139
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

وقيل : كلّ ناصر لدين اللّه ، وغالب على عدوّه، ونافع لخلقه فهو جند اللّه ، كما قال تعالى : «وَللّهِِ جُنُودُ السَّموَاتِ وَالْأَرْضِ»۱ . وقال : «وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا»۲ ؛ أي أيّده بالملائكة والريح، فهزموا الأحزاب . وقال : «إِنَّ جُندَنَا لَهُمْ الْغَالِبُونَ»۳ .
و من البيّن أنّ الأكبريّة باعتبار القوّة والغلبة والضرّ والنفع، وأنّ لكلّ واحدٍ من الماء والنار والريح هذه الأوصاف إلّا أنّها في الريح أقوى وأشدّ من الماء والنار؛ إذ طبعهما لا يقتضي إلّا أمرا واحدا، بخلاف الريح؛ فإنّها مع اتّحاد جوهرها مَصْدرٌ لآثار مختلفة كإيقاد النار وإخمادها، وإثارة السحاب وجمعها وتفريقها، وتنقية الحبوب وترويح النفوس، وتلقيح الأزهار وتربية الأثمار، وتلطيف الأهوية وتكثيفها، وتحريك السُّفن وتسكينها بالإحاطة عليها وسرعة السير إلى جهات مختلفة، وقوّة الحركة إلى أمكنة متباعدة، إلى غير ذلك من خصالها التي لا تُحصى ، ويكفي في ذلك أنّه فتحت السماء بماءٍ منهمر، وانفجرت العيون، وجرت المياه من كلّ جانب لإهلاك قوم نوح، والريح خرجت على مقدار حلقة خاتم، أو خرق إبرة لهلاك قوم عاد، ولو خرجت على مقدار منخر ثورٍ لأهلكت البلاد كلّها . ۴

متن الحديث التاسع و الستّين (حديث الجنان و النوق)

۰.عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْمَدَنِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ:«إِنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ: «يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْدا»۵ ، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، إِنَّ الْوَفْدَ لَا يَكُونُونَ إِلَا رُكْبَانا، أُولئِكَ رِجَالٌ اتَّقَوُا اللّهَ، فَأَحَبَّهُمُ اللّهُ، وَاخْتَصَّهُمْ، وَرَضِيَ أَعْمَالَهُمْ، فَسَمَّاهُمُ الْمُتَّقِينَ.
ثُمَّ قَالَ لَهُ: يَا عَلِيُّ، أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ، إِنَّهُمْ لَيَخْرُجُونَ مِنْ قُبُورِهِمْ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَسْتَقْبِلُهُمْ بِنُوقٍ مِنْ نُوقِ الْعِزِّ، عَلَيْهَا رَحَائِلُ الذَّهَبِ ، مُكَلَّلَةً بِالدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ، وَجَلَائِلُهَا الْاءِسْتَبْرَقُ

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۱۶ .

2.الفتح (۴۸) : ۴ و ۷ .

3.التوبة (۹) : ۴۰ .

4.الصافّات (۳۷) : ۱۷۳ .

5.مريم (۱۹) : ۸۵ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
138

الرِّيحِ: أَنْتِ جُنْدِيَ الْأَكْبَرُ».

شرح

السند صحيح .
قوله : (و كان عرشه على الماء) .
ورد تفسير العرش في بعض الأخبار بالدين والعلم . وقال البيضاوي في تفسير قوله تعالى في سورة هود : «وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّموَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ»۱
:
يعني قبل خلقهما لم يكن حائل بينهما ؛ لأنّه كان موضوعا على متن الماء ، واستدلّ [به ]على إمكان الخلأ، وأنّ الماء أوّل حادث بعد العرش من أجرام هذا العالم . وقيل : كان الماء على متن الريح ، واللّه أعلم بذلك . ۲
(فاضطرم نارا) ؛ من قبيل انفجرت الأرض عيونا .
قال الجوهري : «اضطرمت النار، إذا التهَبت» . ۳
(و خلق الأرض من الرَّماد) .
قيل : لعلّ المراد أنّ بقيّة الأرض التي حصلت بعد الدحو كانت مادّتها الدخان . قال : ويحتمل أيضا أن يكون الزبد المذكور في الأخبار الاُخر مادّة بعيدة للأرض، بأن يكون الرماد حصل من الزَّبَد ، ومن الرماد تكوّنت الأرض ، أو يكون الرماد أحد أجزاء الأرض مزج بالزبد، فجمد الزبد بذلك المزج وتصلّب . ۴
وقيل : هذا لا ينافي ما مرّ من أنّها خلقت من زبد الماء ؛ لأنّ الرماد زبد سمّي رمادا باعتبار أنّه بقي بعد تأثير النار فيه ، وخروج أجزاء مائيّته، وتصاعدها من تأثيرات النار . ۵
وقوله : (أنت جنديَ الأكبر) .
الجند، بالضمّ: الأعوان والأنصار .

1.هود (۱۱) : ۷ .

2.تفسير البيضاوي ، ج ۳ ، ص ۲۲۱ .

3.الصحاح ، ج ۵ ، ص ۱۹۷۱ (ضرم) .

4.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۲۳۲ .

5.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۱۶ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 153361
صفحه از 624
پرینت  ارسال به