591
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

وأمّا على الاحتمال الأدقّ فجملة «لا يسمن» وما عطف عليها صفة ضريع، أو استئناف، كما نقلناه عن المفسّرين .
وعلى التقديرين الضمير المستتر راجع إلى الضريع .
وقال بعض الأفاضل :
فسّر عليه السلام الغاشية بالجماعة الغاشية الذين يغشون الإمام؛ أي يدخلون عليه من المخالفين، فلا ينفعهم الدخول عليه، ولا يُغنيهم القعود عنده؛ لعدم إيمانهم وجحودهم ، فالمراد بالطعام على هذا البطن الطعام الروحاني؛ أي ليس غذاؤهم الروحاني إلّا الشكوك والشُّبهات والآراء الفاسدة التي هي كالضريع في عدم النفع والإضرار بالروح .
فقوله تعالى : «لَا يُسْمِنُ» لا يكون صفة للضريع ، بل يكون الضمير راجعا إلى الغشيان، وتكون الجملة مقطوعة على الاستئناف .
ويحتمل أن يكون صفة للضريع أيضا، ويكون المراد أنّه لا يعلمهم الإمام لكفرهم وجحودهم، وعدم قابليّتهم إلّا ما هو كالضريع، ممّا يوافق آراءهم تقيّةً منهم ، كما أنّه تعالى يطعم أجسادهم الضريع في جهنّم؛ لعدم استحقاقهم غير ذلك .
ويحتمل أن يكون المراد: الذين يغشون؛ أي يحيطون بالقائم عليه السلام من المخالفين والمنافقين ، فالإمام يحكم فيهم بعلمه ويقتلهم، ويوصلهم إلى طعامهم المهيّأ لهم في النار من الضريع ، ولا ينفعهم الدخول في عسكر الإمام؛ لعلمه بحالهم، ولا القعود في بيوتهم؛ لعدم تمكينهم إيّاهم ۱ . انتهى كلامه .

متن الحديث الثاني والمائتين

۰.عَنْهُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ۲، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام فِي قَوْلِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ:«ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلاّ هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاّ هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ»۳، قَالَ:«نَزَلَتْ هذِهِ الْايَةُ فِي فُلَانٍ وَفُلَانٍ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ الْجَرَّاحِ، وَعَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ عَوْفٍ، وَسَالِمٍ مَوْلى

1.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۶ ، ص ۶۷ و ۶۸ .

2.في الطبعة الجديدة وبعض نسخ الكافي : «الحسن» .

3.المجادلة (۵۸) : ۷ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
590

وقوله : «وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ»۱ إلى قوله : «وَزَرَابِىُّ مَبْثُوثَةٌ»۲
؛ رجوع إلى بيان حال الشيعة ومثوباتهم الاُخرويّة، واللّه يعلم .
وبالجملة هذا التأويل غير ما ذكر من أنّ الغاشية القائم المنتظر عليه السلام يغشاهم بالسيف إذا ظهر ، والتاء على بعض تلك الاحتمالات للمبالغة .
وقوله : «لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ» ؛ يفهم من كلام المفسّرين أنّه صفة ضريع، أو استئناف، كأنّه قيل : هل في أكل الضريع نفع مقصود من الطعام، وهو السمن، وإزالة الجوع ؟
فاُجيب بعدم النفع أصلاً .
في القاموس :
الضريع، كأمير: الشبرق، أو يبيسه، أو نبات رطبه يسمّى شِبرقا، ويابسه ضريعا، لا تقربه دابّة لخبثه، أو نبات في الماء الآجن له عروق لا تصل إلى الأرض، أو شيء في جهنّم أمرّ من الصبر وأنتن من الجيفة، وأحرّ من النار ونبات منتن يرمى به في البحر . ۳ انتهى .
والسمين: خلاف المهزول، وقد يكنّى به عن النفع . وأسمنه: جعله سمينا، أو أعطاه .
والجوع: ضدّ الشبع . وقيل : يُطلق على العطش، وعلى الاشتياق إلى الشيء أيضا . ۴
(قال : لا ينفعهم، ولا يُغنيهم؛ لا ينفعهم الدخول، ولا يغنيهم القعود) .
الدخول: ضدّ الخروج، ويُقال : الدخول في الأمر: الأخذ فيه. والقعود: ضدّ القيام . ويُقال : قعد عن الأمر، إذا تأخّر، وتباعد عنه. وقعد للأمر، إذا اهتمّ فيه .
إذا تمهّد هذا ، فنقول : يحتمل على تفسيره عليه السلام أن لا يكون قوله : «لا يسمن، ولا يُغني من جوع» صفة للضريع ، بل هو استئناف جواب سؤال ، والمستتر فيه راجع إلى الغشيان، كأنّه قيل : هل ينفع الغاشية ما قصدوه من إيصال الضرر إلى الإمام، وإطفاء نوره؟
فاُجيب بأنّه لا ينفعهم الدخول في أسباب الإضرار إليه، ولا ينفعهم القعود والاهتمام في ذلك .
هذا على بعض الاحتمالات التي ذكرناه في شرح قوله عليه السلام : «الذين يغشون الإمام»،

1.الغاشية (۸۸) : ۸ .

2.الغاشية (۸۸) : ۱۶ .

3.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۵۵ (ضرع) .

4.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۲۲۱ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 154584
صفحه از 624
پرینت  ارسال به