515
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ» 1 ، وَقَالَ اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لِرَسُولِهِ: «وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا» 2 ، فَإِنْ خِفْتَ شَيْئا مِنْ ذلِكَ، فَاذْكُرْ عَيْشَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَإِنَّمَا كَانَ قُوتُهُ الشَّعِيرَ، وَحَلْوَاهُ التَّمْرَ، وَوَقُودُهُ السَّعَفَ إِذَا وَجَدَهُ؛ وَإِذَا أُصِبْتَ بِمُصِيبَةٍ ، فَاذْكُرْ مُصَابَكَ بِرَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ؛ فَإِنَّ الْخَلْقَ 3 لَمْ يُصَابُوا بِمِثْلِهِ صلى الله عليه و آله قَطُّ».

شرح

السند مجهول .
قوله : (لا ينفع اجتهاد لا ورع معه) .
في القاموس: «ورع كورث ووجل ووضع وكرم، وراعة وورعا ـ ويحرّك ـ ووروُعا، ويضمّ: تحرّج» ۴ انتهى .
وقيل : الورع ملَكَة التحرّز عن المشتهيات ولذّات الدُّنيا، وإن كانت مباحة . ۵
وأقول : توقّف الورع على الاجتناب عن المباحات غير لازم، لا لغةً، ولا اصطلاحا، بل يتحقّق بالاجتناب عن المنهيّات المحرّمة فقط، وإن تحرّز معه عن المكروهات والمباحات أيضا فهو أكمل وأتمّ .
ووجه عدم الانتفاع بالاجتهاد بدون الورع ظاهر ؛ لأنّ اللّه ـ عزّ وجلّ ـ إنّما يتقبّل من المتّقين .
وقد يوجّه بأنّ الخبر المختلط بالشرّ شرّ إن تساويا، أو زاد الشرّ، ومشوبٌ مختلط إن زاد الخير، واللّه سبحانه لا يتقبّل إلّا الخالص ، وبأنّ الاجتهاد ميلٌ إلى الدُّنيا والآخرة، وترك الورع ميلٌ إلى الدُّنيا، فيذهب هذا بذاك. ومن ثمّ قيل : الميل إلى الدُّنيا والآخرة لا يجتمعا .
وقوله : (وإيّاك أن تطمح نفسك) ؛ إمّا من المجرّد المعلوم، و«نفسك» فاعله. أو من المزيد على صيغة المخاطب المعلوم، و«نفسك» مفعوله .
في القاموس : «طمح بصره إليه، كمنع: ارتفع. وكلّ مرتفع : طامح. وأطمح بصره: رفعه». ۶

1.التوبة (۹) : ۵۵ .

2.طه (۲۰) : ۱۳۱ .

3.في الحاشية عن بعض النسخ: «الناس».

4.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۹۳ (ورع) .

5.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۱۸۹ .

6.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۲۳۸ (طمح) .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
514

وقوله : (إذا أراد بعبدٍ خيرا) ؛ يعني لطفا وتوفيقا لحسن استعداده، وخلوص نيّته. ومنه يُعرف حال قرينه .
وقوله : (نكت كفرا) .
قيل: إسناد النكت إليه تعالى إسناد إلى السبب مجازا؛ لأنّ منع لطفه تعالى صار سببا لذلك . ۱
وقال بعض الشارحين :
إن قلت : هل فيه دلالة على أنّ الإيمان والكفر من فعله تعالى، كما هو مذهب الأشاعرة، أم لا؟
قلت : لا ؛ لأنّ هذا القلب الغافل لا محالة إمّا أن يعود إلى الإيمان باختياره، أو إلى الكفر باختياره، فإن عاد إلى الأوّل كان في علمه السابق الأزلي إيمانه ، وإن عاد إلى الثاني كان فيه كفره ، فأراد ـ عزّ وجلّ ـ إيمانه أو كفره بالعرض، ليطابق علمه بمعلومه، إلّا أنّ بين الإيمان الكفر فرقا، وهو أنّه تعالى أراد إيمانه بالذات أيضا دون كفره ، ولمّا كان صدورهما من هذا الغافل بإرادته تعالى بالعرض نسب نكتهما إليه بهذا الاعتبار، وهو لا يستلزم صدورهما منه تعالى ، وهذا هو المراد من قول أبي عبد اللّه عليه السلام في آخر حديث طويل : «علم أنّهم سيكفرون، فأراد الكفر لعلمه فيهم» وليست إرادة حتم، إنّما هي إرادة اختيار . ۲

متن الحديث التاسع والثمانين والمائة

0.عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي الْمَغْرَاءِ، عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ هِلَالٍ، قَالَ:قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : إِنِّي لَا أَكَادُ أَلْقَاكَ إِلَا فِي السِّنِينَ 3 ، فَأَوْصِنِي بِشَيْءٍ آخُذُ بِهِ.
قَالَ: «أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللّهِ، وَصِدْقِ الْحَدِيث،ِ وَالْوَرَعِ، وَالأْتِهَادِ؛ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ اجْتِهَادٌ لَا وَرَعَ مَعَهُ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُطْمِحَ 4 نَفْسَكَ إِلى مَنْ فَوْقَكَ، وَكَفَى بِمَا قَالَ اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه و آله : «فَلا

1.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۶ ، ص ۳۹ .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۱۸۸ .

3.في الحاشية عن بعض النسخ: «السنتين».

4.في الحاشية عن بعض النسخ: «أن تطمع».

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 153377
صفحه از 624
پرینت  ارسال به