451
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

الجبريّة ، ومرجئة الخالصة . ۱ انتهى .
(قُلْتُ : قَلَّدْنَا وَقَلَّدُوا) أي قلّدنا أئمّتنا وقلّدوا أئمّتهم .
(فَقَالَ : لَمْ أَسْأَلْكَ عَنْ هذَا) أي ليس سؤالي عن أصل التقليد ، بل عن التفاوت بينكم وبينهم في التقليد .
(فَلَمْ يَكُنْ عِنْدِي جَوَابٌ أَكْثَرُ مِنَ الْجَوَابِ الْأَوَّلِ) ؛ يعني فسكتُّ عن الجواب ثانيا لجهلي به .
(فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ عليه السلام : إِنَّ الْمُرْجِئَةَ نَصَبَتْ رَجُلاً) ؛ من باب ضرب ، أي أقامت رجلاً للإمامة من عند نفسها . وهذا أحد وجهي تسميتها بالناصبة والنواصب ، أو المراد قالت بإمامة رجل .
(لَمْ تَفْرِضْ) ؛ بصيغة المعلوم من باب التفعيل أو من باب ضرب ، وفيه ضمير ۲ راجع إلى المرجئة .
(طَاعَتَهُ) ؛ منصوب على أنّه مفعول به ؛ أي لم يعدوا طاعته فرضا من اللّه ، فإنّهم لم يقولوا بأنّه مُفترض الطاعة بحيث لا يجوز مخالفته بالاجتهاد ؛ لأنّهم علموا أنّ غاية مجهوده في الفتوى أن يكون ظانّا مجتهدا فيها ، إمّا مخطئا وإمّا مصيبا ، أو لم يوجبوا طاعته .
وعلى الثاني في الكلام دلالة على أنّهم يوجبون من عند أنفسهم أشياء ، ولكن لم يوجبوا طاعته بحيث لا يجوز مخالفته بالاجتهاد .
(وَقَلَّدُوهُ) أي في كلّ فتاويه .
(وَأَنْتُمْ نَصَبْتُمْ رَجُلاً) ؛ من باب مجاز المشاكلة ۳ ، فإنّ الرجل منصوب من عند اللّه ورسوله ، أي قلتم بإمامة رجل ، ومراده بالرجل نفسه عليه السلام .

1.الملل والنحل للشهرستاني ، ج ۱ ، ص ۱۳۹ ، معنى الإرجاء .

2.في «ج» : «ضمير فيه» بدل : «فيه ضمير» .

3.مجاز المشاكلة : ذكر الشيء بلفظ غيره لمصاحبته ذلك الغير ، نحو : قالوا اقترح شيئا نجدُّ لك طبخهقلت اطبخوا لي جبّة وقميصا حيث ذكر خياطة الجبّة بلفظ الطبخ لمصاحبته طبخ الطعام .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
450

وهذا لضرورة أنّ التفاوت في الاعتقادين قوّةً وضعفا لا يمكن إلّا بتجويز النقيض في أحدهما ، وهو ينافي العلم ، ولم يشترط جمهورهم الإقرار باللِّسان .
وهذه الطائفة معطية أيضا للناس رجاءهم ، حيث جرّؤوهم على المعاصي ، فإنّهم قالوا : إنّ المؤمن بهذا المعنى لا يخلّد في النار ، ولا ينافي إيمانه ترك الطوع ولا فعل جميع الكبائر مع ترك التوبة . ۱
ومذهب الوعيديّة ـ وهم المعتزلة والخوارج ـ أنّ كلّ كبيرة بلا توبة ينافي الإيمان المُنجي من الخلود في النار ، وأنّ مرتكب الكبيرة بلا توبة من أهل القبلة ليس بمؤمن ولا كافر ، بل في منزلة بين المنزلتين ، أي مخلّد في النار وعذابه أخفّ من عذاب الكافر .
وعلى هذا فالمرجئة والوعيديّة على طرفي التفريط والإفراط ، وبينهما الإماميّة القائلون بالأمر بين الأمرين هنا أيضا ، كما قالوا به في مسألة خلق الأعمال ، وهو هنا أنّ التصديق المعتبر في حدّ الإيمان المُنجي من الخلود في النار هو الطوع القلبي ، وعلامته سوء السيّئة وسرور الحسنة ، فلا ينافي الإيمان كلّ كبيرة ، بل إنّما ينافيه من الكبائر ما يكشف عن الجرأة المتأكّدة المنافية للطوع ، كما يجيء في «كتاب الإيمان والكفر» في مواضع منها تاسع «باب الكفر» .
وأمّا العلم بما يجب التصديق به فليس للعباد فيه صنع وأنّه شرطٌ للكفر ، كما أنّه شرطٌ للإيمان ، كما يجيء في «باب البيان والتعريف ولزوم الحجّة» من «كتاب التوحيد» .
وقد يطلق المرجئة على الجبريّة ؛ لأنّ الجبر من مقالات المرجئة ، وذلك كما قيل ۲ في الحديث : «صنفان من اُمّتي ليس لهما في الإسلام نصيب : المرجئة والقدريّة» ۳ .
وقيل ۴ : المرجئة أصناف أربعة : مرجئة الخوارج ، ومرجئة القدريّة ، ومرجئة

1.حكاه الايجي في المواقف ، ج ۳ ، ص ۵۰۱ ؛ الإنصاف فيما تضمنه الكشاف ، ج ۱ ، ص ۳۲۷ ؛ و ج ۳ ، ص ۵۵۶ ؛ شرح المواقف للقاضي الجرجاني ، ج ۸ ، ص ۳۰۹ .

2.في حاشية النسخ : «القائل الطيبي في شرح المشكاة (منه دام ظلّه)» .

3.جامع الأخبار ، ص ۱۸۸ ؛ وعنه في مستدرك الوسائل ، ج ۱۸ ، ص ۱۸۵ ، ح ۳۹ .

4.في حاشية «د» : «القائل الشهرستاني» وفي حاشية «ج ، أ» : «الشهرستاني» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 93960
صفحه از 602
پرینت  ارسال به