369
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

ليس منسوخا ، وأنّه محكم فيها ، سواء كان من الكتاب أم السنّة .
(وَهُوَ لَا يَعْلَمُ النَّاسِخَ مِنَ الْمَنْسُوخِ) . قيل ۱ : «من» هذه للفصل ، وهي داخلة على ثاني المتضادّين ، نحو : «وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنْ الْمُصْلِحِ»۲
، «حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنْ الطَّيِّبِ»۳ . ۴ انتهى .
وقيل ۵ : فيه نظر ؛ لأنّ الفصل مستفاد من العامل ، فإنّ ماز وميّز بمعنى فصل ، والعلم صفة توجب التمييز ، والظاهر أنّ «من» في الآيتين للابتداء أو بمعنى عن . ۶ انتهى .
والأظهر أنّ التمييز في حدّ العلم غير التمييز بين المتضادّين ، فـ «من» في الآيتين للابتداء ، لكنّها في الاُولى وأمثالها باعتبار تضمين العلم معنى التمييز الذي يكون بين المتضادّين .
والنسخ ـ كالمنع ـ : الإزالة ، مثل مجيء الإمام اللاحق حين مُضيّ الإمام السابق ، كما يجيء في «كتاب الإيمان والكفر» في رابع الثاني والأربعين وهو «باب العبادة» ، ومثل إزالة حكم شرعي بآخر حادثٍ ، كما يجيء أيضا في «كتاب الإيمان والكفر» في أوّل «باب» هو السابع عشر ۷ وهو المصطلح عليه عند الاُصوليّين ، ومثل ما في دلالات الألفاظ ونحوها على المعاني ، كأن يكون ظاهر كلام شيئا ويجيء كلام آخر معه أو بعده أو قبله يدلّ على أنّ المراد بالأوّل خلاف ظاهره ، فالثاني ناسخ ، والأوّل منسوخ . وهذا يتحقّق في الأخبار أيضا .
ومعنى تمييز الناسخ من المنسوخ العلم بجميع ما يحتاج إليه الناس من الكتاب

1.في حاشية «أ» : «القائل ابن مالك (منه دام ظله)» .

2.البقرة (۲) : ۲۲۰ .

3.آل عمران (۳) : ۱۷۹ .

4.حكاه عنه في مغني اللبيب ، ج ۱ ، ص ۴۲۴ و ۴۲۵ .

5.في حاشية ، «أ» : «القائل ابن هشام في المغني ، (منه دام ظله)» .

6.مغني اللبيب ، ج ۱ ، ص ۴۲۵ .

7.أي الحديث ۱ من باب (بدون العنوان) .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
368

علمهم بصحّة ذلك التكذيب وتأويله ما يستحقّون عليه من العقاب كقوله : «يَوْمَ يَأْتِى تَأْوِيلُهُ»۱ .
التاسع : (عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ يُونُسَ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ ، عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ) ؛ بضمّ المعجمة وسكون الموحّدة وضمّ المهملة . وعبداللّه بن شبرمة فقيه أهل الكوفة عداده في التابعين ، كان قاضيا للمنصور الدوانيقي على سواد الكوفة . ۲(قَالَ : مَا ذَكَرْتُ) ؛ من الذكر : ضدّ النسيان ، أي ما تذكّرت ؛ أو ضدّ السكوت ، أي ما حدّثت .
(حَدِيثا سَمِعْتُهُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عليهماالسلام إِلَا كَادَ أَنْ يَتَصَدَّعَ قَلْبِي) ؛ بالتاء وشدّ الدال من باب التفعّل ، وفي بعض النسخ بالنون وتخفيف الدال من باب الانفعال ، أي ينشقّ ويتفرّق . والصدع : الشقّ في شيء صلب . ۳ وذلك لما فيه من الدلالة على هلاك القاضي وأصحابه .
(قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ جَدِّي ، عَنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله . قَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ : وَأُقْسِمُ) ؛ بصيغة المضارع المعلوم من باب الإفعال . (بِاللّهِ مَا كَذَبَ أَبُوهُ عَلى جَدِّهِ ، وَلَا جَدُّهُ عَلى رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : مَنْ عَمِلَ بِالْمَقَايِيسِ) ؛ جمع مقيس بردّه إلى أصله ، وهو مقيوس ـ كمحصور ومحاصير ـ ويجيء بيانه في «باب البدع والرأي والمقاييس» .
(فَقَدْ هَلَكَ وَأَهْلَكَ ) أي سواء كان مع إفتاء أم بدونه ، فإنّ مجرّد العمل أيضا ممّا يفضي إلى اقتفاء من اطّلع عليه من المقلِّدة أثره .
(وَمَنْ أَفْتَى النَّاسَ) أي تصدّر لمنصب الفتوى لعامّة الناس في كلّ ما يحتاجون إليه ، ولو اُريد بالناس أحد منهم في قضيّة ، لكان الشرط في هذه الفتوى أن يعلم أنّ دليلها

1.الأعراف (۷) : ۵۳ .

2.تفصيل حاله في منتهى المقال ، ج ۴ ، ص ۱۹۰ ؛ الرقم ۱۷۳۳ .

3.ترتيب كتاب العين ، ج ۲ ، ص ۹۷۵ (صدع) .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 93970
صفحه از 602
پرینت  ارسال به