89
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج2

الثاني: مشاركته عليه السلام في بعض الحروب

ورد في بعض المصادر مشاركة الحسين عليه السلام في حرب إفريقيا عام 26 من الهجرة ، وفي حرب طبرستان عام 29 أو 30 من الهجرة ، كما ذكرت مشاركته في حرب القسطنطينيّة عام 48 أو 52 من الهجرة . فمن هذه النقول ما ذكره ابن خلدون في تاريخه :
... ثمّ إنّ عبد اللّه بن أبي سرح كان أمره عثمان بغزو إفريقية سنة خمس وعشرين ، وقال له : إن فتح اللّه عليك فلك خمس الخمس من الغنائم . وأمّر عقبة بن نافع بن عبد القيس على جند ، وعبد اللّه بن نافع بن الحرث على آخر وسرّحهما ، فخرجوا إلى إفريقية في عشرة آلاف ، وصالَحَهم أهلُها على مالٍ يؤدّونه ، ولم يقدروا على التوغّل فيها لكثرة أهلها ... .
ثمّ إنّ عبد اللّه بن أبي سرح استأذن عثمان في ذلك واستمدّه، فاستشار عثمان الصحابة فأشاروا به، فجهّز العساكر من المدينة وفيهم جماعة من الصحابة، منهم: ابن عبّاس وابن عمر وابن عمرو بن العاص وابن جعفر والحسن والحسين عليهماالسلاموابن الزبير، وساروا مع عبد اللّه بن أبي سرح سنة ستّ وعشرين ، ولقيهم عقبة بن نافع فيمن معه من المسلمين ببرقة ، ۱ ثمّ ساروا إلى طرابلس فنهبوا الروم عندها ، ثمّ ساروا إلى إفريقية وبثّوا السرايا في كلّ ناحية . ۲
كما روي عن حنش بن مالك أنّه قال:
غزا سعيد بن العاص من الكوفة سنة ثلاثين يريد خراسان، ومعه حذيفة بن اليمان وناس من أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، ومعه الحسن والحسين عليهماالسلام ، وعبد اللّه بن عبّاس وعبد اللّه بن عمر وعبد اللّه بن عمرو بن العاص وعبد اللّه بن الزبير .
وخرج عبد اللّه بن عامر من البصرة يريد خراسان، فسبق سعيدا ونزل أبرشهر ، ۳ وبلغ نزوله أبرشهر سعيدا ، فنزل سعيد قُومِس ؛ ۴ وهي صلح، صالحهم حذيفة بعد نهاوند ، فأتى جرجان فصالحوه على مئتي ألف، ثمّ أتى طَميسة ، ۵ وهي كلّها من طبرستان جرجان، وهي مدينة على ساحل البحر، وهي في تخوم جرجان، فقاتله أهلها حتّى صلّى صلاة الخوف، فقال لحذيفة: كيف صلّى رسول اللّه صلى الله عليه و آله فأخبره، فصلّى بها سعيد صلاة الخوف وهم يقتتلون، وضرب يومئذٍ سعيد رجلاً من المشركين على حبل عاتقه، فخرج السيف من تحت مرفقه.
وحاصرهم فسألوا الأمان ، فأعطاهم على ألّا يقتل منهم رجلاً واحدا، ففتحوا الحصن فقتلهم جميعا إلّا رجلاً واحدا، وحوى ما كان في الحصن . ۶
وكذلك يوجد نقلٌ يرتبط بما بعد خلافة عثمان وذلك في زمان معاوية ، وقد جاء فيه :
ووفد [الحسين عليه السلام ] على معاوية وتوجّه غازيا إلى القسطنطينيّة في الجيش الذي كان أميره يزيد بن معاوية . ۷
وهناك ملاحظات عدّة يجب الالتفات إليها في هذه القضيّة ؛ أي فيما يخصّ مشاركة الحسين عليه السلام في هذه الحروب :
أ ـ لو كان الإمام قد اشترك في هذه الحروب واقعا ، لدوّنت تفاصيل ذلك ؛ نظرا إلى مكانة الإمام عليه السلام السياسية والاجتماعية ، فإنّه لا يشارك في هذه الحروب كمقاتل عادي قطعا .
ب ـ قبول الإمام لإمرة أفراد كعبد اللّه بن أبي سرح ويزيد بن معاوية مستبعد جدّا.
ج ـ من المستبعد جدّا أن يحدث أمر كهذا ولا يذكر في روايات أهل البيت عليهم السلام على مدى قرنين من الزمن.
وبناء على هذا فعلى الرغم من أنّ دخول الإمام الحسين عليه السلام الحروب لأجل الدفاع عن الإسلام قابل للتبرير، ولا يمكننا نفيه بشكل قاطع، إلاّ أنّ القرائن الّتى أشرنا إليها تدلّ على خلاف ذلك .

1.برقة : منطقة في شمال ليبيا في عصرنا الحاضر ، وتقع فيها مدن بنغازي وطرابلس (راجع : جغرافياي تاريخ كشورهاي إسلامي «بالفارسية» : ج۲ ص۲۲۳) .

2.تاريخ ابن خلدون : ج ۲ ص ۵۷۳ .

3.أبرَ شَهر: اسم لمدينة نيسابور (راجع : معجم البلدان : ج ۱ ص ۳۸۴) .

4.قومِس: كورة كبيرة واسعة تشتمل على مدن وقرى ومزارع، وهي ذيل جبال طبرستان، وقصبتها المشهورة دامغان وهي بين الري ونيسابور (معجم البلدان : ج ۴ ص ۴۱۴) .

5.طَميسة: بلدة من سهول طبرستان بينها وبين سارية ستّة عشر فرسخا (راجع : معجم البلدان : ج ۴ ص ۴۱) .

6.تاريخ الطبري: ج ۴ ص ۲۶۹ ، الكامل في التاريخ: ج ۲ ص ۲۴۸ ، البداية والنهاية: ج ۷ ص ۱۵۴ ، تاريخ ابن خلدون: ج ۲ ص ۵۸۲ كلّها نحوه .

7.تاريخ دمشق: ج ۱۴ ص ۱۱۱ ، بغية الطلب في تاريخ حلب: ج ۸ ص ۲۵۶۲ ، البداية والنهاية: ج ۸ ص ۱۵۱ .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج2
88

ج ـ عهد الخليفة الثالث (24 ـ 35 ه) المعجم الكبير : ج ۱ ص ۷۸ الرقم ۱۰۷ ، تاريخ الطبري : ج ۴ ص۱۹۳ و ۴۱۵ ، اُسد الغابة : ج ۳ ص ۵۸۵ .

قضى الإمام الحسين عليه السلام شطرا من شبابه ، أعني (19 ـ 31 عاما) في عهد الخليفة الثالث ، وقد نُقلت بعض الأحداث عن هذا العهد في بعض المصادر، نشير إليها باختصار :

الأوّل: مشايعة أبي ذرّ حينما نُفي إلى الربذة

ممّا دوّن عن هذه الفترة، مشايعة الحسين عليه السلام أبا ذرّ حينما نُفي إلى الربذة ۱ ، على الرغم من منع عثمان عن ذلك .
فنُقل عن ابن عبّاس قوله :
لمّا اُخرج أبو ذرّ إلى الربذة، أمر عثمان فنودي في الناس ألّا يكلّم أحد أبا ذرّ ولا يشيّعه. وأمر مروان بن الحكم أن يخرج به، فخرج به، وتحاماه الناس إلّا عليّ بن أبي طالب عليه السلام وعقيلاً أخاه، وحسنا وحسينا عليهماالسلام، وعمّارا، فإنّهم خرجوا معه يشيّعونه .
فجعل الحسن عليه السلام يكلّم أبا ذرّ ، فقال له مروان: إيها ۲ يا حسن! ألا تعلم أنّ أمير المؤمنين قد نهى عن كلام هذا الرجل! فإن كنت لا تعلم فاعلم ذلك .
فحمل عليّ عليه السلام على مروان، فضرب بالسوط بين اُذني راحلته، وقال: تنحّ لحاك اللّه ۳ إلى النار، فرجع مروان مغضبا إلى عثمان فأخبره الخبر، فتلظّى على عليّ عليه السلام ... .
ثمّ تكلّم الحسين عليه السلام فقال:
يا عَمّاه، إنَّ اللّه َ تَعالى قادِرٌ أن يُغَيِّرَ ما قَد تَرى، وَاللّه ُ كُلَّ يَومٍ هُوَ في شَأنٍ ، وقَد مَنَعَكَ القَومُ دُنياهُم ومَنَعتَهُم دينَكَ ؛ فَما أغناكَ عَمّا مَنَعوكَ وأحوَجَهُم إلى ما مَنَعتَهُم! فَاسأَلِ اللّه َ الصَّبرَ وَالنَّصرَ، وَاستَعِذ بِهِ مِنَ الجَشَعِ وَالجَزَعِ؛ فَإِنَّ الصَّبرَ مِنَ الدّينِ وَالكَرَمِ، وإنَّ الجَشَعَ لا يُقَدِّمُ رِزقا، وَالجَزَعَ لا يُؤَخِّرُ أجَلاً . ۴

1.الربذة : من قرى المدينة على ثلاثة أيّام ، وبهذا الموضع قبر أبي ذرّ الغفاري (معجم البلدان : ج ۳ ص ۲۴) وراجع : الخريطة رقم ۳ في آخر المجلّد ۳ .

2.إيهاً : أي كُفَّ (النهاية : ج ۱ ص ۸۷ «إيه») .

3.لَحاهُ اللّه : أي قبّحه ولعنه (الصحاح : ج ۶ ص ۲۴۸۱ «لحي») .

4.راجع : ص ۱۱۲ ح۶۷۲ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    تاریخ انتشار :
    1389
عدد المشاهدين : 141024
الصفحه من 411
طباعه  ارسل الي