الخير/ تفسير البرّ).

3.المائدة : ۲ .

4.راجع : الخير والبركة في الكتاب والسنة : (القسم الأوّل/ الفصل الأول : معرفة الخير : ح۳) .

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج3
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق/1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 160200
الصفحه من 676
طباعه  ارسل الي