309
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

يَأْكُلَ لَأَكَلَ، وَلَقَدْ أَتَاهُ جَبْرَئِيلُ عليه السلام بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، يُخَيِّرُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَهُ اللّهُ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ مِمَّا أَعَدَّ اللّهُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَيْئا، فَيَخْتَارُ التَّوَاضُعَ لِرَبِّهِ ـ جَلَّ وَعَزَّ ـ وَمَا سُئِلَ شَيْئا قَطُّ، فَيَقُولَ: لَا، إِنْ كَانَ أَعْطى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَالَ: يَكُونُ، وَمَا أَعْطى عَلَى اللّهِ شَيْئا قَطُّ إِلَا سَلَّمَ ذلِكَ إِلَيْهِ، حَتّى إِنْ كَانَ لَيُعْطِي الرَّجُلَ الْجَنَّةَ، فَيُسَلِّمُ اللّهُ ذلِكَ لَهُ».
ثُمَّ تَنَاوَلَنِي بِيَدِهِ، وَقَالَ: «وَإِنْ كَانَ صَاحِبُكُمْ لَيَجْلِسُ جِلْسَةَ الْعَبْدِ، وَيَأْكُلُ إِكْلَةَ الْعَبْدِ، وَيُطْعِمُ النَّاسَ خُبْزَ الْبُرِّ وَاللَّحْمَ، وَيَرْجِعُ إِلى أَهْلِهِ، فَيَأْكُلُ الْخُبْزَ وَالزَّيْتَ، وَإِنْ كَانَ لَيَشْتَرِي الْقَمِيصَ السُّنْبُلَانِيَّ، ۱ ثُمَّ يُخَيِّرُ غُلَامَهُ خَيْرَهُمَا، ثُمَّ يَلْبَسُ الْبَاقِيَ، فَإِذَا جَازَ أَصَابِعَهُ قَطَعَهُ، وَإِذَا جَازَ كَعْبَهُ حَذَفَهُ، وَمَا وَرَدَ عَلَيْهِ أَمْرَانِ قَطُّ كِلَاهُمَا لِلّهِ رِضًا إِلَا أَخَذَ بِأَشَدِّهِمَا عَلى بَدَنِهِ، وَلَقَدْ وُلِّيَ النَّاسَ خَمْسَ سِنِينَ، فَمَا وَضَعَ آجُرَّةً عَلى آجُرَّةٍ، وَلَا لَبِنَةً عَلى لَبِنَةٍ، وَلَا أَقْطَعَ قَطِيعَةً، وَلَا أَوْرَثَ بَيْضَاءَ وَلَا حَمْرَاءَ إِلَا سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَضَلَتْ مِنْ عَطَايَاهُ، أَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَ لأهْلِهِ بِهَا خَادِما، وَمَا أَطَاقَ أَحَدٌ عَمَلَهُ، وَإِنْ كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليه السلام لَيَنْظُرُ فِي الْكِتَابِ مِنْ كُتُبِ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَيَضْرِبُ بِهِ الْأَرْضَ، وَيَقُولُ: مَنْ يُطِيقُ هذَا؟».

شرح

السند مجهول .
قوله : (من أن بعثه اللّه ) . يحتمل أن يقرأ «أن» بفتح الهمزة، وأن يقرأ بمدّها .
وقوله : (ردّ على نفسه) بالتحريك؛ أي ردّه إلى جوفه، ولم يتنفّس هنيئة، من قولهم: ردّ عليه ؛ أي لم يقبله .
وقوله : (ما رأته عين يأكل وهو متّكئ) .
إن قلنا: إذا لم يفعله رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فلِمَ فعله عليه السلام ؟! وقد قال اللّه عزّ وجلّ : «لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ»۲ ؟!
قلت : لعلّه عليه السلام فعله لعذر ، أو ضعف، أو لبيان الجواز .
وقوله : (يُجيز الرجل الواحد بالمائة من الإبل) أي يعطيها إيّاه، أو ينفذها ويرسلها إليه .

1.في الحاشية عن بعض النسخ: «السبلاني».

2.الأحزاب (۳۳) : ۲۱ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
308

وقال : «سمع في الشعر: ظَلّ ليلَه يفعل كذا» . ۱
وفي بعض النسخ: «يصل» من الصِّلة والإحسان، والمستتر فيه راجع إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، و«جائعا» مفعوله .
وفي بعضها: «يصلّي» .
ويؤيّد نسخة الأصل ما رواه المصنّف رحمه الله في باب ذمّ الدُّنيا عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : «ما أعجب رسول اللّه صلى الله عليه و آله شيءٌ من الدُّنيا إلّا أن يكون فيها جائعا خائفا» . ۲

متن الحديث المائة

۰.عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ وَأَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ جَمِيعا، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو الْجُعْفِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ:دَخَلْتُ عَلى أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ذَاتَ يَوْمٍ، وَهُوَ يَأْكُلُ مُتَّكِئا، قَالَ: وَقَدْ كَانَ يَبْلُغُنَا أَنَّ ذلِكَ يُكْرَهُ، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَدَعَانِي إِلى طَعَامِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ، قَالَ:
«يَا مُحَمَّدُ، لَعَلَّكَ تَرى أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله [مَا] رَأَتْهُ عَيْنٌ ۳ يَأْكُلُ، وَهُوَ مُتَّكِئٌ مِنْ أَنْ ۴ بَعَثَهُ اللّهُ إِلى أَنْ قَبَضَهُ؟».
[قَالَ]: ثُمَّ رَدَّ عَلى نَفْسِهِ، فَقَالَ: «لَا وَاللّهِ، مَا رَأَتْهُ عَيْنٌ يَأْكُلُ وَهُوَ مُتَّكِئٌ مِنْ أَنْ ۵ بَعَثَهُ اللّهُ إِلى أَنْ قَبَضَهُ».
ثُمَّ قَالَ: «يَا مُحَمَّدُ، لَعَلَّكَ تَرى أَنَّهُ شَبِعَ مِنْ خُبْزِ الْبُرِّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَةً مِنْ أَنْ ۶ بَعَثَهُ اللّهُ إِلى أَنْ قَبَضَهُ؟».
ثُمَّ رَدَّ عَلى نَفْسِهِ، ثُمَّ قَالَ: «لَا وَاللّهِ، مَا شَبِعَ مِنْ خُبْزِ الْبُرِّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَةً مُنْذُ بَعَثَهُ اللّهُ إِلى أَنْ قَبَضَهُ؛ أَمَا إِنِّي لَا أَقُولُ: إِنَّهُ كَانَ لَا يَجِدُ، لَقَدْ كَانَ يُجِيزُ الرَّجُلَ الْوَاحِدَ بِالْمِائَةِ مِنَ الْاءِبِلِ، فَلَوْ أَرَادَ أَنْ

1.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۱۰ (ظلل).

2.الكافي ، ج ۲ ، ص ۱۲۹ ، ح ۷ . وعنه في بحار الأنوار ، ج ۱۶ ، ص ۲۶۶ ، ح ۶۶ .

3.في الطبعة القديمة : + «وهو» .

4.في الحاشية عن بعض النسخ والوافي والوسائل : «منذ» بدل «من أن».

5.في الحاشية عن بعض النسخ: «منذ» بدل «من أن».

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 153201
صفحه از 624
پرینت  ارسال به