127
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

فَقَالَ الشَّامِيُّ: أَشْهَدُ أَنَّكَ مِنْ وُلْدِ ۱ الْأَنْبِيَاءِ، وَأَنَّ عِلْمَكَ عِلْمُهُمْ.

شرح

السند مجهول ، ورواه الصدوق رحمه الله في كتاب التوحيد بسند فيه ضعف . ۲
قوله : (قد أعيت عليَّ) .
المستتر في «أعيت» راجع إلى المسألة، ووصفها بالإعياء مجاز مبالغة في إشكالها وعسر جوابها .
قال الفيروزآبادي : «عيّ بالأمر وعَيِيَ ـ كرضي ـ وتعايا وتعيّا: لم يهتدِ لوجه مراده، أو عجز عنه، ولم يُطق إحكامَه . وأعيا الماشي: كلَّ، والسيرُ البعيرَ : أكلَّه» ۳ .
وقال الجوهري : «أعيا عليه الأمر وتعيّا وتعايا بمعنى» . ۴
وقوله : (ثلاثة أصناف) .
لعلّ المراد بهم المسلمون واليهود والنصارى، أو المسلمون والمتكلِّمون والفلاسفة .
وقوله : (عن أوّل ما خلق اللّه من خلقه) . الظاهر أنّ كلمة «من» بيان للموصول .
وقال بعض الشارحين :
ردُّه عليه السلام الأجوبةَ المذكورة بقوله : «ما قالوا شيئا» إلى آخره دلَّ على أنّ «من» ابتدائيّة، وأنّ مراد السائل بخلقه المثال، أو المهيّة النوعيّة القديمة، أو المادّة القديمة الأزليّة ، وقد ذهب إلى الأوّل من قال: إنّه تعالى لم يخلق إلّا باحتذاء مثال ، وإلى الثاني من قال: إنّ الأشياء محدثة بعضها من بعضٍ على سبيل التعاقب والتسلسل مع قِدم النوع ، وإلى الثالث من قال : إنّ خلق الأشياء من أصل قديم .
وقد مرّ بطلان هذه الأقوال في باب جوامع التوحيد وغيره . انتهى . ۵

1.في الحاشية عن بعض النسخ: «أولاد».

2.التوحيد ، ص ۶۶ ، ح ۲۰ . والإسناد فيه هكذا : «حدّثنا عليّ بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقّاق ـ رحمه اللّه ـ قال : حدّثني محمّد بن أبي عبداللّه الكوفي ، عن محمّد بن إسماعيل البرمكي ، عن الحسين بن الحسن ، قال : حدّثني أبوسمينة ، عن إسماعيل بن أبان ، عن زيد بن جبير ، عن جابر الجعفي ، قال : ...» .

3.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۶۸ (عيي) مع التلخيص .

4.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۴۴۳ (عيي) .

5.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۱۰ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
126

اللّهُ إِذا وَمَعَهُ شَيْءٌ لَيْسَ هُوَ يَتَقَدَّمُهُ، وَلكِنَّهُ كَانَ؛ إِذْ لَا شَيْءَ غَيْرَهُ، وَخَلَقَ الشَّيْءَ الَّذِي جَمِيعُ الْأَشْيَاءِ مِنْهُ، وَهُوَ الْمَاءُ الَّذِي خَلَقَ الْأَشْيَاءَ مِنْهُ، فَجَعَلَ نَسَبَ كُلِّ شَيْءٍ إِلَى الْمَاءِ، وَلَمْ يَجْعَلْ لِلْمَاءِ نَسَبا يُضَافُ إِلَيْهِ، وَخَلَقَ الرِّيحَ مِنَ الْمَاءِ، ثُمَّ سَلَّطَ الرِّيحَ عَلَى الْمَاءِ، فَشَقَّقَتِ الرِّيحُ مَتْنَ الْمَاءِ حَتّى ثَارَ مِنَ الْمَاءِ زَبَدٌ عَلَى قَدْرِ مَا شَاءَ أَنْ يَثُورَ، فَخَلَقَ مِنْ ذلِكَ الزَّبَدِ أَرْضا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً لَيْسَ فِيهَا صَدْعٌ، وَلَا ثَقْبٌ، ۱ وَلَا صُعُودٌ، وَلَا هُبُوطٌ، وَلَا شَجَرَةٌ، ثُمَّ طَوَاهَا، فَوَضَعَهَا فَوْقَ الْمَاءِ، ثُمَّ خَلَقَ اللّهُ النَّارَ مِنَ الْمَاءِ، فَشَقَّقَتِ النَّارُ مَتْنَ الْمَاءِ حَتّى ثَارَ مِنَ الْمَاءِ دُخَانٌ عَلى قَدْرِ مَا شَاءَ اللّهُ أَنْ يَثُورَ، فَخَلَقَ مِنْ ذلِكَ الدُّخَانِ سَمَاءً صَافِيَةً نَقِيَّةً لَيْسَ فِيهَا صَدْعٌ، وَلَا ثَقْبٌ، ۲ وَذلِكَ قَوْلُهُ: «السَّماءُ بَناها * رَفَعَ سَمْكَها فَسَوّاها * وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها» » ۳ .
قَالَ: «وَلَا شَمْسٌ، وَلَا قَمَرٌ، وَلَا نُجُومٌ، وَلَا سَحَابٌ، ثُمَّ طَوَاهَا، فَوَضَعَهَا فَوْقَ الْأَرْضِ، ثُمَّ نَسَبَ الْخَلِيقَتَيْنِ، فَرَفَعَ السَّمَاءَ قَبْلَ الْأَرْضِ، فَذلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ ذِكْرُهُ: «وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها»۴ ، يَقُولُ: بَسَطَهَا».
فَقَالَ لَهُ الشَّامِيُّ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ، قَوْلُ اللّهِ تَعَالى: «أَوَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقا فَفَتَقْناهُما»۵ ؟
فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : «فَلَعَلَّكَ تَزْعُمُ أَنَّهُمَا كَانَتَا رَتْقا مُلْتَزِقَتَانِ مُلْتَصِقَتَانِ، ۶ فَفُتِقَتْ إِحْدَاهُمَا مِنَ الْأُخْرى؟»
فَقَالَ: نَعَمْ.
فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : «اسْتَغْفِرْ رَبَّكَ؛ فَإِنَّ قَوْلَ اللّهِ ـ جَلَّ وَعَزَّ ـ : «كانَتا رَتْقا» ، يَقُولُ: كَانَتِ السَّمَاءُ رَتْقا لَا تُنْزِلُ الْمَطَرَ، وَكَانَتِ الْأَرْضُ رَتْقا لَا تُنْبِتُ الْحَبَّ، فَلَمَّا خَلَقَ اللّهُ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ الْخَلْقَ، وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ، فَتَقَ السَّمَاءَ بِالْمَطَرِ، وَالْأَرْضَ بِنَبَاتِ الْحَبِّ».

1.في الحاشية عن بعض النسخ وشرح المازندراني: «نقب».

2.في الحاشية عن بعض النسخ والوافي وشرح المازندراني: «نقب».

3.النازعات (۷۹) : ۲۷ - ۲۹ .

4.النازعات (۷۹) : ۳۰ .

5.الأنبياء (۲۱) : ۳۰ .

6.في كلتا الطبعتين وبعض النسخ التي قوبلت في الطبعة الجديدة: «ملتزقتين ملتصقتين».

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 153329
صفحه از 624
پرینت  ارسال به