211
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

قَالَ: إِنَّ بَدْرا أَكْرَمُ وَقْعَةٍ كَانَتْ فِي الْعَرَبِ، بِهَا أَكْرَمَ اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ الْاءِسْلَامَ وَأَهْلَهُ، ۱ وَهِيَ أَعَزُّ وَقْعَةٍ كَانَتْ فِي الْعَرَبِ، بِهَا أَعَزَّ اللّهُ الْاءِسْلَامَ وَأَهْلَهُ، وَهِيَ أَذَلُّ وَقْعَةٍ كَانَتْ فِي الْعَرَبِ، فَلَمَّا قُتِلَتْ قُرَيْشٌ يَوْمَئِذٍ ذَلَّتِ الْعَرَبُ.
فَقَالَ لَهُ خَالِدٌ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللّهِ، إِنْ كَانَ فِي الْعَرَبِ يَوْمَئِذٍ مَنْ هُوَ أَعَزُّ مِنْهُمْ، وَيْلَكَ يَا قَتَادَةُ، أَخْبِرْنِي بِبَعْضِ أَشْعَارِهِمْ.
قَالَ: خَرَجَ أَبُو جَهْلٍ يَوْمَئِذٍ، وَقَدْ أَعْلَمَ لِيُرى مَكَانُهُ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ حَمْرَاءُ، وَبِيَدِهِ تُرْسٌ مُذَهَّبٌ وَهُوَ يَقُولُ:

مَا تَنْقِمُ الْحَرْبُ الشَّمُوسُ مِنِّيبَازِلُ عَامَيْنِ حَدِيثُ السِّنِّ
لِمِثْلِ هذَا وَلَدَتْنِي أُمِّي
فَقَالَ: كَذَبَ عَدُوُّ اللّهِ، إِنْ كَانَ ابْنُ أَخِي لَأَفْرَسَ مِنْهُ ـ يَعْنِي خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَكَانَتْ أُمُّهُ قُشَيْرِيَّةً ـ : وَيْلَكَ يَا قَتَادَةُ، مَنِ الَّذِي يَقُولُ: أُوفِي بِمِيعَادِي، وَأَحْمِي عَنْ حَسَبْ؟
فَقَالَ: أَصْلَحَ اللّهُ الْأَمِيرَ، لَيْسَ هذَا يَوْمَئِذٍ، هذَا يَوْمُ أُحُدٍ، خَرَجَ طَلْحَةُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ وَهُوَ يُنَادِي: مَنْ يُبَارِزُ؟ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِ أَحَدٌ، فَقَالَ: إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ تُجَهِّزُونَّا بِأَسْيَافِكُمْ إِلَى النَّارِ، وَنَحْنُ نُجَهِّزُكُمْ بِأَسْيَافِنَا إِلَى الْجَنَّةِ، فَلْيَبْرُزَنَّ إِلَيَّ رَجُلٌ يُجَهِّزُنِي بِسَيْفِهِ إِلَى النَّارِ، وَأُجَهِّزُهُ بِسَيْفِي إِلَى الْجَنَّةِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام وَهُوَ يَقُولُ:

«أَنَا ابْنُ ذِي الْحَوْضَيْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبْوَهَاشِمِ المُطْعِمِ فِي الْعَامِ السَّغِبْ
أُوفِي بِمِيعَادِي وَأَحْمِي عَنْ حَسَبْ».
فَقَالَ خَالِدٌ لَعَنَهُ اللّهُ: كَذَبَ لَعَمْرِي وَاللّهِ أَبُو تُرَابٍ، مَا كَانَ كَذلِكَ.
فَقَالَ الشَّيْخُ: أَيُّهَا الْأَمِيرُ، ائْذَنْ لِي فِي الأْصِرَافِ.
قَالَ: فَقَامَ الشَّيْخُ يُفَرِّجُ النَّاسَ بِيَدِهِ، وَخَرَجَ، وَهُوَ يَقُولُ: زِنْدِيقٌ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، زِنْدِيقٌ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ.

1.في الحاشية عن بعض النسخ: «بها أنزل اللّه الملائكة لإمداد الإسلام وأهله» بدل «بها أكرم اللّه ـ عزّ وجلّ ـ الإسلام وأهله».


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
210

فقال جبرئيل : وأنا منكما . قال : وسُمع ذلك اليومَ صوتٌ من قبل السماء، لا يُرى شَخص الصارخ به، ينادي مرارا : لا سيف إلّا ذو الفقار، ولا فتى إلّا عليّ . فسُئِلَ رسول اللّه صلى الله عليه و آله عنه ، فقال : «هذا جبرئيل» .
قلت : وقد روى هذا الخبر جماعة من المحدّثين، وهو من الأخبار المشهورة، ووقفت عليه في بعض مغازي محمّد بن إسحاق، ورأيت بعضها خاليا عنه، وسألت شيخي عبد الوهّاب بن سكينة عن هذا الخبر، فقال : خبر صحيح .
فقلت له : فما بال الصحاح لم تشتمل عليه؟ قال : أو كلّ ما كان صحيحا تشتمل عليه كتب الصحاح؟ كم قد أهمل جامعوا الصحاح من الأخبار الصحيحة . انتهى . ۱

متن الحديث الواحد والتسعين

۰.حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ بْنِ أَحْمَدَ الدِّهْقَانِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الطَّاطَرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادِ بْنِ عِيسى بَيَّاعِ السَّابِرِيِّ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي فُضَيْلٌ الْبُرْجُمِيُّ، قَالَ:كُنْتُ بِمَكَّةَ، وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ أَمِيرٌ، وَكَانَ فِي الْمَسْجِدِ عِنْدَ زَمْزَمَ، فَقَالَ: ادْعُوا لِي قَتَادَةَ.
قَالَ: فَجَاءَ شَيْخٌ أَحْمَرُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، فَدَنَوْتُ ۲ لأسْمَعَ، فَقَالَ خَالِدٌ: يَا قَتَادَةُ، أَخْبِرْنِي بِأَكْرَمِ وَقْعَةٍ كَانَتْ فِي الْعَرَبِ، وَأَعَزِّ وَقْعَةٍ كَانَتْ فِي الْعَرَبِ، وَأَذَلِّ وَقْعَةٍ كَانَتْ فِي الْعَرَبِ، فَقَالَ:
أَصْلَحَ اللّهُ الْأَمِيرَ، أُخْبِرُكَ بِأَكْرَمِ وَقْعَةٍ كَانَتْ فِي الْعَرَبِ، وَأَعَزِّ وَقْعَةٍ كَانَتْ فِي الْعَرَبِ، وَأَذَلِّ وَقْعَةٍ كَانَتْ فِي الْعَرَبِ، وَاحِدَةٌ.
قَالَ خَالِدٌ: وَيْحَكَ وَاحِدَةٌ؟
قَالَ: نَعَمْ، أَصْلَحَ اللّهُ الْأَمِيرَ.
قَالَ: أَخْبِرْنِي.
قَالَ: بَدْرٌ.
قَالَ: وَكَيْفَ ذَا؟

1.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج ۱۴ ، ص ۲۵۰ و ۲۵۱ .

2.في الحاشية عن بعض النسخ: + «منه».

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 153214
صفحه از 624
پرینت  ارسال به