349
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج2

ثالثاً : وجهات النظر حول هدف ثورة الإمام الحسين عليه السلام

أصبح الاهتمام المباشر ـ كما أشرنا في بداية البحث ـ بقضيّة أهداف ثورة الإمام الحسين عليه السلام جدّياً في العصر الحديث ، فقد تعرّض علماء الشيعة خلال تضاعيف كلامهم ۱ وزواياه إلى نقاط تدلّ على أنّهم لم يتناولوا هذا الموضوع بشكل مباشر. ولكنّ هذا الموضوع خضع في العصر الحاضر للدراسة والبحث بشكل مباشر ، وكتبت مؤلّفات كثيرة في هذا المجال. وأمّا الآراء والأقوال التي قدّمت في هذا المجال فهي :
1 . الامتناع عن البيعة وإقامة الدولة لإحياء الإسلام . ۲
2 . استقبال الشهادة . ۳
3 . المحافظة على النفس . ۴
4 . قصد إقامة الدولة في البدء ، وقصد الشهادة بعد مقتل مسلم . ۵
5 . قصد الشهادة بدعوة الناس ضدّ حكم يزيد لتغيير الوضع القائم . ۶
6 . إقامة الدولة مع العلم بالشهادة . ۷
7 . ظاهر الأمر إقامة الدولة وباطنه استقبال الشهادة . ۸
ويمكن القول إنّ هذه الآراء السبعة تعود في الحقيقة إلى أربع نظريّات :
الاُولى : نظريّة طلب الشهادة .
الثانية : نظريّة إقامة الدولة .
الثالثة : نظريّة المحافظة على النفس .
الرابعة : الجمع بين النظريتين الاُولى والثانية ؛ أي طلب الشهادة وإقامة الدولة (القول الرابع والخامس والسادس والسابع) .
أمّا مفاد الآراء الثلاثة الاُولى فهو واضح، وأمّا الرأي الرابع وما بعده فقد قدّم على أساس المبادئ الكلاميّة للشيعة من علم الإمام بشهادته من جهة، وأقوال الإمام والشواهد التاريخيّة على الإطاحة بحكم يزيد وإقامة الدولة الإسلامية من جهة اُخرى . وقد أراد أصحاب هذه الآراء أن يجمعوا بين هاتين الحقيقتين ، فعبّرت عمليّة الجمع هذه عن نفسها في أربعة أشكال :
أ ـ جعل القصد (الهدف) على مراحل ؛ أي قصد إقامة الدولة (في البدء) ثمّ قصد الشهادة (الاُستاذ المطهري).
ب ـ القصد المباشر وغير المباشر (العلّامة العسكري) .
ج ـ إقامة الدولة مع العلم بالشهادة (آية اللّه الاُستادي) .
د ـ الجانبان الظاهري والباطني (آية اللّه الفاضل والسيّد الإشراقي).
وفيما يلي نلقي نظرة إجماليّة على هذه النظريّات :

1.لملاحظة نموذج من هذه المطالب راجع : عاشوراشناسي (بحث حول هدف الإمام الحسين عليه السلام ، «بالفارسية») ص۳۰۷ ـ ۳۵۴ ، شهيد جاويد «بالفارسية» ص۴۴۹ ـ ۴۵۵ .

2.شهيد جاويد «بالفارسية» : ص۱۱۶ ـ ۱۱۷ و ۱۵۹ ، سرگذشت كتاب شهيد جاويد «بالفارسية» ، ص ۱۹ - ۲۰ (نظرية الشيخ الصالحي نجف آبادى).

3.سرگذشت كتاب شهيد جاويد «بالفارسية»، ص ۲۰ (نظرية السيّد ابن طاووس).

4.المصدر السابق : ص ۲۱ (نظرية آية اللّه الاشتهاردي).

5.المصدر السابق : ص۲۱ (نظرية الاُستاذ المطهري).

6.المصدر السابق : ص۲۱ (نظرية العلّامة العسكري ) .

7.المصدر السابق : ص ۲۲ (نظرية آية اللّه الاُستادي).

8.المصدر السابق : ص۲۱ (نظرية آية اللّه الفاضل والسيّد الإشراقي).


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج2
348

ثانياً : منهج البحث في تحليل الأهداف واستخراجها

من أجل دراسة وجهات النظر والوصول إلى الرأي المختار ، علينا أن نتناول أيضا قواعد واُسلوب استخراج الأهداف في الظواهر الاجتماعيّة ، خاصّة عندما تكتسب الطابع التاريخيّ وتنضوي في الدائرة السلوكيّة للرجال العظام والمقدّسين ، بالإضافة إلى الفرضيّات التي تمثّل الاُصول الموضوعة والمسلّم بها لهذا البحث. وهذه الاُصول والقواعد تقودنا إلى أن نأخذ بنظر الاعتبار في البحث جميع الأبعاد والزوايا ، وأن نخرج من النظرة الاُحاديّة البعد . ونشير الآن إلى بعض المواضع من هذه الاُصول والقواعد:
1 . يمكن استخراج أهداف حركة الإمام الحسين عليه السلام عبر طريقين : أحدهما الاُسلوب الكلامي وتوظيف الأهداف العامّة للإمامة، والآخر الرجوع إلى أقوال الإمام الحسين عليه السلام وكتبه. والصحيح أن نستند إلى كلا المصدرين معا ؛ لأنّ الاهتمام بأحد هذين المصدرين يؤدّي إلى الانزلاق والانحراف في التحليل.
2 . من الاُمور التي أدّت إلى الاختلاف في الرأي بشأن قضيّة الأهداف ، هو عدم الالتفات إلى الاختلاف بين المقصد والمقصود. فالذي يسافر إلى مدينة أو يزاول تجارة أو يزور مكاناً مقدّساً، فإنّ تلك المدينة، هي مقصده ، ولكنّ قصده وهدفه هو التجارة أو الزيارة. ورغم أنّ حادثة عاشوراء انتهت بالشهادة ، إلّا أنّ الشهادة مقصد وليست مقصوداً وهدفا.
وبناءً على ذلك، فإذا قيل إنّ الإمام الحسين عليه السلام ما ثار للشهادة، بل ثار من أجل إقامة الحكم وإحياء سنّة النبيّ وإصلاح الاُمور، فإنّ هذا الكلام ليس فاقدا للأساس ؛ لأنّ الشهادة مقصد، والمقصود هو إحياء السنّة وإصلاح الاُمور .
3. يجب التمييز بين أهداف حقيقةٍ مّا والنتائج والآثار المترتّبة عليها. وقد استشهد الإمام الحسين عليه السلام من أجل تحقيق بعض الأهداف، وإذا تمتّع البشر من بعده بالكمالات المعنويّة والأجر الاُخروي من خلال إقامة العزاء والبكاء عليه، فإنّ من غير الصحيح أن نعتبر العزاء والبكاء والنتائج المترتّبة على ذلك، من أهداف ثورة الإمام الحسين عليه السلام .
وبناءً على ذلك فإنّ اُولئك الذين اعتبروا الشفاعة للاُمّة ، أو الحصول على الأجر الاُخروي وغفران الذنوب، هما من أهداف ثورة الإمام الحسين عليه السلام ، إنّما هم واقعون في مغالطة.

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    تاریخ انتشار :
    1389
عدد المشاهدين : 141068
الصفحه من 411
طباعه  ارسل الي