165
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج9

كي يستخدمه المساكين الذين لا مأوى لهم كمأوى وملجأ يلجؤون إليه ، وكان هذا القسم يسمى ب«الصُفَّة» ، حيث يقول ابن حجر في هذا المجال :
الصُّفَّةُ مَكانٌ في مُؤَخَّرِ المَسجِدِ النَّبَوِيِّ ، مُظَلَّلٌ اُعِدَّ لنزول الغرباء فيه ، ممّن لا مأوى له ولا أهلَ ، وكانوا يَكثُرونَ فيه ويَقِلّون بحسب من يتزوَّج منهم أو يموت ، أو يسافر . ۱
لا شكّ في أنّ هذا الإجراء كان يؤمّن الدعم والرعاية لعموم المسلمين ، وكان يُسهم في إصلاح اُمور المساكين خلال فترة قصيرة .
ويمكننا أن نستنبط من هذا العمل الحكيم سياسةً اُخرى في تخطيط المدن الإسلاميّة ؛ وهي أنّ من المناسب تخصيص أماكن للعجزة والمساكين إلى جوار المساجد من أجل ألّا يغفل الناس عن الاهتمام باُمور المحرومين والفقراء ، وبهدف استقطاب مساعدات ودعم أبناء المجتمع لإنهاء مظاهر الحرمان الاجتماعي ۲ .

ح ـ المضايف في المدن

الملاحظة الطريفة الاُخرى التي نلاحظها في سيرة تخطيط المدن في عهد النبي صلى الله عليه و آله هي بناء موضع في المدينة باسم «المضيف» ۳ .
وقد نقل في رواية عن النبي صلى الله عليه و آله قوله :
إذا دَخَلَ رَجُلٌ بَلدَةً ، فَهُوَ ضَيفٌ عَلى مَن بِها مِن إخوانِهِ وأَهلِ دينِهِ حَتّى يَرحَلَ عَنهُم . ۴

1.وفاء الوفاء : ج ۲ ص ۴۵۳ ، فتح الباري : ج ۶ ص ۴۳۶ .

2.لاحظت خلال سفري إلى الهند ، وجود مواقع لهؤلاء الأشخاص إلى جوار معابد السيخ .

3.راجع : تخطيط المدن في الإسلام : ص ۱۷۶ نقلاً عن التراتيب الإدارية : ج ۱ ص ۴۴۵ و ۴۴۶ .

4.راجع : ص ۱۸۱ ح ۱۰۳۲۳.


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج9
164

ذلك العصر ، وعدم اتّساع مجالات العلم ، ولكن ونظراً إلى أنّ النبي صلى الله عليه و آله كان بإمكانه أن يعيّن مركزاً آخر للتعليم سوى المسجد ، فإنّنا نستطيع القول بأنّ الإجراء المذكور يمثّل إشارة إلى قضية مهمّة وهي الترابط بين العلم والدين ، كما ورد في رواية عن الإمام علي عليه السلام :
العِلمُ وَالإِيمانُ أخَوانِ تَوأَمانِ ، ورَفيقانِ لا يَفتَرِقانِ . ۱
وعلى هذا الأساس ، يمكن استنتاج إحدى السياسات العامّة في تخطيط المدن في البلاد الإسلامية ، وهي أنّ المراكز التعليمية يجب أن يتمّ تصميمها بشكل مناسب إلى جوار المساجد .

و ـ تصميم المراكز الصحّية إلى جوار المساجد

تُفيد بعض المصادر التاريخية بأنّ موضعاً في مسجد النبي صلى الله عليه و آله كان قد عُيّن لعلاج المرضى والجرحى ، وكان سعدُ بن معاذ قد رقد في هذا الموضع ، وكان النبيّ صلى الله عليه و آله يأتي لعيادته صباحاً ومساء . ۲ ويمكننا أن نستنتج من الإجراء الذي كان معمولاً به في عهد النبي صلى الله عليه و آله ، هذه السياسة في تخطيط المدن الإسلامية ؛ وهي أنّ من المناسب في النظام الإسلامي بناء المراكز الصحّية لعلاج الأمراض الجسمية إلى جوار المساجد التي هي مراكز علاج الأمراض الروحية .

ز ـ تصميم مراكز العناية بالمساكين الذين لا مأوى لهم والعجزة إلى جوار المساجد

تتمتّع العناية بالمساكين والعجزة بأولويّة خاصّة في النظام الإسلامي ، فالروايات التي جاءت في المصادر الإسلامية تُفيد بأنّ النبي صلى الله عليه و آله كان خصّص قسماً من مسجده

1.راجع : موسوعة العقائد الإسلامية (المعرفة) : ج ۲ ص ۵۵ ـ ۵۶ ( آثار العلم / الإيمان ) .

2.راجع : تخطيط المدن في الاسلام : ص ۱۶۸ ، نقلاً عن المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام : ج ۸ ص ۴۱۲ وسائر المصادر التاريخية .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج9
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 150852
الصفحه من 506
طباعه  ارسل الي