121
شهر الله في الكتاب و السنّة

من الحرام .
على أنَّ النقطة الّتي تبرز على هذا الصعيد ، أنَّ الإسلام أخذ الحيطة لمعالجة هذه الشبهات ودبّر طريقا للخروج من ربقتها ، متمثّلاً بإخراج خمس المال المشتبه عن هذا الطريق ، بمقدور الصائم أن يتخلّص من مشكلة الأطعمة المشتبهة الّتي يتناولها ويطعم منها ضيوفه خاصّةً ، ويطهّرها ممّا يلابسها من شبهات ، لكي يصفوَ له صيام شهر رمضان المبارك وينعم بعطاياه المعنوية أكثر .

دوافع تناول الطعام والشراب

إنَّ طبيعة الدافع الّذي يصدر منه الصائم في تناول الطعام والشراب في وقتَي الإفطار والسحر ، له تأثيره في بلوغ كمال الانتفاع من بركات الصوم . لقد جاء في أحد وصايا النَّبي صلى الله عليه و آله إلى الصحابي الجليل أبي ذرّ الغفاري ، قوله :
« يا أبا ذَرٍّ لِيَكُن لَكَ في كُلِّ شَيءٍ نِيَّةٌ صالِحَةٌ حَتَّى الأَكلِ وَالنَّومِ » .۱
ثَمَّ فرق ولا ريب بين الصائم الّذي يتناول السحور والإفطار بباعث الجوع والعطش وحسب ، وبين من يتناولهما بقصد القربة ورضا اللّه سبحانه ، فالحالة النورية الوضّاءة لصوم الصائم الّذي تناول الطعام فيه بباعث القربة الإلهية ، لا يقارن مطلقا بالصوم الّذي يتمّ تناول الطعام فيه والتقوّي عليه بباعث حيواني وبمحض الشهوة ، بديهي أنَّ الدافع الإلهي في هذه الممارسة ، الّتي يقول فيها الصائم : إنّني أتناول الطعام قربةً إلى اللّه ، يحتاج تحقّقها إلى مقدّمات تتجاوب مع هذه الممارسة ولوازم تقترن معها ، منها أن يتناسب الطعام في النّوعيّة والمقدار مع حاجة البدن .
على ضوء ما مرَّ من المقدّمات والإيضاحات يمكن تكثيف خلاصة الكلام في باب إصلاح الطعام ، بسعي الصائم الالتزام بثلاثة اُمور تقود رعايتها للانغمار بهذه

1.مكارم الأخلاق : ۲ / ۳۷۰ / ۲۶۶۱ ، تنبيه الخواطر : ۲ / ۵۸ كلاهما عن أبي ذر .


شهر الله في الكتاب و السنّة
120

1 . ما يتّسم بالحرمة الذاتية ، مثل : لحوم الحيوانات المحرّمة ، وبيوض الطيور المحرّمة ، وبعض أعضاء الحيوانات المحلّلة (مثل : الطحال ، والقضيب ، والرحم ، والأنثيين ، والمثانة ، والغدد ، والمرارة ، والنخاع وغيرها) ، والأعيان النجسة (مثل : الميتة ، والدم ، ولحم الخنزير ، والشراب المسكر ، ويلحقه أي مائع آخر مسكر) . ۱
2 . ما يتّسم بالحرمة العرضية ، مثل : الأطعمة المتنجّسة بملاقاة الأعيان النجسة ، أو ما يتّسم بإلحاق الضرر الشديد بجسم الإنسان ونفسه .
3 . الأطعمة والأشربة الّتي تهيّأ من المال الحرام ، ويدخل في عدادها موائد الإفطار الّتي يُنفق عليها من بيت المال بدون إذن قانوني .
4 . ما تمّ إعداده من مال مختلط بالحرام .
5 . ما تمّ إعداده من مال لم تؤدَّ حقوقه الشرعية ، مثل الخمس والزكاة .
6 . ما تمّ إعداده من مال حلال ، لكن وقع الإسراف في نوعيّتِهِ ومقداره .

اجتناب الأغذية المشتبهة

إذا أراد الصائم أن يستفيد من صومه وينتفع به ، فينبغي له ألاّ يقتصر على اجتناب الأغذية الّتي ثبتت حرمتها قطعا ، بل من الضروري له أن يجتنب الأطعمة المشتبهة أيضا . والأغذية الّتي تخالطها الشبهات ، وهي على قسمين :
القسم الأوّل : أن يكون المشتبه محكوما بالحلّية في الظاهر ، كما هو حال الأطعمة الّتي يُهيّئها المضيّف المسلم لضيفه ، والضيف يحتمل أن يكون مصدرها من المال الحرام .
القسم الثاني : ما هو محكوما بالحرمة بحسب الظاهر ، كما هو حال الأطعمة الّتي تعدّ من المال المختلط بالحرام ، على النحو الّذي لا يمكن فصل الحلال

1.للاطلاع على المزيد من التفاصيل حيال هذه المجموعة من المحرمات ، تراجع المصادر الفقهية ، وكذلك : رسالة الواجب والحرام ، لآية اللّه المشكيني دام ظلّه .

  • نام منبع :
    شهر الله في الكتاب و السنّة
    سایر پدیدآورندگان :
    الافقی، رسول
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 100615
صفحه از 628
پرینت  ارسال به