421
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

وقيل : لم يقل: من فوقهم؛ لأنّ الرحمة تنزل منه . ولم يقل: من تحتهم؛ لأنّ الإتيان منه يوحش .
وعن ابن عبّاس : « «مِنْ بَيْنِ أَيْدِيْهِمْ» ، من قبل الآخرة . «وَمِنْ خَلْفِهِمْ» من قبل الدُّنيا . «وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ» من جهة حسناتهم وسيّئاتهم» .
ويحتمل أن يُقال : من بين أيديهم من حيث يعلمون ويقدرون على التحرّز منه، ومن خلفهم من حيث لا يعلمون ولا يقدرون، وعن أيمانهم وعن شمائلهم من حيث يتيسّر لهم أن يعملوا ويتحرّزوا ، ولكن لم يفعلوا لعدم تيقّظهم واحتياطهم، وإنّما عدّى الفعل إلى الأوّلين بحرف الابتداء؛ لأنّه منهما متوجّه إليهم، وإلى الأخيرين بحرف المجاوزة؛ فإنّ الآتي منهما كالمنحرف عنهم، المارّ على عَرْضهم، ونظيره قولهم : «جلست عن يمينه» .
«وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرينَ» مطيعين.
فإنّما قاله ظنّا لقوله : «وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ»۱ ؛ لما رأى فيهم مبدأ الشرّ متعدّدا، ومبدأ الخير واحدا .
وقيل : سمعه من الملائكة . ۲
وقوله : (إنّما صمد) أي قصد بذلك الإضلال .
(لك ولأصحابك) ؛ يعني الشيعة .
(فأمّا الآخرون) ؛ من الكفّار وأهل الخلاف .
(فقد فرغ منهم) أي من إضلالهم؛ لأنّه ذهب أوّلاً بإضاعة الإيمان منهم، فلا يُبالي بأعمالهم كائنا ما كان؛ لعدم انتفاعهم بها مع عدم الإيمان .

متن الحديث التاسع عشر والمائة

۰.مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ وَالْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ جَمِيعا، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عِمْرَانَ الْحَلَبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ مُسْكَانَ، عَنْ بَدْرِ بْنِ الْوَلِيدِ الْخَثْعَمِيِّ، قَالَ:دَخَلَ يَحْيَى بْنُ سَابُورَ عَلى أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام لِيُوَدِّعَهُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : «أَمَا وَاللّهِ، إِنَّكُمْ

1.سبأ (۳۴) : ۲۰ .

2.تفسير البيضاوي ، ج ۳ ، ص ۹ - ۱۱ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
420

وما قيل من أنّ مناط تمايز الأيّام إنّما هو حركة الفلك الأعلى دون السماوات السبع، والمخلوق في الأيّام المتمايزة إنّما هو السماوات السبع والأرض، وما بينهما دون ما فوقهما، ولا يلزم من ذلك خللاً لتقدّم الماء الذي خلق منه الجميع على الجميع، ففيه أنّه يخالف اُصول الفلاسفة من وجوهٍ شتّى، وهل هو إلّا كالجمع بين المتناقضين، كما لا يخفى على من له أدنى درية في فنونهم .

متن الحديث الثامن عشر والمائة

۰.ابْنُ مَحْبُوبٍ۱
، عَنْ حَنَانٍ وَعَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ:
قُلْتُ لَهُ: قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: «لاَ?قْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَاتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ» ؟ ۲
قَالَ: فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : «يَا زُرَارَةُ، إِنَّهُ إِنَّمَا صَمَدَ ۳ لَكَ وَلأصْحَابِكَ، فَأَمَّا الْاخَرُونَ فَقَدْ فَرَغَ مِنْهُمْ».

شرح

السند صحيح .
قوله تعالى في سورة الأعراف : «لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ» .
قال البيضاوي :
ترصّدا بهم كما يقعد القطّاع للسابلة . « صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ» ؛ هو طريق الإسلام، ونصبه على الظرف .
وقيل : تقديره: على صراطك، كقولهم : ضُرِب زيدٌ الظهر والبطن .
«ثُمَّ لَاتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ» ؛ من جميع الجهات الأربع ؛ مثّل قصدَه إيّاهم بالتسويل والإضلال من أيّ وجه يمكنه بإتيان العدوّ من الجهات الأربع ، ولذلك لم يقل: من فوقهم، ومن تحت أرجلهم .

1.السند معلّق كسوابقه.

2.الأعراف (۷) : ۱۶ و ۱۷ .

3.في الحاشية عن بعض النسخ: «عمد».

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 153364
صفحه از 624
پرینت  ارسال به