55
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

أسبابهما ومباديهما في التكليف الأوّل بقدرته واختياره، كما نطقت به صريح كثير من الأخبار .
(وأكيس الكيس التقيّ) .
يمكن كون «الكيس» و«التقي» مصدرين، وإسنادهما إلى «أكيس» إسنادا مجازيّا. ويحتمل كونهما على صيغة صفة المشبّهة. والأوّل أقرب وأنسب بالفقرات الآتية .
وأصل الفجور : الميل . والفاجر : المائل . ثمّ استعمل في الفسق والكذب .
(وشرّ الرويّ رويّ الكذب) .
«الروِيّ»: فعيل بمعنى الفاعل؛ إمّا من الرؤية، وهي التفكّر في الأمر، أو من الرويّ بمعنى الشرب التامّ، كما ذكره في القاموس ۱ ؛ أي شرّ الارتواء الارتواء من قول الكذب والتملّي منه، أو من كثرة سماعه، أو هما معا .
و يحتمل أن يكون من الرواية ، ويؤيّده ما في نسخ الفقيه والأمالي : «وشرّ الرواية رواية الكذب» . ۲
وفي بعض نسخ الكتاب : «وشرّ الرداء رداء الكذب» ؛ أي الارتداء به، وجعله شعارا لنفسه .
وفي روايات العامّة : «شرّ الروايا روايا الكذب» . ۳
قال صاحب النهاية:
في حديث عبداللّه : شرّ الروايا روايا الكذب . هي جمع «رويّة»، وهي ما يُروِّي الإنسان في نفسه من القول والفعل ؛ أي يزوّر، ويفكّر، وأصلها الهمزة . يُقال : روّأت في الأمر . وقيل : هي جمع «راوية» للرجل الكثير الرواية ، والهاء للمبالغة . وقيل : هي جمع «راوية» ؛ أي الذين يروون الكذب؛ أي تكثر رواياتهم فيه . ۴

1.اُنظر : القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۳۷ (روي) .

2.الفقيه ، ج ۴ ، ص ۴۰۲ ، ح ۵۸۶۸ ؛ الأمالي للصدوق ، ص ۴۸۷ ، ح ۱ .

3.سنن الدارمي ، ج ۲ ، ص ۲۹۹ ؛ شرح مسلم للنووي ، ج ۱۶ ، ص ۱۶۱ ؛ المعجم الأوسط ، ج ۸ ، ص ۳۲ ؛ مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۲۶۴ ؛ الجامع الصغير، ج ۱ ، ص ۲۴۵ .

4.النهاية ، ج ۲ ، ص ۲۷۹ (روي) .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
54

لَا تُسْخِطُوا اللّهَ بِرِضَا أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ، وَلَا تَقَرَّبُوا إِلى أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ تَتَبَاعَدُوا ۱ مِنَ اللّهِ؛ فَإِنَّ اللّهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ شَيْءٌ يُعْطِيهِ بِهِ خَيْرا، وَلَا يَدْفَعُ بِهِ عَنْهُ شَرّا إِلَا بِطَاعَتِهِ وَاتِّبَاعِ مَرْضَاتِهِ، وَإِنَّ طَاعَةَ اللّهِ نَجَاحٌ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ يُبْتَغى، وَنَجَاةٌ مِنْ كُلِّ شَرٍّ يُتَّقى، وَإِنَّ اللّهَ ـ عَزَّ ذِكْرُهُ ـ يَعْصِمُ مَنْ أَطَاعَهُ، وَلَا يَعْتَصِمُ بِهِ مَنْ عَصَاهُ، وَلَا يَجِدُ الْهَارِبُ مِنَ اللّهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ مَهْرَبا، وَإِنَّ أَمْرَ اللّهِ نَازِلٌ وَلَوْ كَرِهَ الْخَلَائِقُ، وَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ، مَا شَاءَ اللّهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، فَتَعَاوَنُوا ۲ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى «وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْاءِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ» ». ۳

شرح

السند مجهول .
ورواه الصدوق رحمه الله في الفقيه ۴ وفي أماليه ۵ بسند حسن، مع زيادات .
قوله : (الشقيّ من شقي) .
وفي بعض الروايات: «السعيد سعيد في بطن اُمّه، والشقيّ شقيّ في بطن اُمّه». ۶
والمشهور في تفسيره أنّ اللّه تعالى لمّا علم سعادة كلّ شخص، وهي ثباته في سبيل اللّه وسلوكه فيه، وعلم شقاوة كلّ أحد ، وهي سلوكه في سبيل الطاغوت وثباته فيه ، فالسعيد من هو في علم اللّه أن يكون في عاقبة أمره سعيدا، وإن كان بالنظر إلى ظاهر أحواله في أكثر عمره عند الناس شقيّا ، وكذا الشقيّ . ولمّا كان وجوده العيني وانطباق العلم بالمعلوم في بدو وجوده في بطن اُمّه ، نسب السعادة والشقاوة إليه في هذا الوقت .
أو المراد من بطن الاُمّ ما قبل الولادة مطلقا .
هذا ولا يبعد أن يكون الحديث إشارة إلى كسب ما انجرّ إلى السعادة والشقاوة، أعني

1.في الحاشية عن بعض النسخ: «بتباعد». وفي بعض النسخ الكافي والوافي : «يتباعد» . وفي بعض النسخ : «يتباعدوا» .

2.في الحاشية عن بعض النسخ: «و تعاونوا».

3.المائدة (۵) : ۲ .

4.الفقيه ، ج ۴ ، ص ۴۰۲ ، ح ۵۸۶۸ .

5.الأمالي للصدوق ، ص ۴۸۷ ، ح ۱ . والسند فيه هكذا : «حدّثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي رحمه الله ، قال : حدّثنا أبي، قال : حدّثنا عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه إبراهيم بن هاشم ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي الصبّاح الكناني» .

6.اُنظر : تفسير روح البيان ، ج ۱ ، ص ۱۰۴ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 153278
صفحه از 624
پرینت  ارسال به