383
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

(ومن طاعة عباده إلى طاعته).
قيل: لعلّ المراد بطاعة العباد الانقياد لهم فيما لا يجوز عقلاً [ونقلاً]، وبطاعته تعالى الانقياد والتسليم له في كلّ ما أراد منهم.۱(ومن ولاية عباده إلى ولايته).
لعلّ المراد بولاية العباد محبّة الكفّار والفاسقين من حيث الكفر والفسق أو نصرتهم، وبولايته تعالى محبّته ومحبّة أوليائه أو نصرتهم؛ فإنّ الشرع نهى عن بعض الولايات وأمر ببعضها.
(وداعياً إلى اللَّه) أي إلى الإقرار به، وبتوحيده، وما يجب الإيمان به من صفاته.
(بإذنه).
الإذن: العلم، والإباحة، وقد فسّر بالأمر والوحي والتيسير.
(وسراجاً منيراً) أي مضيئاً مستضاء به عن ظلمات الجهالة.
وهذه الفقرات إشارة إلى قوله عزّ وجلّ: «يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً»۲.
(عوداً وبدءاً) منصوبان على الظرفيّة، أو الحاليّة، أو التميز.
وعلى التقادير يحتمل تعلّقهما بكلّ من البشارة والإنذار والدعوة إلى اللَّه وكونه سراجاً منيراً، أو بالجميع، أي هو كذلك أوّلاً وآخراً وفي جميع الأحوال، أو بادئاً وعائذاً.
قال الفيروزآبادي: «رجع عوده على بدئه، وفي عوده وبدئه، وفي عودته وبدأته، وعوداً وبدءاً، أي في الطريق الذي جاء منه»۳ انتهى.
وقيل: معناه أنّه صلى اللَّه عليه وآله كان بهذين الوصفين في حال عوده إلى اللَّه، وابتداء وجوده من اللَّه، فبنوره اهتدى من اهتدى في الدُّنيا، ونجا من نجا في العقبى.۴
وقيل: أي قبل هجرته عن مكّة وبعد عوده إليها.۵

1.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۵۹.

2.الأحزاب (۳۳) ۴۶.

3.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۸ (بدأ).

4.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۶۰.

5.ذهب إليه العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في‏غ مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۵۹۰.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
382

فَاطْلُبُوا ذلِكَ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهِ خَاصَّةً ، فَإِنَّهُمْ خَاصَّةً نُورٌ يُسْتَضَاءُ بِهِ ، وَأَئِمَّةٌ يُقْتَدى‏ بِهِمْ ، وَهُمْ عَيْشُ الْعِلْمِ وَمَوْتُ الْجَهْلِ ، هُمُ الَّذِينَ يُخْبِرُكُمْ حُكْمُهُمْ عَنْ عِلْمِهِمْ ، وَصَمْتُهُمْ عَنْ مَنْطِقِهِمْ ، وَظَاهِرُهُمْ عَنْ بَاطِنِهِمْ ، لَايُخَالِفُونَ الدِّينَ ، وَلَايَخْتَلِفُونَ فِيهِ ، فَهُوَ بَيْنَهُمْ شَاهِدٌ صَادِقٌ ، وَصَامِتٌ نَاطِقٌ، فَهُمْ مِنْ شَأْنِهِمْ شُهَدَاءُ بِالْحَقِّ ، وَمُخْبِرٌ صَادِقٌ لَايُخَالِفُونَ الْحَقَّ وَلَايَخْتَلِفُونَ فِيهِ ، قَدْ خَلَتْ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ سَابِقَةٌ۱ ، وَمَضى‏ فِيهِمْ مِنَ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - حُكْمٌ صَادِقٌ ، وَفِي ذلِكَ ذِكْرى‏ لِلذَّاكِرِينَ ، فَاعْقِلُوا الْحَقَّ إِذَا سَمِعْتُمُوهُ عَقْلَ رِعَايَةٍ ، وَلَاتَعْقِلُوهُ عَقْلَ رِوَايَةٍ ؛ فَإِنَّ رُوَاةَ الْكِتَابِ كَثِيرٌ ، وَرُعَاتَهُ قَلِيلٌ ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ» .

شرح‏

السند مجهول.
قوله: (بذي قار).
في القاموس: «ذو قار: اسم‏۲ موضع بين الكوفة وواسط».۳
وقوله: (بالحقّ) هو كلّ ما اُوحي إليه وجاء به، أو القرآن، أو هداية الخلق وإرشادهم.
(ليخرج عباده من عبادة عباده إلى عبادته).
المستتر في «يخرج» راجع إلى اللَّه تعالى، أو إلى محمّد صلى اللَّه عليه وآله. والأوّل أنسب بالسياق، والفرض أنّ الخلق قبل بعثته صلى اللَّه عليه وآله كانوا يعبدون غيره تعالى كعزير وعيسى والملائكة والشمس والقمر والأصنام أيضاً تغليباً، أو يتّبعون الشياطين والطواغيت، كقوله عزّ وجلّ: «لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ».
وفي النهج: «من عبادة الأوثان إلى عبادته، ومن طاعة الشيطان إلى طاعته».۴(ومن عهود عباده إلى عهوده).
العهد: الوصيّة، والأمان، والذمّة، والحفاظ، ورعاية الحرمة. ولعلّ المراد بعهود العباد ما قرّروه بينهم وتعاهدوا عليه ممّا فيه سخط الربّ - تبارك وتعالى - كعهود الاُمراء والسلاطين من أهل الجور، أو الشياطين، أو المضلّين، ويعهد اللَّه - عزّ وجلّ - كلّ ما قرّره عليهم ممّا فيه رضاه تعالى.

1.. في الطبعة القديمة: «السابقة».

2.في المصدر: - «اسم».

3.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۱۲۳ (قور).

4.نهج البلاغة، ج ۲، ص ۳۰، الخطبة ۱۴۷.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 69014
صفحه از 568
پرینت  ارسال به