137
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

وقوله تعالى : «أَوَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا» .
قال البيضاوي :
أو لم يعلموا ، وقرأ ابن كثير بغير واو .
«وَكَانَتَا رَتْقا» : ذات رتق، أو مرتوقتين، وهو الضمّ والالتحام ؛ أي كانتا شيئا واحدا و حقيقة متّحدة .
«فَفَتَقْنَاهُمَا» بالتنويع والتمييز، أو كانت السماوات واحدة، ففُتِقَتْ بالتحريكات المختلفة حتّى صارت أفلاكا، وكانت الأرضون واحدة، فجعلت باختلاف كيفيّاتها وأحوالها طبقات أو أقاليم .
وقيل : «كَانَتَا» بحيث لا فرجة بينهما ففرّج . وقيل «كَانَتَا رَتْقًا» لا تمطِر ولا تُنبت، ففتقتا بالمطر والنبات ، فيكون المراد بالسماوات سماء الدُّنيا، وجمعها باعتبار الآفاق أو السماوات بأسرِها، على أنّ لها مدخلاً مّا في الأمطار ، والكفرة وإن لم يعلموا ذلك، فهم متمكِّنون من العلم به نظرا؛ فإنّ الفتق عارض مفتقر إلى مؤثّر واجب وابتداء، أو بواسطة، أو استفسارا من العلماء ومطالعة الكتب ، وإنّما قال: «كَانَتَا» ولم يقل: «كنّ»؛ لأنّ المراد جماعة السماوات وجماعة الأرض . ۱

متن الحديث الثامن و الستّين

۰.مُحَمَّدٌ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ وَ۲الْحَجَّالِ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ:قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : «كَانَ كُلُّ شَيْءٍ مَاءً، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، فَأَمَرَ اللّهُ ـ عَزَّ ذِكْرُهُ ـ الْمَاءَ فَاضْطَرَمَ نَارا، ثُمَّ أَمَرَ النَّارَ فَخَمَدَتْ، فَارْتَفَعَ مِنْ خُمُودِهَا دُخَانٌ، فَخَلَقَ اللّهُ ۳ السَّمَاوَاتِ ۴ مِنْ ذلِكَ الدُّخَانِ، وَخَلَقَ الْأَرْضَ مِنَ الرَّمَادِ، ثُمَّ اخْتَصَمَ الْمَاءُ وَالنَّارُ وَالرِّيحُ، فَقَالَ الْمَاءُ: أَنَا جُنْدُ اللّهِ الْأَكْبَرُ، وَقَالَتِ الرِّيحُ: أَنَا جُنْدُ اللّهِ الْأَكْبَرُ، وَقَالَتِ النَّارُ: أَنَا جُنْدُ اللّهِ الْأَكْبَرُ، فَأَوْحَى اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ إِلَى

1.تفسير البيضاوي ، ج ۴ ، ص ۹۱ .

2.في السند تحويل بعطف «الحجّال ، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم» على «ابن محبوب ، عن العلاء بن زرين ، عن محمّد بن مسلم» .

3.في الطبعة الجديدة ومعظم النسخ التي قوبلت فيها : - «اللّه » .

4.في الحاشية عن بعض النسخ: «السماء».


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
136

«فَسَوَّاهَا» .
قيل : أي فعدّلها، أو فجعلها مستوية، أو فتمّمها بما يتمّ به كمالها من الكواكب والتداوير وغيرها، من قولهم : سَوّى فلان أمره، إذا أصلَحهُ . ۱«وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا» .
في القاموس: «غطش الليل يغطِش: أظَلَم، كأغْطَشَ، وأغطشه اللّه » . ۲«وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا»۳ أي وأبرز ضوء شمسها ، كقوله : «وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا»۴ ؛ يريد النهار . وإضافتها إليهما لأنّهما يحدثان بحركتها .
قال الفيروزآبادي : «الضَّحو والضَّحوة والضَّحية: ارتفاع النهار . والضُّحى: فُوَيْقَه» . ۵
(قال : و لا شمس و لا قمر و لا نجوم و لا سحاب) أي لم يكن في ابتداء خلقها تلك الأشياء، وإنّما حدثت بعدُ لمصالح الخلق ومنافعهم .
(ثمّ نسب الخليقتين) أي بيّن نسبة خلق الأرض والسماء في كتابه بقوله : «وَالسَّمَاءُ بَنَاهَا» إلى قوله : «وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحَاهَا»۶ فبيّن أنّ دحو الأرض بعد رفع السماء . أو المراد أنّه تعالى رتّبهما في الوضع، وجعل إحداهما فوق الاُخرى . أو جاء بواحدة منهما في إثر الاُخرى .
قال الفيروزآبادي : «النسب ـ محرّكة ـ والنسبة، بالكسر والضمّ: القرابة . يُقال : نسبه ـ كنصر وضرب ـ أي ذَكَرَ نَسبَهُ . والنَّيْسَب، كحَيدر: النَّمل إذا جاء واحدٌ منها في إثر آخر، وطريق النمل» . ۷
(فرفع السماء قبل الأرض) ؛ لعلّ المراد أنّه رفعها بالبسط المعلوم قبل بسط الأرض .
وقوله تعالى : «دَحَاهَا» .
قال البيضاوي : «بسطها، ومهّدها للسكنى» . ۸

1.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۲۲۸ .

2.تفسير البيضاوي ، ج ۵ ، ص ۴۴۸ .

3.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۲۸۱ (غطش) .

4.النازعات (۷۹) : ۲۷ - ۲۹ .

5.الشمس (۹۱) : ۱ .

6.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۵۴ (ضحو) .

7.النازعات (۷۹) : ۳۰ .

8.القاموس المحيط ، ، ج ۱ ، ص ۱۳۱ (نسب) مع التلخيص .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 153204
صفحه از 624
پرینت  ارسال به