323
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

يَا عِيسى، دِينُهُ الْحَنِيفِيَّةُ، وَقِبْلَتُهُ يَمَانِيَّةٌ، وَهُوَ مِنْ حِزْبِي، وَأَنَا مَعَهُ، فَطُوبى لَهُ، ثُمَّ طُوبى لَهُ، لَهُ الْكَوْثَرُ وَالْمَقَامُ الْأَكْبَرُ فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ، يَعِيشُ أَكْرَمَ مَنْ عَاشَ، وَيُقْبَضُ شَهِيدا، لَهُ حَوْضٌ أَكْبَرُ مِنْ بَكَّةَ إِلى مَطْلَعِ الشَّمْسِ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ، فِيهِ آنِيَةٌ مِثْلُ نُجُومِ السَّمَاءِ، وَأَكْوَابٌ مِثْلُ مَدَرِ الْأَرْضِ عَذْبٍ، فِيهِ مِنْ كُلِّ شَرَابٍ وَطَعْمِ كُلِّ ثِمَارٍ فِي الْجَنَّةِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ أَبَدا، وَذلِكَ مِنْ قَسْمِي لَهُ، وَتَفْضِيلِي إِيَّاهُ، عَلى فَتْرَةٍ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ، يُوَافِقُ سِرُّهُ عَلَانِيَتَهُ، وَقَوْلُهُ فِعْلَهُ، لَا يَأْمُرُ النَّاسَ إِلَا بِمَا يَبْدَأُهُمْ بِهِ ، دِينُهُ الْجِهَادُ فِي عُسْرٍ وَيُسْرٍ، تَنْقَادُ لَهُ الْبِلَادُ، وَيَخْضَعُ لَهُ صَاحِبُ الرُّومِ، عَلى دِينِ إِبْرَاهِيمَ، يُسَمِّي عِنْدَ الطَّعَامِ، وَيُفْشِي السَّلَامُ، وَيُصَلِّي وَالنَّاسُ نِيَامٌ.
لَهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسُ صَلَوَاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ، يُنَادِي إِلَى الصَّلَاةِ كَنِدَاءِ الْجَيْشِ بِالشِّعَارِ، وَيَفْتَتِحُ بِالتَّكْبِيرِ، وَيَخْتَتِمُ بِالتَّسْلِيمِ، وَيَصُفُّ قَدَمَيْهِ فِي الصَّلَاةِ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ أَقْدَامَهَا، وَيَخْشَعُ لِي قَلْبُهُ وَرَأْسُهُ، النُّورُ فِي صَدْرِهِ، وَالْحَقُّ عَلى لِسَانِهِ، وَهُوَ عَلَى الْحَقِّ حَيْثُمَا كَانَ ، أَصْلُهُ يَتِيمٌ، ضَالٌّ بُرْهَةً مِنْ زَمَانِهِ عَمَّا يُرَادُ بِهِ.
تَنَامُ عَيْنَاهُ، وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ، لَهُ الشَّفَاعَةُ، وَعَلى أُمَّتِهِ تَقُومُ السَّاعَةُ، وَيَدِي فَوْقَ أَيْدِيهِمْ، فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ، وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهِ أَوْفَيْتُ لَهُ بِالْجَنَّةِ.
فَمُرْ ظَلَمَةَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَا يَدْرُسُوا كُتُبَهُ، وَلَا يُحَرِّفُوا سُنَّتَهُ، وَأَنْ يُقْرِؤُوهُ السَّلَامُ؛ فَإِنَّ لَهُ فِي الْمَقَامِ شَأْنا مِنَ الشَّأْنِ.
يَا عِيسى، كُلُّ مَا يُقَرِّبُكَ مِنِّي، فَقَدْ دَلَلْتُكَ عَلَيْهِ، وَكُلُّ مَا يُبَاعِدُكَ مِنِّي، فَقَدْ نَهَيْتُكَ عَنْهُ، فَارْتَدْ لِنَفْسِكَ.
يَا عِيسى، إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ، وَإِنَّمَا اسْتَعْمَلْتُكَ فِيهَا، فَجَانِبْ مِنْهَا مَا حَذَّرْتُكَ، وَخُذْ مِنْهَا مَا أَعْطَيْتُكَ عَفْوا.
يَا عِيسَى انْظُرْ فِي عَمَلِكَ نَظَرَ الْعَبْدِ الْمُذْنِبِ الْخَاطِئِ، وَلَا تَنْظُرْ فِي عَمَلِ غَيْرِكَ بِمَنْزِلَةِ الرَّبِّ، كُنْ فِيهَا زَاهِدا، وَلَا تَرْغَبْ فِيهَا، فَتَعْطَبَ.
يَا عِيسَى اعْقِلْ، وَتَفَكَّرْ، وَانْظُرْ فِي نَوَاحِي الْأَرْضِ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ.
يَا عِيسى، كُلُّ وَصْفِي لَكَ نَصِيحَةٌ، وَكُلُّ قَوْلِي لَكَ حَقٌّ، وَأَنَا الْحَقُّ الْمُبِينُ، فَحَقّا أَقُولُ: لَئِنْ أَنْتَ


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
322

يَا عِيسى، قُلْ لِظَلَمَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ: غَسَلْتُمْ وُجُوهَكُمْ، وَدَنَّسْتُمْ قُلُوبَكُمْ، أَ بِي تَغْتَرُّونَ؟ أَمْ عَلَيَّ تَجْتَرِؤُونَ؟ تَطَيَّبُونَ بِالطِّيبِ لأهْلِ الدُّنْيَا، وَأَجْوَافُكُمْ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الْجِيَفِ الْمُنْتِنَةِ، كَأَنَّكُمْ أَقْوَامٌ مَيِّتُونَ.
يَا عِيسى، قُلْ لَهُمْ: قَلِّمُوا أَظْفَارَكُمْ مِنْ كَسْبِ الْحَرَامِ، وَأَصِمُّوا أَسْمَاعَكُمْ عَنْ ذِكْرِ الْخَنَا، وَأَقْبِلُوا عَلَيَّ بِقُلُوبِكُمْ؛ فَإِنِّي لَسْتُ أُرِيدُ ضَرَرَكُمْ.
يَا عِيسَى افْرَحْ بِالْحَسَنَةِ؛ فَإِنَّهَا لِي رِضًا، وَابْكِ عَلَى السَّيِّئَةِ؛ فَإِنَّهَا شَيْنٌ، وَمَا لَا تُحِبُّ أَنْ يُصْنَعَ بِكَ، فَلَا تَصْنَعْهُ بِغَيْرِكَ، وَإِنْ لَطَمَ خَدَّكَ الْأَيْمَنَ، فَأَعْطِهِ الْأَيْسَرَ، وَتَقَرَّبْ إِلَيَّ بِالْمَوَدَّةِ جُهْدَكَ، وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ.
يَا عِيسى، ذِلَّ لأهْلِ الْحَسَنَةِ، وَشَارِكْهُمْ فِيهَا، وَكُنْ عَلَيْهِمْ شَهِيدا، وَقُلْ لِظَلَمَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ: يَا أَخْدَانَ السَّوْءِ، وَالْجُلَسَاءَ عَلَيْهِ، إِنْ لَمْ تَنْتَهُوا أَمْسَخْكُمْ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ.
يَا عِيسى، قُلْ لِظَلَمَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ: الْحِكْمَةُ تَبْكِي فَرَقا مِنِّي، وَأَنْتُمْ بِالضَّحِكِ تَهْجُرُونَ، أَتَتْكُمْ بَرَاءَتِي، أَمْ لَدَيْكُمْ أَمَانٌ مِنْ عَذَابِي، أَمْ تَعَرَّضُونَ لِعُقُوبَتِي، فَبِي حَلَفْتُ لَأَتْرُكَنَّكُمْ مَثَلاً لِلْغَابِرِينَ.
ثُمَّ أُوصِيكَ يَا ابْنَ مَرْيَمَ الْبِكْرِ الْبَتُولِ بِسَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، وَحَبِيبِي، فَهُوَ أَحْمَدُ، صَاحِبُ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ، وَالْوَجْهِ الْأَقْمَرِ، الْمُشْرِقِ بِالنُّورِ الطَّاهِرِ الْقَلْبِ الشَّدِيدِ الْبَأْسِ الْحَيِيِّ الْمُتَكَرِّمِ؛ فَإِنَّهُ رَحْمَةٌ لِلْعَالَمِينَ، وَسَيِّدُ وُلْدِ آدَمَ يَوْمَ يَلْقَانِي، أَكْرَمُ السَّابِقِينَ عَلَيَّ، وَأَقْرَبُ الْمُرْسَلِينَ مِنِّي، الْعَرَبِيُّ الْأَمِينُ، الدَّيَّانُ بِدِينِي، الصَّابِرُ فِي ذَاتِي، الْمُجَاهِدُ الْمُشْرِكِينَ بِيَدِهِ عَنْ دِينِي، أَنْ تُخْبِرَ بِهِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَتَأْمُرَهُمْ أَنْ يُصَدِّقُوا بِهِ، وَأَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ، وَأَنْ يَتَّبِعُوهُ، وَأَنْ يَنْصُرُوهُ.
قَالَ عِيسى عليه السلام : إِلهِي، مَنْ هُوَ حَتّى أُرْضِيَهُ؟ فَلَكَ الرِّضَا.
قَالَ: هُوَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللّهِ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، أَقْرَبُهُمْ مِنِّي مَنْزِلَةً، وَأَحْضَرُهُمْ شَفَاعَةً، طُوبى لَهُ مِنْ نَبِيٍّ، وَطُوبى لأمَّتِهِ، إِنْ هُمْ لَقُونِي عَلى سَبِيلِهِ يَحْمَدُهُ أَهْلُ الْأَرْضِ، وَيَسْتَغْفِرُ لَهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، أَمِينٌ مَيْمُونٌ، طَيِّبٌ مُطَيَّبٌ، خَيْرُ الْبَاقِينَ عِنْدِي، يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، إِذَا خَرَجَ أَرْخَتِ السَّمَاءُ عَزَالِيَهَا، وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ زَهْرَتَهَا، حَتّى يَرَوُا الْبَرَكَةَ، وَأُبَارِكُ لَهُمْ فِيمَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، كَثِيرُ الْأَزْوَاجِ، قَلِيلُ الْأَوْلَادِ، يَسْكُنُ بَكَّةَ مَوْضِعَ أَسَاسِ إِبْرَاهِيمَ.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 154463
صفحه از 624
پرینت  ارسال به