وقيل : كلّ ناصر لدين اللّه ، وغالب على عدوّه، ونافع لخلقه فهو جند اللّه ، كما قال تعالى : «وَللّهِِ جُنُودُ السَّموَاتِ وَالْأَرْضِ»۱ . وقال : «وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا»۲ ؛ أي أيّده بالملائكة والريح، فهزموا الأحزاب . وقال : «إِنَّ جُندَنَا لَهُمْ الْغَالِبُونَ»۳ .
و من البيّن أنّ الأكبريّة باعتبار القوّة والغلبة والضرّ والنفع، وأنّ لكلّ واحدٍ من الماء والنار والريح هذه الأوصاف إلّا أنّها في الريح أقوى وأشدّ من الماء والنار؛ إذ طبعهما لا يقتضي إلّا أمرا واحدا، بخلاف الريح؛ فإنّها مع اتّحاد جوهرها مَصْدرٌ لآثار مختلفة كإيقاد النار وإخمادها، وإثارة السحاب وجمعها وتفريقها، وتنقية الحبوب وترويح النفوس، وتلقيح الأزهار وتربية الأثمار، وتلطيف الأهوية وتكثيفها، وتحريك السُّفن وتسكينها بالإحاطة عليها وسرعة السير إلى جهات مختلفة، وقوّة الحركة إلى أمكنة متباعدة، إلى غير ذلك من خصالها التي لا تُحصى ، ويكفي في ذلك أنّه فتحت السماء بماءٍ منهمر، وانفجرت العيون، وجرت المياه من كلّ جانب لإهلاك قوم نوح، والريح خرجت على مقدار حلقة خاتم، أو خرق إبرة لهلاك قوم عاد، ولو خرجت على مقدار منخر ثورٍ لأهلكت البلاد كلّها . ۴
متن الحديث التاسع و الستّين (حديث الجنان و النوق)
۰.عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْمَدَنِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ:«إِنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ: «يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْدا»۵ ، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، إِنَّ الْوَفْدَ لَا يَكُونُونَ إِلَا رُكْبَانا، أُولئِكَ رِجَالٌ اتَّقَوُا اللّهَ، فَأَحَبَّهُمُ اللّهُ، وَاخْتَصَّهُمْ، وَرَضِيَ أَعْمَالَهُمْ، فَسَمَّاهُمُ الْمُتَّقِينَ.
ثُمَّ قَالَ لَهُ: يَا عَلِيُّ، أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ، إِنَّهُمْ لَيَخْرُجُونَ مِنْ قُبُورِهِمْ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَسْتَقْبِلُهُمْ بِنُوقٍ مِنْ نُوقِ الْعِزِّ، عَلَيْهَا رَحَائِلُ الذَّهَبِ ، مُكَلَّلَةً بِالدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ، وَجَلَائِلُهَا الْاءِسْتَبْرَقُ