355
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج7

موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج7
354

8 / 6

الزِّيارَةُ السّادِسَةُ

۳۴۵۹.المزار الكبير:زِيارَةٌ جامِعَةٌ لِسائِرِ الأَئِمَّةِ صَلَواتُ اللّه ِ عَلَيهِم ، وَالقَولُ في مُبتَدَإِ الأَمرِ فِي الزِّيارَةِ إلى آخِرِها وَرَدَت عَنِ الصّادِقينَ عليهم السلام ۱ :
إذا أرَدتَ زِيارَةَ قُبورِ الأَئِمَّةِ عليهم السلام فَليَكُن مِن قَولِكَ عِندَ العَقدِ عَلَى العَزِم وَالنِّيَّةِ :
اللّهُمَّ صِل عَزمي بِالتَّحقيقِ، ونِيَّتي بِالتَّوفيقِ، ورَجائي بِالتَّصديقِ، وتَوَلَّ أمري، ولا تَكِلني إلى نَفسي، وأحِلَّ عُقدَةَ الحَيرَةِ وَالتَّخَلُّفِ ۲ عَن حُضورِ المَشاهِدِ المُقَدَّسَةِ.
وصَلِّ رَكعَتَينِ قَبلَ خُروجِكَ ، وقُل بِعَقِبِهِما:
اللّهُمَّ إنّي أستَودِعُكَ ديني ونَفسي وجَميعَ حُزانَتي ۳ ، اللّهُمَّ أنتَ الصّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالخَليفَةُ فِي الأَهلِ وَالمالِ وَالوَلَدِ، اللّهُمَّ إنّي أعوذُ بِكَ مِن سوءِ الصُّحبَةِ، وإخفاقِ الأَوبَةِ، اللّهُمَّ سَهِّل لَنا حَزْنَ ۴ ما نَتَغَوَّلُ عَلَيهِ، ويَسِّر عَلَينا مُستَغزَرَ ما نَروحُ ونَغدو لَهُ، إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ . ۵
فَإِذا سَلَكتَ طَريقَكَ فَليَكُن هَمُّكَ ما سَلَكتَ لَهُ، ولَتُقَلِّلُ مِن حالٍ تَغُضُّ ۶ مِنكَ، ولَتُحسِنُ الصُّحبَةَ لِمَن صَحِبَكَ، وأكثِر مِنَ الثَّناءِ عَلَى اللّه ِ تَعالى ذِكرُهُ، وَالصَّلاةِ عَلى رَسولِهِ .
فَإِذا أرَدتَ الغُسلَ لِلزِّيارَةِ فَقُل وأنتَ تَغتَسِلُ:
بِسمِ اللّه ِ وبِاللّه ِ وفي سَبيلِ اللّه ِ وعَلى مِلَّةِ رَسولِ اللّه ِ، اللّهُمَّ اغسِل عَنّي دَرَنَ ۷ الذُّنوبِ، ووَسَخَ العُيوبِ ، وطَهِّرني بِماءِ التَّوبَةِ، وألبِسني رِداءَ العِصمَةِ، وأيِّدني بِلُطفٍ مِنكَ تُوَفِّقُني لِصالِحِ الأَعمالِ، إنَّكَ ذُو الفَضلِ العَظيمِ.
فَإِذا دَنَوتَ مِن بابِ المَشهَدِ فَقُل:
الحَمدُ للّه ِِ الَّذي وَفَّقَني لِقَصدِ وَلِيِّهِ ، وزِيارَةِ حُجَّتِهِ، وأورَدَني حَرَمَهُ، ولَم يَبخَسني حَظّي مِن زِيارَةِ قَبرِهِ، وَالنُّزولِ بِعَقوَةِ ۸ مُغَيَّبِهِ ، وساحَةِ تُربَتِهِ، الحَمدُ للّه ِِ الَّذي لَم يَسُمني بِحِرمانِ ما أمَّلتُهُ، ولا صَرَفَ عَزمي عَمّا رَجَوتُهُ، ولا قَطَعَ رَجائي مِمّا تَوَقَّعتُهُ، بَل ألبَسَني عافِيَتَهُ، وأفادَني نِعمَتَهُ، وآتاني كَرامَتَهُ.
فَإِذا دَخَلتَ المَشهَدَ، فَقِف عَلَى الضَّريحِ الطّاهِرِ وقُل:
السَّلامُ عَلَيكُم أئِمَّةَ المُؤمِنينَ، وسادَةَ المُتَّقينَ، وكُبَراءَ الصِّدّيقينَ، واُمَراءَ الصّالِحينَ، وقادَةَ المُحسِنينَ، وأعلامَ المُهتَدينَ، وأنوارَ العارِفينَ، ووَرَثَةَ الأَنبِياءِ، وصَفوَةَ الأَوصِياءِ، وشُموسَ الأَتقِياءِ، وبُدورَ الخُلَفاءِ، وعِبادَ الرَّحمنِ، وشُرَكاءَ القُرآنِ ، ومَنهَجَ الإِيمانِ، ومَعادِنَ الحَقائِقِ، وشُفَعاءَ الخَلائِقِ، ورَحمَةُ اللّه ِ وبَرَكاتُهُ.
أشهَدُ أنَّكُم أبوابُ اللّه ِ، ومَفاتيحُ رَحمَتِهِ، ومَقاليدُ مَغفِرَتِهِ، وسَحائِبُ رِضوانِهِ، ومَصابيحُ جِنانِهِ، وحَمَلَةُ قُرآنِهِ ، وخَزَنَةُ عِلمِهِ، وحَفَظَةُ سِرِّهِ، ومَهبِطُ وَحيِهِ، وأماناتُ النُّبَوَّةِ، ووَدائِعُ الرِّسالَةِ.
أنتُم اُمَناءُ اللّه ِ وأحِبّاؤُهُ، وعِبادُهُ وأسخِياؤُهُ ۹ ، وأنصارُ تَوحيدِهِ ، وأركانُ تَمجيدِهِ، ودُعاتُهُ إلى دينِهِ ، وحَرَسَةُ خَلائِقِهِ ، وحَفَظَةُ شَرائِعِهِ .
لا يَسبِقُكُم ثَناءُ المَلائِكَةِ فِي الإِخلاصِ وَالخُشوعِ، ولا يُضادُّكُم ذُو ابتِهالٍ وخُضوعٍ، أنّى ولَكُمُ القُلوبُ الَّتي تَوَلَّى اللّه ُ رِياضَتَها بِالخَوفِ وَالرَّجاءِ، وجَعَلَها أوعِيَةً لِلشُّكرِ وَالثَّناءِ، وآمَنَها مِن عَوارِضِ الغَفلَةِ، وصَفّاها مِن شَواغِلِ الفَترَةِ ، بَل يَتَقَرَّبُ أهلُ السَّماءِ بِحُبِّكُم، وبِالبَراءَةِ مِن أعدائِكُم، وتَواتُرِ البُكاءِ عَلى مُصابِكُم، وَالاِستِغفارِ لِشيعَتِكُم ومُحِبّيكُم .
فَأَنَا اُشهِدُ اللّه َ خالِقي، واُشهِدُ مَلائِكَتَهُ وأنبِياءَهُ، واُشهِدُكُم يا مَوالِيَّ ، بِأنّي مُؤمِنٌ بِوِلايَتِكُم، مُعتَقِدٌ لِاءِمامَتِكُم، مُقِرٌّ بِخِلافَتِكُم، عارِفٌ بِمَنزِلَتِكُم، مُؤمِنٌ بِعِصمَتِكُم، خاضِعٌ لِوِلايَتِكُم، مُتَقَرِّبٌ إلَى اللّه ِ بِحُبِّكُم، وبِالبَراءَةِ مِن أعدائِكُم ، عالِمٌ بِأَنَّ اللّه َ قَد طَهَّرَكُم مِنَ الفَواحِشِ ما ظَهَرَ مِنها وما بَطَنَ، ومِن كُلِّ ريبَةٍ ونَجاسَةٍ، ودَنِيَّةٍ ورَجاسَةٍ، ومَنَحَكُم رايَةَ الحَقِّ ، الَّذي مَن تَقَدَّمَها ذَلَّ ۱۰ ، ومَن تَأَخَّرَ عَنها زَلَّ ، وفَرَضَ طاعَتَكُم عَلى كُلِّ أسوَدَ وأبيَضَ.
وأشهَدُ أنَّكُم قَد وَفَيتُم بِعَهدِ اللّه ِ وذِمَّتِهِ، وبِكُلِّ مَا اشتَرَطَهُ عَلَيكُم في كِتابِهِ، ودَعَوتُم إلى سَبيلِهِ، وأنفَدتُم طاقَتَكُم في مَرضاتِهِ، وحَمَلتُمُ الخَلائِقَ عَلى مِنهاجِ النُّبُوَّةِ ومَسالِكِ الرِّسالَةِ، وسِرتُم فيهِ بِسيرَةِ الأَنبِياءِ، ومَذاهِبِ الأَوصِياءِ، فَلَم يُطَع لَكُم أمرٌ، ولَم تُصغِ إلَيكُم اُذُنٌ، فَصَلَواتُ اللّه ِ عَلى أرواحِكُم وأجسادِكُم.
ثُمَّ تَنَكَّبُ عَلَى القَبرِ وتَقولُ:
بِأَبي أنتَ واُمّي يا حُجَّةَ اللّه ِ ، لَقَد اُرضِعتَ بِثَديِ الإِيمانِ، وفُطِمتَ بِنورِ الإِسلامِ، وغُذّيتَ بِبَردِ اليَقينِ ، واُلبِستَ حُلَلَ العِصمِةِ ، وَاصطُفيتَ ووُرِّثتَ عِلمَ الكِتابِ، ولُقِّنتَ فَصلَ الخِطابِ، واُوضِحَ بِمَكانِكَ مَعارِفُ التَّنزيلِ، وغَوامِضُ التَّأويلِ، وسُلِّمَت إلَيكَ رايَةُ الحَقِّ، وكُلِّفتَ هِدايَةَ الخَلقِ ، ونُبِذَ إلَيكَ عَهدُ الإِمامَةِ، واُلزِمتَ حِفظَ الشَّريعَةِ.
وأشهَدُ يا مَولايَ أنَّكَ وَفَيتَ بِشَرائِطِ الوَصِيَّةِ، وقَضَيتَ ما ألزَمَكَ ۱۱ مِن فَرضِ الطّاعَةِ، ونَهَضتَ بِأَعباءِ الإِمامَةِ، وَاحتَذَيتَ مِثالَ النُّبُوَّةِ ، فِي الصَّبرِ وَالاِجتِهادِ وَالنَّصيحَةِ لِلعِبادِ، وكَظمِ الغَيظِ، وَالعَفوِ عَنِ النّاسِ، وعَزَمتَ عَلَى العَدلِ فِي البَرِيَّةِ، وَالنَّصَفَةِ فِي القَضِيَّةِ، ووَكَّدتَ الحُجَجَ عَلَى الاُمَّةِ بِالدَّلائِلِ الصّادِقَةِ ، وَالشَّواهِدِ النّاطِقَةِ، ودَعَوتَ إلَى اللّه ِ بِالحِكمَةِ البالِغَةِ وَالمَوعِظَةِ . ۱۲
فَمُنِعتَ مِن تَقويمِ الزَّيغِ ۱۳ ، وسَدِّ الثَّلمِ، وإصلاحِ الفاسِدِ، وكَسرِ المُعانِدِ ، وإحياءِ السُّنَنِ، وإماتَةِ البِدَعِ، حَتّى فارَقتَ الدُّنيا وأنتَ شَهيدٌ، ولَقيتَ رَسولَ اللّه ِ صَلَّى اللّه ُ عَلَيهِ وآلِهِ وأنتَ حَميدٌ، صَلَواتُ اللّه ِ عَلَيكَ صَلاةً تَتَرادَفُ وتَزيدُ.
ثُمَّ صِر إلى عِندِ الرِّجلَينِ وقُل:
يا سادَتي! يا آلَ رَسولِ اللّه ِ ! إنّي بِكُم أتَقَرَّبُ إلَى اللّه ِ ـ جَلَّ وعَلا ـ بِالخِلافِ عَلَى الَّذينَ غَدَروا بِكُم، ونَكَثوا بَيعَتَكُم، وجَحَدوا وِلايَتَكُم، وأنكَروا مَنزِلَتَكُم ، وخَلَعوا رِبقَةَ ۱۴ طاعَتِكُم، وهَجَروا أسبابَ مَوَدَّتِكُم، وتَقَرَّبوا إلى فَراعِنَتِهِم بِالبَراءَةِ مِنكُم، وَالإِعراضِ عَنكُم، ومَنَعوكُم مِن إقامَةِ الحُدودِ، وَاستِئصالِ الجُحودِ، وشَعبِ الصَّدعِ ۱۵ ، ولَمِّ الشَّعَثِ ۱۶ ، وسَدِّ الخَلَلِ، وتَثقيفِ ۱۷
الأَوَدِ ۱۸ ، وإمضاءِ الأَحكامِ ، وتَهذيبِ الإِسلامِ، وقَمعِ الآثامِ، وأرهَجوا ۱۹ عَلَيكُم نَقعَ الحُروبِ وَالفِتَنِ، وأنحَوا عَلَيكُم سُيوفَ الأَحقادِ، [ و ] ۲۰ هَتَكوا مِنكُمُ السُّتورَ ، وَابتاعوا بِخُمسِكُمُ الخُمورَ، وصَرَفوا صَدَقاتِ المَساكينِ إلَى المُضحِكينَ وَالسّاخِرينَ.
وذلِكَ بِما طَرَّقَت لَهُمُ الفَسَقَةُ الغُواةُ، وَالحَسَدَةُ البُغاةُ، أهلُ النَّكثِ وَالغَدرِ وَالخِلافِ وَالمَكرِ، وَالقُلوبِ المُنتِنَةِ مِن قَذَرِ الشِّركِ، وَالأَجسادِ المُشحَنَةِ مِن دَرَنِ الكُفرِ، أضَبّوا عَلَى النِّفاقِ، وأكَبّوا عَلى عَلائِقِ الشِّقاقِ ... .
وَاستَخَفَّت بِالإِيمانِ وَالإِسلامِ، وهَدَمَتِ الكَعبَةَ، وأغارَت عَلى دارِ الهِجرَةِ يَومَ الحَرَّةِ ۲۱ ، وأبرَزَت بَناتِ المُهاجِرينَ وَالأَنصارِ لِلنَّكالِ وَالسَّوءَةِ ، وألبَسَتهُنَّ ثَوبَ العارِ وَالفَضيحَةِ، ورَخَّصَت لِأَهلِ الشُّبهَةِ في قَتلِ أهلِ بَيتِ الصَّفوَةِ وإبادَةِ نَسلِهِ، وَاستيصالِ شَأفَتِهِ ۲۲ ، وسَبيِ حَرَمِهِ، وقَتلِ أنصارِهِ، وكَسرِ مِنبَرِهِ، وقَلبِ مَفخَرِهِ ، وإخفاءِ دينِهِ، وقَطعِ ذِكرِهِ.
يا مَوالِيَّ ، فَلَو عايَنَكُمُ المُصطَفى وسِهامُ الاُمَّةِ مُعرِقَةٌ ۲۳ في أكبادِكُم، ورِماحُهُم مُشرَعَةٌ في نُحورِكُم، وسُيوفُها مولَغَةٌ في دِمائِكُم، يَشفي أبناءُ العَواهِرِ غَليلَ الفِسقِ مِن وَرَعِكُم، وغَيظَ الكُفرِ مِن إيمانِكُم.
وأنتُم بَينَ صَريعٍ فِي المِحرابِ، قَد فَلَقَ السَّيفُ هامَتَهُ ، وشَهيدٍ فَوقَ الجِنازَةِ قَد شُكَّت ۲۴ أكفانُهُ بِالسِّهامِ، وقَتيلٍ بِالعَراءِ قَد رُفِعَ فَوقَ القَناةِ رَأسُهُ، ومُكَبَّلٍ فِي السِّجنِ قَد رُضَّت بِالحَديدِ أعضاؤُهُ، ومَسمومٍ قَد قُطِعَت بِجُرَعِ السَّمِّ أمعاؤُهُ، وشَملُكُم عَباديدُ ۲۵ تُفنيهِمُ العَبيدُ وأبناءُ العَبيدِ.
فَهَلِ المِحَنُ ـ يا ساداتي ـ إلَا الَّتي لَزِمَتكُم، وَالمَصائِبُ إلَا الَّتي عَمَّتكُم، وَالفَجايِعُ إلَا الَّتي خَصَّتكُم، وَالقَوارِعُ ۲۶ إلَا الَّتي طَرَقَتكُم، صَلَواتُ اللّه ِ عَلَيكُم وعَلى أرواحِكُم وأجسادِكُم، ورَحمَةُ اللّه ِ وبَرَكاتُهُ.
ثُمَّ قَبِّلهُ وقُل:
بِأَبي واُمّي يا آلَ المُصطَفى، إنّا لا نَملِكُ إلاّ أن نَطوفَ حَولَ مَشاهِدِكُم، ونُعَزِّيَ فيها أرواحَكُم، عَلى هذِهِ المَصائِبِ العَظيمَةِ الحالَّةِ بِفِنائِكُم ، وَالرَّزايَا الجَليلَةِ النّازِلَةِ بِساحَتِكُمُ، الَّتي أثبَتَت في قُلوبِ شيعَتِكُمُ القُروحَ، وأورَثَت أكبادَهُمُ الجُروحَ، وزَرَعَت في صُدورِهُمُ الغُصَصَ.
فَنَحنُ نُشهِدُ اللّه َ أنّا قَد شارَكنا أولِياءَكُم وأنصارَكُمُ المُتَقَدِّمينَ، في إراقَةِ دِماءِ النّاكِثينَ وَالقاسِطينَ وَالمارِقينَ ۲۷ ، وقَتَلَةِ أبي عَبدِ اللّه ِ سَيِّدِ شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ يَومَ كَربَلاءَ، بِالنِّيّاتِ وَالقُلوبِ، وَالتَّأَسُّفِ عَلى فَوتِ تِلكَ المَواقِفِ، الَّتي حَضَروا لِنُصرَتِكُم ، وَاللّه ُ وَلِيّي يُبَلِّغُكُم مِنِّي السَّلامَ .
ثُمَّ اجعَلِ القَبرَ بَينَكَ وبَينَ القِبلَةِ وقُل:
اللّهُمَّ يا ذَا القُدرَةِ الَّتي صَدَرَ عَنهَا العالَمُ مُكَوَّنا مَبروءا عَلَيها، مَفطورا تَحتَ ظِلِّ العَظَمَةِ، فَنَطَقَت شَواهِدُ صُنعِكَ فيهِ بِأَنَّكَ أنتَ اللّه ُ لا إلهَ إلّا أنتَ، مُكَوِّنُهُ وبارِئُهُ وفاطِرُهُ. ابتَدَعتَهُ لا مِن شَيءٍ، ولا عَلى شَيءٍ، ولا في شَيءٍ، ولا لِوَحشَةٍ دَخَلَت عَلَيكَ إذ لا غَيرُكَ، ولا حاجَةٍ بَدَت لَكَ في تَكوينِهِ، ولا لِاستِعانَةٍ مِنكَ عَلى ما تَخلُقُ بَعدَهُ، بَل أنشَأتَهُ لِيَكونَ دَليلاً عَلَيكَ، بِأَنَّكَ بائِنٌ مِنَ الصُّنعِ، فَلا يُطيقُ المُنصِفُ بِعَقلِهِ إنكارَكَ، وَالمَوسومُ بِصِحَّةِ المَعرِفَةِ جُحودَكَ.
أسأَلُكَ بِشَرَفِ الإِخلاصِ في تَوحيدِكَ، وحُرمَةِ التَّعَلُّقِ بِكِتابِكَ ، وأهلِ بَيتِ نَبِيِّكَ، أن تُصَلِّيَ عَلى آدَمَ بَديعِ فِطرَتِكَ، وبِكرِ حُجَّتِكَ، ولِسانِ قُدرَتِكَ ، وَالخَليفَةِ في بَسيطَتِكَ، وعَلى مُحَمَّدٍ الخالِصِ مِن صَفوَتِكَ، وَالفاحِصِ عَن مَعرِفَتِكَ، وَالغائِصِ المَأمونِ عَلى مَكنونِ سَريرَتِكَ، بِما أولَيتَهُ مِن نِعمَتِكَ بِمَعونَتِكَ، وعَلى مَن بَينَهُما مِنَ النَّبِيّينَ وَالمُكَرَّمينَ وَالأَوصِياءِ وَالصِّدّيقينَ، وأن تَهَبَني لِاءِمامي هذا .
وضَع خَدَّكَ عَلى سَطحِ القَبرِ وقُل:
اللّهُمَّ بِمَحَلِّ هذَا السَّيِّدِ مِن طاعَتِكَ، وبِمَنزِلَتِهِ عِندَكَ، لا تُمِتني فَجأَةً، ولا تَحرِمني تَوبَةً، وَارزُقنِي الوَرَعَ عَن مَحارِمِكَ دينا ودُنيا، وَاشغَلني بِالآخِرَةِ عَن طَلَبِ الاُولى، ووَفِّقني لِما تُحِبُّ وتَرضى، وجَنِّبنِي اتِّباعَ الهَوى، وَالاِغتِرارَ بِالأَباطيلِ وَالمُنى.
اللّهُمَّ اجعَلِ السَّدادَ في قَولي، وَالصَّوابَ في فِعلي ، وَالصِّدقَ وَالوَفاءَ في ضَماني ووَعدي، وَالحِفظَ وَالإِيناسَ مَقرونَينِ بِعَهدي وعَقدي، وَالبِرَّ وَالإِحسانَ من شَأني وخُلُقي، وَاجعَلِ السَّلامَةَ لي شامِلَةً، وَالعافِيَةَ بي مُحيطَةً مُلتَفَّةً، ولُطفَ صُنعِكَ وعَونِكَ مَصروفا إلَيَّ ، وحُسنَ تَوفيقِكَ ويُسرَكَ مَوفورا عَلَيَّ، وأحيِني يا رَبِّ سَعيدا ، وتَوَفَّني شَهيدا ، وطَهِّرني لِلمَوتِ وما بَعدَهُ.
اللّهُمَّ وَاجعَلِ الصِّحَّةَ وَالنّورَ في سَمعي وبَصَري، وَالجِدَةَ ۲۸ وَالخَيرَ في طَرَفي (/ طُرُقي) ، وَالهُدى وَالبَصيرَةَ في ديني ومَذهَبي، وَالميزانَ أبَدا نُصبَ عَيني، وَالذِّكرَ وَالمَوعِظَةَ شِعاري ودِثاري ۲۹ ، وَالفِكرَةَ وَالعِبرَةَ اُسّي وعِمادي، ومَكِّنِ اليَقينَ في قَلبي، وَاجعَلهُ أوثَقَ الأَشياءِ في نَفسي، وَاغلِبهُ عَلى رَأيي وعَزمي .
وَاجعَلِ الإِرشادَ في عَمَلي، وَالتَّسليمَ لِأَمرِكَ مِهادي وسَندي، وَالرِّضا بِقَضائِكَ وقَدَرِكَ أقصى عَزمي ونِهايَتي، وأبعَدَ هَمّي وغايَتي، حَتّى لا أتَّقِيَ أحَدا مِن خَلقِكَ بِديني، ولا أطلُبَ بِهِ غَيرَ آخِرَتي، ولا أستَدعِيَ مِنهُ إطرائي ومَدحي . وَاجعَل خَيرَ العَواقِبِ عاقِبَتي، وخَيرَ المَصايِرِ مَصيري، وأنعَمَ العَيشِ عَيشي ، وأفضَلَ الهُدى هُدايَ، وأوفَرَ الحُظوظِ حَظّي، وأجزَلَ الأَقسامِ قِسمي ونَصيبي، وكُن لي يا رَبِّ مِن كُلِّ سَوءٍ وَلِيّا ، وإلى كُلِّ خَيرٍ دَليلاً وقائِدا ، ومِن كُلِّ باغٍ وحَسودٍ ظَهيرا ومانِعا .
اللّهُمَّ بِكَ اعتِدادي وعِصمَتي، وثِقَتي وتَوفيقي، وحَولي وقُوَّتي، ولَكَ مَحيايَ ومَماتي، وفي قَبضَتِكَ سُكوني وحَرَكَتي ، وإنَّ بِعُروَتِكَ الوُثقَى استِمساكي ووُصلَتي، وعَلَيكَ فِي الاُمورِ كُلِّهَا اعتِمادي وتَوَكُّلي، ومِن عَذابِ جَهَنَّمَ ومَسِّ سَقَرَ نَجاتي وخَلاصي، وفي دارِ أمنِكَ وكَرامَتِكَ مَثوايَ ومُنقَلَبي، وعَلى أيدي ساداتي ومَوالِيَّ آلِ المُصطَفى فَوزي وفَرَجي .
اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ، وَاغفِر لِلمُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ، وَالمُسلِمينَ وَالمُسلِماتِ، وَاغفِرلي ولِوالِدَيَّ وما وَلَدا وأهلِ بَيتي وجيراني، ولِكُلِّ مَن وَلَدَني مِنَ المُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ، إنَّكَ ذو فَضلٍ عَظيمٍ. ۳۰

1.في مصباح الزائر : « . . . هي مرويّة عن الأئمّة عليهم السلام » .

2.وفي نسخة اُخرى: «عقدة الخيرة ، أتخلف» .

3.الحُزانة : عيال الرجل الذي يتحزّن بأمرهم (الصحاح : ج ۵ ص ۲۰۹۸ «حزن») .

4.الحَزن هنا : الصعوبة والمَشَقّة . قال الفيّومي : الحَزْن : ما غَلُظ من الأرض ، وهو خلاف السَّهل (المصباح المنير : ص ۱۳۴ «حزن») .

5.قال العلّامة المجلسي قدس سره في شرح بعض كلمات الزيارة : قوله : «وإخفاق الأوبَة» يقال : طلب حاجةً فأخفق ؛ أي لم يُدرِكها . وقولَه : «ما نتغوّل» قال في النهاية : المُغاوَلة : المبادَرة في السَّير ، وفي بعض النسخ : «ما نتوَغَّل فيه» وهو أظهر ، قال الفيروزآبادي [ القاموس المحيط : ج ۴ ص ۶۵ و ۶۶ «الوغل»] : وَغَلَ في الشيء يَغِلُ وُغولاً : دخل وتَوارى ، أو بَعُدَ وذهبَ ، وأوغَلَ في البلاد والعِلم : ذهبَ وبالَغَ وأبعد؛ كتَوَغّلَ . وقوله : «مستغزر ما نروح» في أكثر النسخ بتقديم المعجمة على المهملة ، قال الفيروزآبادي [ انظر القاموس المحيط : ج ۲ ص ۱۰۲ «الغزير »] : المُستَغزِر : الذي يطلب أكثر ممّا يعطي . وفي بعضها [ أي النُّسَخ ] بالعكس ، ولعلّه من غَرزِ الشيء في الشيء ؛ أي إخفاؤه فيه ، والأوّل أظهر؛ أي المطالب الكثيرة (بحار الأنوار : ج ۱۰۲ ص ۱۷۴) .

6.في المصدر : «تغصّ» ، والتصويب من مصباح الزائر وبحار الأنوار . قال الجوهري : غَضَّ منه يَغُضُّ : إذا وضع ونقص من قدره ، يقال : ليس عليك في هذا الأمر غَضاضة؛ أي ذلّة ومَنقَصة (الصحاح : ج ۳ ص ۱۰۹۵ «غضض») .

7.الدَّرَن : الوَسَخ ، أو تَلَطُّخه ؛ دَرِنَ الثوبُ فهو دَرِن ، ودَرِنَت يدُه بالشيء : تلَطَّخَت (القاموس المحيط : ج ۴ ص ۲۲۲ «درن») .

8.عَقْوَةُ الدار : حَوْلَها وقريبا منها (النهاية : ج ۳ ص ۲۸۳ «عقا») .

9.في مصباح الزائر وبحار الأنوار : «وأصفياؤه» بدل «وأسخياؤه» .

10.في مصباح الزائر وبحار الأنوار : «ضلّ» بدل «ذلّ» .

11.في مصباح الزائر وبحار الأنوار: «لزمك» بدل «ألزمك».

12.في مصباح الزائر وبحار الأنوار : «والموعظة الحسنة» .

13.الزَّيغ : الشكّ والجَور عن الحقّ (القاموس المحيط : ج ۳ ص ۱۰۷ «زاغ») .

14.الرِّبْقُ: حبل فيه عدّة عُرى تشدّ به البُهُم ، الواحدة من العُرى: ربقة، وفي الحديث: خلع ربقة الإسلام من عنقه (الصحاح : ج ۴ ص ۱۴۸۰ «ربق»).

15.الصَّدْعُ : الشَّقُّ في شيء صلب والفُرقة من الشيء (القاموس المحيط : ج ۳ ص ۴۹ «صدع») .

16.الشَّعْثُ: انتشار الأمر، والتشعُّث: التفرّق (القاموس المحيط : ج ۱ ص ۱۶۸ «شعث»).

17.ثَقّفتُ الشيء : أقمتُ المُعو ج منه (المصباح المنير : ص ۸۳ «ثقف») .

18.أوِدَ : أي اعْوَجّ (الصحاح : ج ۲ ص ۴۴۲ «أود») .

19.الرَّهَج : الغُبار . وأرهَجَ الغُبارَ : أي أثارَه (الصحاح : ج ۱ ص ۳۱۸ «رهج») .

20.ما بين المعقوفين سقط من المصدر ، وأثبتناه من مصباح الزائر وبحار الأنوار .

21.يوم الحَرَّة : معروفٌ ، وهو يومٌ قاتلَ عَسكَر يزيد بن معاوية أهل المدينة ونهَبَهُم . هلك فيها خَلقٌ كثير من المهاجرين والأنصار ، وكان ذلك في ذي الحجّة من سنة ثلاث وستّين من الهجرة (مجمع البحرين : ج ۱ ص ۳۸۴ « حرر » ) وراجع : ج ۵ ص ۳۳۰ ( القسم العاشر / المدخل / ثورة أهل المدينة « واقعة الحرّة » ) .

22.الشَّأفَة : الأصل . واستأصَلَ اللّه شأفَتَه : أذهَبَهُ ، أو معناه : أزاله من أصله (القاموس المحيط : ج ۳ ص ۱۵۶ «شأف») .

23.أعرَقَ الشجرُ : إذا امتدّت عروقه في الأرض (الصحاح : ج ۴ ص ۱۵۲۴ «عرق») .

24.شَكَكْتُه بالرمح : أي خرقته وانتظمته (الصحاح : ج ۴ ص ۱۵۹۵ «شكك») .

25.العَباديد : الفِرَق من الناس الذاهبون في كلّ وجه ، وكذلك العَبابيد (الصحاح : ج ۲ ص ۵۰۴ «عبد») .

26.القارِعَة : الشديدة من شدائد الدهر ، وهي الداهية . يقال : قَرَعَتهم قوارع الدهر؛ أي أصابتهم (الصحاح : ج ۳ ص ۱۲۶۳ «قرع») .

27.الناكثون : أصحاب الجمل؛ لأنّهم نكثوا بيعتهم . والقاسطون : أهل صفّين؛ لأنّهم جاروا في حكمهم وبغوا عليه . والمارقون : الخوارج ؛ لأنّهم مرقوا من الدين كما يمرق السهم من الرميّة (النهاية : ج ۴ ص ۶۰ «قسط») .

28.وَجَدَ جِدَةً : أي استغنى غنىً لا فقر بعده (النهاية : ج ۵ ص ۱۵۵ «وجد») .

29.الشِّعار : ما تحت الدثار من اللّباس ، وهو يلي شعر الجسد دون ما سواه من الثياب ، وفي المثل : «هُمُ الشّعار دون الدِّثار» يصفهم بالمودّة والقرب (تاج العروس : ج ۷ ص ۳۲ «شعر») .

30.المزار الكبير : ص ۲۹۱ ح ۱۴ ، مصباح الزائر : ص ۴۶۰ ، بحار الأنوار : ج ۱۰۲ ص ۱۶۲ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج7
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    تاریخ انتشار :
    1389
عدد المشاهدين : 256848
الصفحه من 410
طباعه  ارسل الي