103
مكاتيب الأئمة ج5

[علّة تحريم الرّبا]

۰.وَ عِلَّةُ تَحريمِ الرِّبا ، إِنَّما نَهى اللّهُ عَنهُ لِما فيهِ مِن فَسادِ الأَموالِ ؛ لِأَنَّ الإِنسانَ إذا اشتَرى الدِّرهَمَ بِالدِّرهَمَينِ كانَ ثَمَنُ الدِّرهَمِ دِرهَما ، وَ ثَمَنُ الآخَرِ باطِلاً ، فَبَيعُ الرِّبا وَكسٌ عَلى كُلِّ حالٍ عَلى المُشتَري وَ عَلى البائِعِ ، فَحَرَّمَ اللّهُ تَبارَكَ وَ تَعالى الرِّبا لِعِلَّةِ فَسادِ الأَموالِ ، كَما حَظَرَ عَلى السَّفيهِ أَن يُدفَعَ مالُهُ إِلَيهِ ؛ لِما يُتَخَوَّفُ عَلَيهِ مِن إِفسادِهِ حَتَّى يُؤنَسَ مِنهُ رُشدُهُ ، فَلِهذِهِ العِلَّةِ حَرَّمَ اللّهُ الرِّبا وَ بَيعَ الدِّرهَمِ بِالدِّرهَمَينِ يَدا بِيَدٍ .
وَ عِلَّةُ تَحريمِ الرِّبا بَعدَ البَيِّنَةِ ، لِما فيهِ مِنَ الاستِخفافِ بِالحرامِ المُحَرَّمِ ، وَ هي كَبيرَةٌ بَعدَ البَيانِ ، وَ تَحريمِ اللّهِ تَعالى لَها ، وَ لَم يَكُن ذلِكَ مِنهُ إلّا استِخفافا بِالتَّحريمِ لِلحَرامِ ، وَالاستِخفافُ بِذلِكَ دُخولٌ في الكُفرِ .
وَ عِلَّةُ تَحريمِ الرِّبا بِالنّسيئَةِ لِعِلَّةِ ذَهابِ المَعروفِ ، وَ تَلَفِ الأَموالِ ، وَرَغبَةِ النَّاسِ في الرِّبحِ ، وَ تَركِهِم القَرضَ وَ الفَرضَ وَ صَنائِعَ المَعروفِ ، وَ لِما في ذلِكَ مِنَ الفَسادِ وَ الظُّلمِ وَفَناءِ الأَموالِ . ۱

[علل تحريم المحرّمات من المأكول]

۰.وَ حَرَّمَ الخِنزير ؛ لِأَنَّهُ مُشَوَّهٌ جَعَلَهُ اللّهُ عز و جل عِظَةً لِلخَلقِ وَ عِبرَةً وَ تَخويفا ، وَ دَليلاً عَلى ما مَسَخَ عَلى خِلقَتِهِ ، وَ لِأَنَّ غِذاءَهُ أَقذَرُ الأَقذارِ ، مَعَ عِلَلٍ كَثيرَةٍ .
وَ كَذلِكَ حَرَّمَ القِرَدَ ؛ لِأَنَّهُ مَسخٌ مِثلَ الخِنزيرِ ، وَ جَعَلَ عِظَةً وَ عِبرَةً لِلخَلقِ ، وَ دَليلاً عَلى ما مَسَخَ عَلى خِلقَتِهِ وَ صورَتِهِ ، وَ جَعَلَ فيهِ شِبها مِنَ الإِنسانِ ليَدُلَّ عَلى أَنَّهُ مِنَ الخَلقِ المَغضوبِ عَلَيهِم .
وَ حُرِّمَتِ المَيتَةُ ؛ لِما فيها مِن فَسادِ الأَبدانِ وَ الآفَةِ ، وَ لِما أَرادَ اللّهُ عز و جل أَن يَجعَلَ تَسميَتَهُ سَبَبا لِلتَّحليلِ وَ فَرقا بَينَ الحَلالِ وَ الحَرامِ .
وَ حَرَّمَ اللّهُ عز و جل الدَّمَ كَتَحريمِ المَيتَةِ ؛ لِما فيهِ مِن فَسادِ الأَبدانِ ، وَ لِأَنَّهُ يُورِثُ الماءَ الأَصفَرَ ،

1.علل الشرائع : ص۴۸۳ ح۴ ، بحار الأنوار : ج۱۰۰ ص۱۱۹ ح۲۳ ، وسائل الشيعة : ج۱۸ ص۱۲۱ ح۲۳۲۸۰.


مكاتيب الأئمة ج5
102

وَ ما في ذلِكَ مِنَ الفَسادِ وإِبطالِ حَقِّ كُلِّ ذي حَقٍّ لا لِعلَّةِ سُكنى البَدوِ ، وَ كَذلِكَ لَو عَرَفَ الرَّجلُ الدِّينَ كامِلاً ، لَم يَجزُ لَهُ مُساكَنَةُ أَهلِ الجَهلِ وَ الخوفِ عَلَيهِم ؛ لِأَنَّهُ لا يُؤمَنُ أَن يَقَعَ مِنهُ تَركُ العِلمِ ، وَ الدُّخولُ مَعَ أَهلِ الجَهلِ ، وَ التَّمادي في ذلِكَ . ۱

[علّة تحريم ما أُهِلَّ لغير اللّه به]

۰.و حَرَّمَ ما أُهِلَّ بِهِ لِغَيرِ اللّهِ ؛ لِلَّذي أَوجَبَ اللّهُ عز و جل عَلى خَلقِهِ مِنَ الإِقرارِ بِهِ وَ ذِكرِ اسمِهِ عَلى الذَّبائِحِ المُحلَّلَةِ ، وَ لِئَلّا يُسَوِّي بَينَ ما تُقُرِّبَ بِهِ إِليهِ ، وَ بَينَ ما جُعِلَ عِبادَةً لِلشَّياطينِ وَ الأَوثانِ ؛ لِأَنَّ في تَسميَةِ اللّهِ الإِقرارَ بِرُبوبيَتِهِ وَ تَوحيدِهِ ، وَ ما في الإِهلالِ لِغَيرِ اللّهِ مِنَ الشِّركِ بِهِ وَ التَّقَرُّبِ بِهِ إِلى غَيرِهِ ، ليَكونَ ذِكرُ اللّهِ وَ تَسميَتُهُ عَلى الذَّبيحَةِ فَرقا بَينَ ما أَحَلَّ اللّهُ ، وَ بَينَ مَا حَرَّمَ اللّهُ . ۲

[علّة تحريم جميع السّباع من الطّير والوحش]

۰.وَ حُرِّمَ سِباعُ الطَّيرِ وَ الوَحشِ كُلُّها ؛ لِأَكلِها مِنَ الجِيَفِ وَ لُحومِ النَّاسِ وَ العَذِرَةِ وَ ما أَشبَهَ ذلِكَ ، فَجَعَلَ اللّهُ عز و جل دَلائِلَ ما أَحَلَّ مِنَ الوَحشِ وَ الطَّيرِ وَ ما حَرَّمَ كَما قالَ أَبي عليه السلام : كُلُّ ذي نابٍ مِنَ السِّباعِ وَ ذي مِخلَبٍ مِنَ الطَّيرِ حَرامٌ ، وَ كُلُّ ما كانَت لَهُ قانِصَةٌ مِنَ الطَّيرِ فَحَلالٌ . وَ عِلَّةٌ أُخرى يُفرِّقُ بَينَ ما أُحِلَّ مِنَ الطَّيرِ وَ ما حُرِّمَ قَولُهُ عليه السلام : كُل ما دَفَّ ، وَ لا تَأكُل ما صَفَّ . ۳

[تحريم لحوم المسوخ وعلّة تحريم الأرنب]

۰.وَ حَرَّمَ الأَرنَبَ ؛ لِأَنَّها بِمَنزِلَةِ السِّنّورِ ، وَ لَها مَخالِيبُ كَمخالِيبِ السِّنّورِ وَ سِباعِ الوَحشِ ، فَجَرَت مَجراها ، مَعَ قَذَرِها في نَفسِها ، وَ ما يَكونُ مِنها مِنَ الدَّمِ كَما يَكونُ مِنَ النِّساءِ ؛ لِأَنَّها مَسخٌ . ۴

1.راجع : علل الشرائع : ص۴۸۱ ح۱ ، وسائل الشيعة : ج۱۵ ص۱۰۰ ح۲۰۰۶۶ ، بحار الأنوار : ج۷۶ ص۹ ح۱۰.

2.راجع: علل الشرائع :ص۴۸۱ ح۱ ، بحار الأنوار :ج۶۲ ص۳۲۳ ح۲۷ ،وسائل الشيعة :ج۲۴ ص۲۱۳ ح۳۰۳۷۲.

3.علل الشرائع : ص۴۸۲ ح۱ ، بحار الأنوار : ج۶۲ ص۱۷۰ ح۳ ، وسائل الشيعة : ج۲۴ ص۱۰۹ ح۳۰۰۹۹.

4.علل الشرائع : ص۴۸۲ ح۱ ، بحار الأنوار : ج۶۲ ص۱۷۰ ح۳ ، وسائل الشيعة : ج۲۴ ص۱۰۹ ح۳۰۰۹۹.

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمة ج5
    المساعدون :
    الفرجي، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1387
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 113020
الصفحه من 464
طباعه  ارسل الي