163
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج9

رياض الجنة» ۱ . وبذلك فقد حثّت المسلمين على الارتباط بهذا المركز الثقافي الذي يشعّ منه النور والهداية ، وتشجّع المسلمين على توسيع نطاق الانتفاع من بركاته المادية والمعنوية .
وبناءً على ذلك ، يجب تخصيص أفضل المواقع في المدن والقرى لبناء بيوت اللّه التي هي في الحقيقة البيوت الروحية للناس ، بحيث يستطيع أهالي كلّ منطقة سكنية أن يرتبطوا مع قلوبهم المعنوية بسهولة ۲ ، وبالإضافة إلى ذلك ، فقد وردت التوصية بتخصيص قسم من البيوت السكينة باعتباره «مسجداً داخل البيت» ۳ .

هـ ـ تصميم المراكز التعليمية إلى جوار المساجد

لا شكّ في أنّه لا دين كالإسلام يولي الأهميّة للعلم والمعرفة والوعي ويعطيها القيمة اللائقة بها ، ولا يوجد أيّ دين كالإسلام حذّر من خطر الجهل . فالعلم ـ من وجهة نظر الإسلام ـ هو أساس كلّ القيم ، والجهل مصدر كلّ العيوب والمفاسد الفردية والاجتماعية ۴ ، ولذلك يجب أن يكون لمعتقدات الإنسان وأخلاقه وأعماله وكلّ حركاته أساس علمي وعقلي . وعلى هذا الأساس ، فإنّ الاهتمام بالمراكز العلمية والثقافية يتمتّع بأولويّة خاصّة في تخطيط المدن الإسلامية .
والملاحظة التي تستحقّ الاهتمام في هذا المجال هي أنّ المسجد لم يكن في صدر الإسلام وخاصّة في حياة النبي صلى الله عليه و آله ، مكاناً للعبادة وحسب ، بل إنّه كان مركزاً للتعليم والتربية أيضاً ، ورغم أنّ بالإمكان التوصية بهذا العمل نظراً إلى إمكانيات

1.راجع : رسالة المسجد : ص۲۲ ( فضل المسجد / روضة الجنّة ) .

2.سوف نورد المزيد من التوضيح حول بناء المساجد وعمارتها تحت عنوان «المسجد» من هذه الموسوعة ، وبالإمكان الرجوع الآن إلى (رسالة المسجد) .

3.راجع : رسالة المسجد : ص ۱۲۹ ( الفصل الحادي عشر : مسجد البيت ) .

4.راجع : العلم والحكمة في الكتاب والسنة .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج9
162

بتنضيد لبن اللحد بشكل دقيق ومَل ء الفراغات المتخلّلة بينها بالطين بدقّة ، وكانت دقّته في العمل بشكل بحيث إنّ الصحابة تعجّبوا ـ على ما يبدو ـ متسائلين عن الداعي إلى كلّ هذه الدقّة في بناء قبرٍ سوف يخرب بعد بضعة أيام !
فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله مبيّناً سبب قيامه بذلك :
إنّي لَأَعلَمُ أنَّهُ سَيَبلى ، ويَصِلُ إلَيهِ البِلى ، ولكِنَّ اللّهَ تَعالى يُحِبُّ عَبداً إذا عَمِلَ عَمَلاً فَأَحكَمَهُ . ۱
وفي الحقيقة فإنّ هذا الكلام يمثّل رسالة هامّة إلى الاُمّة الإسلامية ، وسياسة إسلامية عامّة توجب على المسلمين أن يؤدّوا أعمالهم بكلّ دقّة وإحكام ، حتّى وإن كان العمل الذي يقومون به بناء بيوتٍ للموتى! وعندما يكون الإتقان ضرورياً في بناء القبور، فإنّ من البديهي أنّ بيوت الأحياء يجب أن تفوقها في الدقة والإحكام. ۲

د ـ القلب في تخطيط المدن الإسلامية

يعتبر المسجد ، قلب المجتمع الإسلامي وأهمّ قاعدة ثقافية وسياسية للحكومة الدينية الإسلامية . ولذلك ، فإنّ الروايات وَسَمَته بعناوين سامية وتذكيرية ، مثل : «بيت اللّه » ۳ «مجلس الأنبياء» ۴ ، «بيت المتّقين» ۵ «أفضل الأمكنة» ۶ ، و«روضة من

1.علل الشرائع : ص ۳۱۰ ح ۴ ، الأمالي للصدوق : ص ۴۶۸ ح ۶۲۳ كلاهما عن عبداللّه بن سنان عن الإمام الصادق عليه السلام .

2.عندما رأيت خلال سفري إلى بعض البلدان الأوروبية قبل فترة ، بعض البنايات المستخدَمة أكثر من ثلاثمئة ، أو أربعمئة سنة ، وقارنتها مع البنايات في بلادنا ، حيث لا تتجاوز أعمارها خمسين عاماً على ما يقال ، تذكّرت هذه الروايات ، وتأسّفت على ذلك لأنّنا نعيش هذه الأوضاع رغم امتلاكنا لكلّ هذه الثروات الثقافية الهائلة .

3.راجع : رسالة المسجد : ص۱۹ ( فضل المسجد / بيت اللّه ) .

4.راجع : رسالة المسجد : ص۲۰ ( فضل المسجد / مجلس الأنبياء ) .

5.راجع : رسالة المسجد : ص۲۰ ( فضل المسجد / بيت كلّ تقي ) .

6.راجع : رسالة المسجد : ص۲۱ ( فضل المسجد / خير البقاع ) .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج9
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 150891
الصفحه من 506
طباعه  ارسل الي