قوله تعالى : «مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلَاثَةٍ» .
قال البيضاوي :
ما يقع من تناجي ثلاثة، ويجوز أن يقدّر مضاف، أو يؤوّل «نجوى» بمتناجين، ويجعل «ثلاثة» صفة لها، واشتقاقها من النجوة، وهي ما ارتفع من الأرض؛ فإنّ السرّ أمرٌ مرفوع إلى الذهن، لا يتيسّر لكلّ أحد أن يطّلع عليه .
«إِلَا هُوَ رَابِعُهُمْ» ؛ إلّا اللّه ، يجعلهم أربعة من حيث إنّه يشاركهم في الاطّلاع عليها، والاستثناء من أعمّ الأحوال .
«وَلَا خَمْسَةٍ» ؛ ولا نجوى خمسة .
«إِلَا هُوَ سَادِسُهُمْ» ؛ وتخصيص العددين إمّا لخصوص الواقعة؛ فإنّ الآية نزلت في تناجي المنافقين، أو لأنّه وترٌ يحبّ الوتر ، والثلاثة أوّل الأوتار ، أو لأنّ التشاور لابدّ له من اثنين يكونان كالمتنازعين، وثالث يتوسّط بينهما .
«وَلَا أَدْنى مِنْ ذَلِكَ» ؛ ولا أقلّ ممّا ذكر كالواحد والاثنين .
«وَلَا أَكْثَرَ إِلَا هُوَ مَعَهُمْ» ؛ يعلم ما يجري بينهم .
«أَيْنَ مَا كَانُوا» ؛ فإنّ علمه بالأشياء ليس لقرب مكاني حتّى يتفاوت باختلاف الأمكنة .
«ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ؛ تفضيحا لهم، وتقريرا لما يستحقّونه من الجزاء .
«إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» ؛ لأنّ نسبة ذاته المقتضية للعلم إلى الكلّ على السواء . ۱
وقوله : (فلان وفلان) ؛ يعني الأوّلين .
وقوله : (لا تكون الخلافة في بني هاشم ولا النبوّة) أي تعاقدوا في الكتاب على منع اجتماعهما في بني هاشم .
(فأنزل اللّه فيهم هذه الآية) المذكورة توبيخا لهم، ووعيدا على سوء صنيعهم .
وقوله تعالى : «أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرا» .
قال البيضاوي :
يعني أبرموا أمرا في تكذيب الحقّ وردّه، ولم يقتصروا على كراهته .