195
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

الصحيح ، والأظهر أن يُقال: لمّا كانت حصائد الألسنة وزلّاتها كثيرة، وأعظمها إنكار الولاية لأهلها، نبّه عليه السلام بأنّ سائر أعماله لا ثمرة لها حتّى يستقيم لسانه، ويقول قولاً عدلاً ، والعمدة فيه الإقرار بالولاية .

متن الحديث الثاني والثمانين

۰.يُونُسُ۱، عَنْ عَلِيِّ بْنِ شَجَرَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ:«لِلّهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ فِي بِلَادِهِ خَمْسُ حُرَمٍ: حُرْمَةُ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وَحُرْمَةُ آلِ الرَّسُولِ ۲ صلى الله عليه و آله ، وَحُرْمَةُ كِتَابِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَحُرْمَةُ كَعْبَةِ اللّهِ، وَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ».

شرح

السند كما عرفت في سند الحديث السابق .
قوله : (خمس حُرَم) إلى آخره .
في القاموس:
الحرمة، بالضمّ وبضمّتين، وكهُمزَة: ما لا يحلّ انتهاكه . والذِّمّة، والمهابة، والنصيب. «وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللّه »۳ ؛ أي ما وجب القيام به، وحَرُم التفريط فيه. وكأمير: ما حُرِّم، فلم يُمسّ. وعن الدار: ما اُضيف إليها في حقوقها ومرافقها . وحريم الرجل: ما يحميه، ويُقاتل عنه . والجمع: أحرام، وحُرُم بضمّتين . انتهى . ۴
ويظهر من هذا الحديث أنّ الحرم جمع الحرمة، وأنّ المراد بها ما يجب احترامه . وقيل : المراد بالحرم الحقوق المقرّرة شرعا، ومن حقوق الرسول على الاُمّة التصديق به، وبما جاء به ، إلى غير ذلك . ومن حقوق آل الرسول أن يقرّ بولايتهم، ويتّبعهم في العقائد والأعمال، وقس عليهما البواقي جملةً؛ فإنّ تفصيل الحقوق يوجب الإطناب . ۵

1.السند معلّق على سابقه ، ويروي عن يونس ، عليّ بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى بن عبيد .

2.في كلتا الطبعتين وبعض النسخ التي قوبلت في الطبعة الجديدة : «آل رسول اللّه » .

3.الحجّ (۲۲) : ۳۰ .

4.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۹۵ (حرم) مع التلخيص .

5.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۴۰ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
194

يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ» 1 ، اعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنْكَ شَيْئا 2 حَتّى تَقُولَ قَوْلاً عَدْلاً».

شرح

السند مختلفٌ فيه ، وفيه شائبة الإرسال؛ فإنّ يونس بن عبد الرحمان الذي روى عنه اليقطيني، لم يعدّوه في رجال الصادق عليه السلام ، ولم يعهد رواية اليقطيني عنه .
قوله عليه السلام : (غرّك) .
قال الجوهري: «غرّه يغرّه؛ أي خدعه» . ۳
(أن عفّ بطنُك وفرجك) .
قال الجوهري: «عفَّ عن الحرام يَعِفّ عَفّا وعِفّةً وعَفافَةً ؛ أي كفّ» انتهى . ۴
وقيل : العِفّة : الاكتفاء بقدر الضرورة، أو ما دونه من الحلال . ۵ والحاصل أنّه عليه السلام حذّره من الانخداع بعفّة البطن والفرج بأن عدّ نفسه من الأولياء والكمّل بدون الإقرار والإذعان بولاية وليّ الأمر .
واستدلّ على ذلك بقوله تعالى في سورة الأحزاب : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ» في ارتكاب ما يكرهه «وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدا» . قيل : أي قاصدا إلى الحقّ، من سَدَّ يَسِدُّ سَدادا . ۶ وقيل : هو المُعرّى عن الباطل . ۷«يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ» أي يصلحها بالقبول والإثابة عليها . أو يوفّقكم للأعمال الصالحة .
وقوله عليه السلام : (حتّى تقول قولاً عدلاً) إشارة إلى تفسير القول السديد .
وقيل : المراد به الاعتقاد الصحيح ، ولمّا كان هذا الصوفيّ المبتدع منحرفا عن ناحية أهل البيت عليهم السلام منكرا لإمامتهم، نبّه عليه بأنّه لا ينفعه أعماله مع تلك العقيدة الفاسدة ؛ فإنّ قبول الأعمال مشروط بصحّة العقائد . ۸
وأقول: في تفسير القول بالاعتقاد خفاء ، ولعلّ هذا القائل أراد به ما يكون منشؤه الاعتقاد

1.الأحزاب (۳۳) : ۷۰ و۷۱.

2.في الحاشية عن بعض النسخ: «قولاً».

3.الصحاح ، ج ۲ ، ص ۷۶۹ (غرر) .

4.الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۴۰۵ (عفف) .

5.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۴۰ .

6.اُنظر : مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۲۶۰ .

7.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۲۶۰ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 153241
صفحه از 624
پرینت  ارسال به