99
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

تعالى [غير ]منحصرة في البشارة؛ إذ يكون إنذارا منه اعتناءً بعبدِه، لئلّا يأتي ما قدر عليه، أو يرجع ويتوب عمّا فعله من المعاصي، ويكون منه على حذر .
ونسب الثانية إلى الشيطان؛ لأنّها نشأت من تخييلاته وتدليساته تحذيرا من شيء أو ترغيبا فيه؛ ليُشغِل بال الرائي، ويُدخل الضرر والهمّ فيه .
والثالثة أضغاث أحلام، وهي الرؤيا التي لا يمكن تأويلها؛ لجمعها للأشياء المتضادّة والمختلفة .
ثمّ قال :
قال بعض المعبّرين : الرؤيا ثمانية أقسام ؛ سبعة لا تعبّر، ومن السبعة أربعة نشأت من الخلط الغالب على مزاج الرائي، فمن غلب على مزاجه الصفراء رأى الألوان الصُّفر والطعوم المرّة والسّموم والصواعق ؛ لأنّ الصفراء مِسخنة مُرّة ، ومن غلب عليه الدم رأى الألوان الحُمر والطعوم الحُلوة وأنواع الطرب ؛ لأنّ الدم مفرح حُلو ، ومن غلب عليه البلغم رأى الألوان البيض والمياه والأمطار والثلج ، ومن غلب عليه السوداء رأى الألوان السود والأشياء المُحرقة والطعوم الحامضة؛ لأنّه طعام السوداء ، ويُعرف ذلك كلّه بالأدلّة الطبّيّة الدالّة على غَلَبة ذلك الخلط على الرائي .
والخامس ما كان عن حديث النفس، ويُعرف ذلك بجولانه في اليقظة، فيستولي على النفس فيراه في النوم .
والسادس ما هو من الشيطان، ويُعرف ذلك بكونه أمرا فيه ترغيب على أمرٍ تنكره الشريعة، أو أمرا بجائز يؤول إلى منكر، كأمره بالحجّ مثلاً، ويؤدّي إلى تضييع ماله أو عياله أو نفسه .
والسابع ما كان فيه احتلام .
والثامن هو الذي يجوز تعبيره، وهو ما خرج عن هذه السبعة، وهو ما ينقله مَلَك الرؤيا من اللوح المحفوظ من أمر الدنيا والآخرة من كلّ خيرٍ أو شرّ .
ثمّ قال :
إذا تأمّلت في الحديث، وجدته شاملاً لجميع هذه الأقسام الثمانية؛ لأنّ الخمسة الاُولى داخلة في أضغاث أحلام، والاثنين بعدها داخلان في القسم الثاني ، وهو ما كان من الشيطان ، والثامن عين الأوّل ، وهو ما كان من اللّه تعالى . ۱

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۴۴۷ و ۴۴۸ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
98

شرح

السند حسن .
قوله : (تَحذير من الشيطان) .
لعلّ المراد التخويف الناشئ منه ؛ يعني الرؤيا الهائلة .
وقيل : أي يحذّر ويخوّف من الأعمال الصالحة، أو يكون في الأصل تحزين من الشيطان، فصحّف لقوله تعالى : «إِنَّمَا النَّجْوى مِنْ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ» . ۱
وروي عن محيي السنّة أنّه روى بإسناده عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال : «الرؤيا ثلاثة : رؤيا بشرى من اللّه ، ورؤيا ممّا يحدّث به الرجل نفسَه ، ورؤيا من تحزين الشيطان» ۲ . ۳
(وأضغاث أحلام) .
قال الجوهري : «الضغث، بالكسر: قبضة حشيش مختلطة الرطب اليابس . وأضغاث أحلام: الرؤيا التي لا يصحّ تأويلها لاختلاطها » ۴ انتهى .
وقيل : هي الرؤيا المختلفة التي تركّبها المتخيّلة، ولا أصل لها، وليس من اللّه ولا من الشيطان .
وروت العامّة عن النبيّ صلى الله عليه و آله : «إنّ الرؤيا ثلاث : فرؤيا صالحة بشرى من اللّه ، ورؤيا تُحزن من الشيطان ، ورؤيا فيما يحدِّث المرء نفسه» . ۵
وقال بعض الأفاضل :
إنّما نسب الاُولى إلى اللّه تعالى؛ لطهارتها من حضور الشيطان، وإفساده لها، وسلامتها من الغلط والخلط والتخليط من الأشياء المتضادّة ، والرؤيا التي منه

1.المجادلة (۵۸) : ۱۰ .

2.اُنظر : السنن الكبرى ، ج ۴ ، ص ۳۹۰ ، ح ۷۶۵۴ ؛ المعجم الأوسط ، ج ۱ ، ص ۱۲۳ ؛ مسند الشاميّين ، ج ۴ ، ص ۴۱ ، ح ۲۶۷۸ .

3.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۲۰۵ .

4.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۲۸۵ (ضغث) .

5.لم نعثر على الرواية في المصادر المعتبرة . وانظر : شرح المازندراني ، ج ۱۱ ، ص ۴۴۷ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 153196
صفحه از 624
پرینت  ارسال به