197
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

قال الجوهري : «أناب إلى اللّه ؛ أي أقبل، وتاب» . ۱
وقوله : (أحبّه أهلُ السماء) . وثمرة محبّتهم إيّاه أنّهم يذكرونه في الملأ الأعلى، ويدعون له، ويستغفرون لذنوبه .
وقوله : (أمر اللّه بإثبات حسناته، وإلقاء سيّئاته) .
ولعلّ المراد أنّه يوفّق حينئذٍ لفعل الحسنات وترك السيّئات، وهذا أيضا إمّا محمول على الغالب ؛ لانكسار سورة أكثر الدواعي الشهوانيّة في هذا السنّ ، أو مختصّ بالمؤمن الكامل .
وقيل : لا يخفى أنّ الإتيان في هذا السنّ بالسيّئات أشنع، والمخالفة للربّ أقبح وأفظع ، ولكنّه تعالى يرحمه؛ لضعفه وعجزه، فيأمر بإلقاء سيّئاته؛ لئلّا يخجّله على رؤوس الأشهاد تفضّلاً عليه . وقد مرّ في الاُصول أنّ اللّه تعالى لا ينظر يوم القيامة إلى شيخ زان . فتأمّل . ۲
وقوله : (ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر) .
الظاهر أنّ المراد جميع ما فرّط منه ممّا يصحّ كونه منشأً للعتاب .
ولعلّ غفرانه بتوفيق الإنابة والتدارك . وقيل : كأنّ المراد بالذنوب الصغائر من حقوق اللّه تعالى مع احتمال الكبائر أيضا . ۳
وقوله : (أسيرَ اللّه ) .
لعلّه لكونه مغلوبا بالضعف والانكسار، وتعطّل الحواسّ كلّاً أو جُلّاً، وعجزه عمّا يريد من الأعمال كالأسير .
وقيل : سمّي أسيرا؛ لأنّه أسره قضاء اللّه ، فأخرجه من موطنه الأصلي، وحبسه في دار الغربة مدّة طويلة، وعذّبه بهواء النفس وإغراء الشيطان، فهو محلّ الترحّم . ۴
وقوله : (أرذلُ العمر) .
في القاموس: «الأرذل: الدون الخسيس، أو الرديء من كلّ شيء . فأرذل العمر: أسوؤهُ» انتهى . ۵

1.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۲۲۹ (نوب) .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۴۱ .

3.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۳۸۴ (رذل) .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
196

متن الحديث الثالث والثمانين

۰.عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ:سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «إِذَا بَلَغَ الْمُؤْمِنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، آمَنَهُ اللّهُ مِنَ الْأَدْوَاءِ الثَّلَاثَةِ: الْبَرَصِ، وَالْجُذَامِ، وَالْجُنُونِ.
فَإِذَا بَلَغَ الْخَمْسِينَ، خَفَّفَ اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ حِسَابَهُ. فَإِذَا بَلَغَ سِتِّينَ سَنَةً، رَزَقَهُ اللّهُ الْاءِنَابَةَ. فَإِذَا بَلَغَ السَّبْعِينَ، أَحَبَّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ. فَإِذَا بَلَغَ الثَّمَانِينَ، أَمَرَ اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ بِإِثْبَاتِ حَسَنَاتِهِ وَإِلْقَاءِ سَيِّئَاتِهِ. فَإِذَا بَلَغَ التِّسْعِينَ، غَفَرَ اللّهُ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، وَكُتِبَ أَسِيرَ اللّهِ فِي أَرْضِهِ».
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرى: «فَإِذَا بَلَغَ الْمِائَةَ، فَذلِكَ أَرْذَلُ الْعُمُرِ».

شرح

السند مجهول .
قوله : (آمنه اللّه من الأدواء الثلاثة) ؛ كأنّه محمول على الغالب، أو مختصّ بالمؤمن الكامل .
والأدواء: جمع الدواء . قال الجوهري : «الدواء، مقصور: المرض. تقول منه: دَوِيَ، بالكسر؛ أي مرض» . ۱
وقال الفيروزآبادي : «الدواء، مثلّثة: ما داويتَ به. وبالقصر: المرض» . ۲
وقال : «الجذام، كغراب: علّة تحدث من انتشار السوداء في البدن كلّه، فيفسد مزاج الأعضاء وهيأتها . وربّما انتهى إلى تآكل الأعضاء وسقوطها عن تقرّح . جُذِم كعُني» . ۳
وقوله : (خفّف اللّه حسابه) أي يساهل معه في كثير من اُموره يوم القيامة، ولا يشدّد عليه .
وقوله : (الإنابة) .

1.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۳۴۲ (دوي) .

2.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۲۹ (دوي) .

3.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۸۸ (جذم) .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 153327
صفحه از 624
پرینت  ارسال به