تعالى [غير ]منحصرة في البشارة؛ إذ يكون إنذارا منه اعتناءً بعبدِه، لئلّا يأتي ما قدر عليه، أو يرجع ويتوب عمّا فعله من المعاصي، ويكون منه على حذر .
ونسب الثانية إلى الشيطان؛ لأنّها نشأت من تخييلاته وتدليساته تحذيرا من شيء أو ترغيبا فيه؛ ليُشغِل بال الرائي، ويُدخل الضرر والهمّ فيه .
والثالثة أضغاث أحلام، وهي الرؤيا التي لا يمكن تأويلها؛ لجمعها للأشياء المتضادّة والمختلفة .
ثمّ قال :
قال بعض المعبّرين : الرؤيا ثمانية أقسام ؛ سبعة لا تعبّر، ومن السبعة أربعة نشأت من الخلط الغالب على مزاج الرائي، فمن غلب على مزاجه الصفراء رأى الألوان الصُّفر والطعوم المرّة والسّموم والصواعق ؛ لأنّ الصفراء مِسخنة مُرّة ، ومن غلب عليه الدم رأى الألوان الحُمر والطعوم الحُلوة وأنواع الطرب ؛ لأنّ الدم مفرح حُلو ، ومن غلب عليه البلغم رأى الألوان البيض والمياه والأمطار والثلج ، ومن غلب عليه السوداء رأى الألوان السود والأشياء المُحرقة والطعوم الحامضة؛ لأنّه طعام السوداء ، ويُعرف ذلك كلّه بالأدلّة الطبّيّة الدالّة على غَلَبة ذلك الخلط على الرائي .
والخامس ما كان عن حديث النفس، ويُعرف ذلك بجولانه في اليقظة، فيستولي على النفس فيراه في النوم .
والسادس ما هو من الشيطان، ويُعرف ذلك بكونه أمرا فيه ترغيب على أمرٍ تنكره الشريعة، أو أمرا بجائز يؤول إلى منكر، كأمره بالحجّ مثلاً، ويؤدّي إلى تضييع ماله أو عياله أو نفسه .
والسابع ما كان فيه احتلام .
والثامن هو الذي يجوز تعبيره، وهو ما خرج عن هذه السبعة، وهو ما ينقله مَلَك الرؤيا من اللوح المحفوظ من أمر الدنيا والآخرة من كلّ خيرٍ أو شرّ .
ثمّ قال :
إذا تأمّلت في الحديث، وجدته شاملاً لجميع هذه الأقسام الثمانية؛ لأنّ الخمسة الاُولى داخلة في أضغاث أحلام، والاثنين بعدها داخلان في القسم الثاني ، وهو ما كان من الشيطان ، والثامن عين الأوّل ، وهو ما كان من اللّه تعالى . ۱