549
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

غَدَاءَنَا» 1 ؛ أي ائتنا [به]» . 2
قيل : قطع هذا الكلام عن سابقه على الاستئناف، كأنّه يسأل سائل: لمَ يطلبون هكذا ؟ فأجاب بأنّه: لما دعاهم مولاهم إلى نعيم الجنّة، فلا يكلّفهم في طلبهم أزيد من أن ينزّههوه ويسبّحوه .
أو هذا النداء جواب لدعوة ربّهم، وإجابة لها . 3
وأقول : لعلّه عليه السلام أراد بهذا الكلام بيان جلالة نِعَم الجنّة وعظمها؛ لأنّ الداعي إليها مولاهم الحقّ، ومالكهم المطلق، فعطاؤه يناسب كرمه وعظمه .
(وآخر دعواهم) أي آخر دعائهم .
(أن الحمد للّه ربّ العالمين) .
وقد مرّ في حديث الجنان والنوق أنّهم يقولون ذلك إذا فرغوا من الطعام والشراب وأمثالهما .
قال البيضاوي في تفسير قوله تعالى : «دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنْ الْحَمْدُ للّهِِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» : 4
لعلّ المعنى أنّهم إذا دخلوا الجنّة، وعاينوا عظمة اللّه وكبرياءه، مَجَدوه ونعتوه بعنوت الجلال، ثمّ حيّاهم الملائكة بالسلامة عن الآفات، والفوز بأصناف الكرامات . أو اللّه تعالى، فحمدوه، وأثنوا عليه بصفات الإكرام ، و «أَنْ» هي المخفّفة من الثقيلة . وقد قرئ بها ونصب الحمد . 5

متن الحديث الرابع والتسعين والمائة (خُطْبَةٌ لأمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام )

۰.عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ، أَوْ غَيْرِهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام :
أَنَّهُ ذَكَرَ هذِهِ الْخُطْبَةَ لأمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام يَوْمَ الْجُمُعَةِ:

1.الكهف (۱۸) : ۶۲ .

2.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۲۶۲ (أتا) .

3.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۶ ، ص ۵۴ .

4.يونس (۱۰): ۱۰.

5.تفسير البيضاوي ، ج ۳ ، ص ۱۸۷ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
548

العاقبة . ويحتمل الرفع على الابتدائيّة .
(لأهلها مأوى) .
الضمير للتقوى، وكونه للجنّة محتمل .
ويؤيّد الأوّل قوله تعالى : «تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيّا» 1 . في القاموس : «أويت منزِلي وإليه: نزلته بنفسي، وسكنته . والمأوى والمأوي والمأواة: المكان» . 2
(دعاؤهم فيها) أي في الجنّة .
(أحسن الدعاء) ؛ خبر المبتدأ، وكونه منصوبا على الحاليّة بعيد .
وقوله عليه السلام : (سبحانك اللّهمّ) ؛ خبر بعد خبر، أو بدل من الخبر الأوّل، أو خبر مبتدأ محذوف .
وقد مرّ أنّهم يقولون ذلك عند إرادتهم الطعام والشراب . ومعنى «سبحانك اللّهمّ»: إنّا نسبّحك تسبيحا .
وقيل : وجه كونه أحسن الدعاء أنّه تعالى دالّ على ذاته المتّصف بجميع الكمالات، وتوحيده المطلق، وتنزيهه عن جميع النقائص . 3
وقال بعض الفضلاء في شرح هذا الكلام : «أي إذا أرادوا طلب شيء، طلبوه بأحسن طلب، بأن يقولوا : سبحانك اللّهمّ» انتهى . 4
أقول : مبنى هذا التوجيه على إرادة معنى الطلب من الدعاء. وفيه تأمّل .
قال الجوهري : «دعوت فلانا؛ أي صحتُ به، واستدعيته. ودعوت اللّه له وعليه دُعاء. والدعاء واحدة الأدعية» . 5
وفي القاموس : «الدعاء: الرغبة إلى اللّه تعالى. دَعا دُعاءً ودَعوًى» . 6
(دعاهم المولى إلى ما آتاهم) .
المولى: المالك. واحتمال كونه بصيغة اسم الفاعل من الإيلاء، وهو الإعطاء والإيتاء بعيد .
قال الجوهري : «أتاه إيتاء؛ أي أعطاه. وآتاه أيضا؛ أي أتى به. ومنه قوله تعالى : «آتِنَا

1.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۶ ، ص ۵۳ .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۲۰۳ .

3.مريم (۱۹) : ۶۳ .

4.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۰۱ (أوي) .

5.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۳۳۷ (دعو) .

6.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۲۷ (دعو) .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 153235
صفحه از 624
پرینت  ارسال به