355
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج2

موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج2
354

ج ـ الشهادة السياسية

تعدّ نظريّة الشهادة السياسيّة أشهر تفسير لهدف الإمام الحسين عليه السلام من ثورته. ويتمّ اليوم بيان هذه النظريّة ونشرها دوماً في الكتب والمحاضرات ، وهذا التفسير هو في الحقيقة تحليل سياسي لثورة الإمام الحسين عليه السلام ومستلهم من الإسلام السياسي . فبعد أن عاش المسلمون اليوم الإسلام السياسي وبرزت أبعاده السياسية في أنظارهم ، استخرجوا منه هذه النظريّة .
يقول السيّد هبة الدين الشهرستاني :
فالحسين عليه السلام وجد نفسه مقتولاً إذا لم يبايع ، ومقتولاً إذا بايع ، لكنّه إن بايع اشترى مع قتله قتلَ مجده ، وقتل آثار جدّه ، أمّا إذا لم يبايع فإنّما هي قتلة واحدة تحيى بها الاُمّة ، وشعائر الدين والشرافة الخالدة . ۱
ويقول الدكتور آيتي :
نحن نعلم أنّ الإمام الحسين عليه السلام ألقى هذه الخطبة [خطّ الموت على ولد آدم... ]قبل اليوم الثامن من ذي الحجّة وربمّا في اليوم السابع من هذا الشهر في المسجد الحرام وبين حشود الحجّاج وزائري بيت اللّه ، وفي ذلك اليوم الذي بدت فيه الأوضاع السياسيّة للإمام الحسين مؤاتية تماما ، وكان الناس يتصوّرون أنّ يزيد سينزاح عن قريب وستسقط خلافته ، وسيبلغ الإمام الخلافة التي تمثّل حقّه ... .
إنّ الحسين بن عليّ يريد أن يقول لنا : إنّ من غير الممكن تحقيق النتائج المطلوبة إلّا بشهادتي مع أصحابي ، وإنّ عملي الذي أقوم به مفيد وإيجابي . ۲
ويقول في موضع آخر :
ولم يغادر الإمام مكّة كي لا يُقْتَل، بل غادرها كي يقتل بشكل بحيث ينتفع الإسلام من شهادته دوماً . . . وقد أشار الإمام بقوله : «خُطَّ المَوتُ عَلى وُلدِ آدَمَ» إلى أنّ من غير الممكن إصلاح مظاهر الفساد الاجتماعي والديني في هذا العصر، إلّا عن طريق موته وشهادته وعلى يد شخص مثله [مثل يزيد] ، وهو ابن بنت رسول اللّه . والحديث في هذه الخطبة التي اُلقيت قبل خروجه من مكّة كلّه يدور حول الشهادة، وحول الموت وحول السقوط في قبضة ذئاب كربلاء الضارية . ۳
ويؤكّد الدكتور شريعتي الذي هو أحد المعتقدين بهذه الفكرة قائلاً :
... لقد أعلن أمام كلّ تلك الحشود من الحجّاج التي قدمت من جميع أرجاء العالم الإسلامي، أنّه ماضٍ إلى الموت: «خُطَّ المَوتُ عَلى وُلدِ آدَمَ مَخَطَّ القِلادَةِ عَلى جيدِ الفَتاةِ» ، في حين أنّ الشخص الذي يريد أن يقوم بثورة سياسيّة لا يصرّح بمثل هذه التصريحات، بل يقول: سنضرب ، ونقتل ، وننتصر ، وسنقضي على العدوّ . ۴
كما يؤمن شريعتي بوجود نوعين من الشهادة في الإسلام:
إنّ الشهادة في الأساس لها حكم مستقلّ في الإسلام ؛ مثل الصلاة، والصيام، والجهاد ، في حين أنّ الشهادة هي من وجهة نظر عامّة الناس حالة ومصير للمجاهد في طريق الدين... ولكن ما أطرحه أنا باعتباره مبدأ وأساساً إلى جانب الجهاد، لا في مواصلة الجهاد ولا باعتباره درجة... يبلغها المجاهد .... يمثّل شهادة خاصّة والحسين عليه السلام رمز لها ... . ۵
فالشهادة ليست موتاً يفرضه العدوّ على المجاهد، بل هي موت إراديّ يختاره المجاهد بكلّ وعي ... . ۶
إنّ الشهادة على غرار شهادة حمزة ، هي مقتل شخص أراد قتل العدوّ... ولكنّ الشهادة الحسينيّة هي مقتل رجل ثار بنفسه لكي يُقتل . ۷
د ـ الشهادة الاُسطورية
يرى بعض الباحثين المعاصرين ، أنّ شهادة الإمام الحسين عليه السلام يجب ألّا يُنظر إليها باعتبارها أمرا سياسيا ، وألّا تخرج من حالتها الاُسطوريّة والغامضة كي لا تقتصر دائرة تأثيرها على فئة محدودة ، بل يجب النظر إليها على أنّها اُسطورة يمتدّ تأثيرها من الزمان الخطّي المتناهي إلى دائرة الزمان اللّامتناهي . ولم يذكر هؤلاء دليلاً على هذا الرأي . تأمّلوا النصّ التالي :
سوف تهتك حرمة الدين وقدسيّته إذا ما فرضنا الفكر الآيديولوجي عليه، إنّهم يصرفون رأس المال الأساطيري على الزمن ويصنعون منها أساطير سياسيّة ، ويمحون الوجه الاُسطوريّ منها ويوجّهونها في الاُمور الدنيويّة . دعوني أضرب لكم مثالاً ملموساً؛ فواقعة كربلاء تتمتّع بمعنى اُسطوري ، ومفهوم الشهيد يتجلّى في تصوّر الإمام الحسين عليه السلام الذي حارب في أرض كربلاء واستشهد في شهر محرّم سنة 61 للهجرة. وتؤكّد غالبيّة الروايات التي تروي هذه الحادثة على الجانب العاطفيّ والتمثيلي من هذه المأساة ، وعلى العكس من ذلك فقد بذلت الجهود في التعبيرات الجديدة إلى إضفاء الجنبة التاريخية على هذه المأساة ومحاولة تفسيرها على هذا الأساس ، كما فعل النجف آبادي ؛ حيث لا يمثل الإمام الحسين عليه السلام في هذا المنظار رمزاً اُسطورياً، أو نموذجا مجسّما للشهيد الذي يحقّق لنا الفوز والفلاح من خلال سفك دمه على يد الأشقياء، بل هو شخصيّة تاريخية تُقتل من أجل هدفها السياسي . فالزمان الخطّي ـ الممتدّ ـ للكفاح يحلّ هنا محلّ الزمان الدائري لاُسطورية الشهيد . ۸
وقد يقال : إنّ هذه النظرية هي تعبير آخر عن نظرية شهيد الفداء، إلّا أنّ من الصعب اعتبار هاتين النظريتيّن نظريّة واحدة ؛ لأنّ مصدريهما مختلفان .

1.نهضة الحسين : ص ۳۱.

2.بررسي تاريخ عاشوراء «بالفارسية» : ص ۸۱.

3.المصدر السابق : ص ۸۰ .

4.حسين وارث آدم «بالفارسية» : ص ۱۵۲.

5.المصدر السابق : ص ۲۲۰ .

6.المصدر السابق : ص ۱۹۲ .

7.المصدر السابق : ص ۲۲۳ .

8.زير آسمان هاي جهان «بالفارسية» : ص ۱۵۵ - ۱۵۶.

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    تاریخ انتشار :
    1389
عدد المشاهدين : 141001
الصفحه من 411
طباعه  ارسل الي