45
الرواشح السماوية

لا بآلة ولا بقوّة زائدة ، بل سمعه عبارة عن علمه بالمسموعات وكذا بصره علمه بالمبصرات ، وعلمه عبارة عن إحاطة ذاته بالأشياء على وجه الانطواء ، من غير أن تصير أجزاء ذاته ، كما هو التحقيق .
لمّا ذكر من المعارف ما يدلّ على الإلهيّة والتوحيد ، أخذ فيما يدلّ على الرسالة والبعثة ، فقال :
(احتجّ على خلقه برسله ، وأوضح الأمور بدلائله) .
ولمّا كلّف اللّه العباد بمعرفته وعبادته ؛ لأنّ المعرفة غاية وجودهم وغرض خلقهم ، كما في قوله تعالى : « وَ مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الاْءِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ » .۱ أي ليعرفونِ ، ومعرفتهم باللّه وباليوم الآخر لاتحصل إلاّ من طريق النبوّة والرسالة ؛ لأنّ عقُولهم غير كافية فيها ، سيّما ما يتعلّق منها بأحوال المعاد وحشر الأجساد ، فيحتاجون إلى معلّمٍ بشري وهو النبيّ والرسول أو مَن يستخلفه ، فالمعرفة موقوفة على بعثة الرسل ؛ لأنّ ما لايتمّ الواجب المطلق إلاّ به فهو واجب .
قوله رحمه الله : (على حين فَتْرة من الرسل) .
«الفترة» : ما بين كلّ نبيَّيْن من زمان انقطاع الوحي .
قوله رحمه الله : (وطول هَجْعة من الأُمم) . إلى آخره
«الهَجعة» ـ بالفتح والتسكين ـ : نومة خفيفة من أوّل الليل ، وهي هنا بمعنى الغفلة والجهالة ، من قولهم : رجل هُجَع ـ بضمّ الهاء وفتح الجيم ـ وكذلك «هُجَعَة» على وزان «هُمَزة» و«لُمَزة» و«مِهجع» أيضا ـ بكسر الميم ـ على وزن «مِصْقع» و «محور» أي غافل أحمقُ .
وهذا اقتباس من كلام مولانا أمير المؤمنين صلوات اللّه وتسليماته عليه ، حيث قال في خطبة له عليه السلام :

1.الذاريات (۵۱) : ۵۶ .


الرواشح السماوية
44

الفكر البرهاني ، بل إمّا مجهول مأيوس عن معرفته . وإمّا مستدلّ عليه من جهة الآثار والأفعال ، والعلمُ الحاصل من طريقها علم ناقص لا يُعلم به خصُوصيّة ذات المعلوم ، بل بوجه عامّ مشتركٍ بينه وبين غيره ، إذ الأثُر والمعلول لايستدعي إلاّ سببا مّا وعلّة مّا مطلقا . وإمّا معروف بالمشاهدة الحضوريّة لا بصورة زائدة كما هو حال العرفاء الكُمَّل من الأنبياء والأولياء على نبيّنا و عليهم السلام عند انخلائهم عن هذه النشأة ، ولكن لا على سبيل الإحاطة والاكتناه ؛ لأنّها ممتنعة كما مرَّ .
وفي بعض النسخ :«بغير رؤية» ـ بالهمزة والتخْفيف ـ يريد نفي الإبصار ، ومعناه ظاهر ، ويلائم الأوّلَ .
قوله : (و وُصف بغير صُورة) .
إشارةً إلى نفي الحدّ له عنه ؛ إذ الحدّ لشيء هو الصورة المساوية لذاته ، وكلُّ ما يُوصف بحدّ لابدّ أن يكون له ماهيّة كلّيّة مركبّة من جنس وفصل ، والحقّ تعالى بسيط الحقيقة ، وجوده عين ذاته بلاماهيّة ، فلاحدّ له ، كما لابرهان عليه .
قوله : (ونُعت بغير جسم ولاجسماني) .
هذا من قبيل عطف العامّ على الخاصّ . اللهمّ إلاّ أن يراد من «الصورة» الشكل ونحوه وهو كما تَرى .
قوله : (لا إله إلاّ اللّه الكبير المتعالُ) .
لمّا ذكر من صفات التنزيه ، وعدّ من نعوت التقديس مادلّ على التوحيد ونفْيِ المثل والشريك ، وإثبات العظمة والتقديس ، صرّح بالمقصود ، وأتى بكلمة التوحيد التي بها يمتاز الموحّد عن المشرك .
قوله رحمه الله : (حَدُّوَهْمٍ) وفي بعض النسخ (عَدْوُوَهْمٍ) ۱ وهو أبلغ وأحكم .
قوله : (وهو السميع العليم) .

1.في «أ» : «عدّوهم» .

  • نام منبع :
    الرواشح السماوية
    المساعدون :
    قيصريه ها، غلامحسين؛ الجليلي، نعمة الله؛ محمدي، عباس؛ رضا نقي، غلام
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1422 ق / 1380 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 83006
الصفحه من 360
طباعه  ارسل الي