۷۸۶.تاريخ الطبري عن مسلمة بن محارب :إنَّ عَبدَ الرَّحمنِ بنَ خالِدِ بنِ الوَليدِ كانَ قَد عَظُمَ شَأنُهُ بِالشّامِ ، ومالَ إلَيهِ أهلُها ، لِما كانَ عِندَهُم مِن آثارِ أبيهِ خالِدِ بنِ الوَليدِ ، ولِغَنائِهِ عَنِ المُسلِمينَ في أرضِ الرّومِ ، وبَأسِهِ ، حَتّى خافَهُ مُعاوِيَةُ وخَشِيَ عَلى نَفسِهِ مِنهُ ؛ لِمَيلِ النّاسِ إلَيهِ ، فَأَمَرَ ابنَ اُثالَ أن يَحتالَ في قَتلِهِ ، وضَمِنَ لَهُ إن هُوَ فَعَلَ ذلِكَ أن يَضَعَ عَنهُ خَراجَهُ ما عاشَ ، وأن يُوَلِّيَهُ جِبايَةَ خَراجِ حِمصَ ۱ ، فَلَمّا قَدِمَ عَبدُ الرَّحمنِ بنُ خالِدٍ حِمصَ مُنصَرِفا مِن بِلادِ الرّومِ ، دَسَّ إلَيهِ ابنُ اُثالَ شَربَةً مَسمومَةً مَعَ بَعضِ مَماليكِهِ ، فَشَرِبَها فَماتَ بِحِمصَ ، فَوفى لَهُ مُعاوِيَةُ بِما ضَمِنَ لَهُ ، ووَلّاهُ خَراجَ حِمصَ ووَضَعَ عَنهُ خَراجَهُ . ۲
3 / 3
نَصُّ ما كَتَبَ مُعاوِيَةُ فِي استِخلافِ يَزيدَ
۷۸۷.الفتوح :دَعا مُعاوِيَةُ بِالضَّحّاكِ بنِ قَيسٍ ومُسلِمِ بنِ عُقبَةَ ، فَقالَ لَهُما : أخرِجا ما في وِسادَتي ، فَأَخرَجا كِتابا كَتَبَ فيهِ مُعاوِيَةُ بِخَطِّهِ قَبلَ ذلِكَ :
بِسمِ اللّه ِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ، هذا ما عَهِدَهُ مُعاوِيَةُ بنُ أبي سُفيانَ أميرُ المُؤمِنينَ إلَى ابنِهِ يَزيدَ ، أنَّهُ قَد بايَعَهُ وعَهِدَ إلَيهِ ، وجَعَلَ لَهُ الخِلافَةَ مِن بَعدِهِ ، وأمَرَهُ بِالرَّعِيَّةِ وَالقِيامِ بِهِم وَالإِحسانِ إلَيهِم ، وقَد سَمّاهُ «أميرَ المُؤمِنينَ» ، وأمَرَهُ أن يَسيرَ بِسيرَةِ أهلِ العَدلِ وَالإِنصافِ ، وأن يُعاقِبَ عَلَى الجُرمِ ، ويُجازِيَ عَلَى الإِحسانِ ، وأن يَحفَظَ هذَا الحَيَّ مِن قُرَيشٍ خاصَّةً ، وأن يُبعِدَ قاتِلِي الأَحِبَّةِ ، وأن يُقَدِّمَ بَني اُمَيَّةَ وآلَ عَبدِ شَمسٍ عَلى بَني هاشِمٍ ، وأن يُقَدِّمَ آلَ المَظلومِ المَقتولِ أميرِ المُؤمِنينَ عُثمانَ بنِ عَفّانَ عَلى آلِ أبي تُرابٍ وذُرِّيَّتِهِ .
فَمَن قُرِئَ عَلَيهِ هذَا الكِتابُ وقَبِلَهُ حَقَّ قَبولِهِ وبادَرَ إلى طاعَةِ أميرِهِ يَزيدِ بنِ مُعاوِيَةَ ، فَمَرحَبا بِهِ وأهلاً ، ومَن تَأَبّى عَلَيهِ وَامتَنَعَ ، فَضَربَ الرِّقابِ أبَدا حَتّى يَرجِعَ الحَقُّ إلى أهلِهِ ، وَالسَّلامُ عَلى مَن قُرِئَ عَلَيهِ وقَبِلَ كِتابي هذا . ۳