59
شرح فروع الکافي ج1

[ باب طهور الماء ]

[قوله] في خبر السكوني : (الماء يطهِّر ولا يُطَهَّر) .[ ح1/3802 ] أي يطهّر كلّ جسم يقبل الطهارة ماء كان أو غيره ، ولا يطهّره جسم آخر غيره ، فلايرد أنّ الماء النجس يطهَّر بالكثير وبالجاري ، ولاينتقض بتطهير ماء البئر بالنزح ؛ فإنّ المطهّر له إنّما هو الماء النابع بنزح المنزوح ، ولا بالماء المستحيل ملحا أو بولاً في جوف الحيوان المأكول لحمه ؛ لانعدام المائيّة بانقلاب الماهيّة .
نعم ، يشكل ذلك على قول من قال بتطهير الماء القليل النجس بإكماله من المضاف ما لم يسلبه الإطلاق ، فإنّ المطهّر فيه إنّما هو المضاف ؛ فلايبعد الاحتجاج بهذا الخبر على نفي ذلك القول .
وربما اُجيب عنه بأنّ المطهّر هنا إنّما هو مجموع البالغ كرّا لا المضاف .
وفيه نظر .
هذا ، والخبر غير صحيح ؛ لاشتماله على النوفلي ، وهو هنا الحسين بن يزيد بن محمّد بن عبدالملك النوفلي ، بقرينة روايته عن السكوني ، وهو مجهول الحال ، بل قيل بضعفه لما حكاه النجاشي عن قوم من القمّيّين أنّه غلا في آخر عمره ۱ ، ولم يثبت ذلك عنهم ، ولو ثبت لما أمكن الاستدلال به على غلوّه ، فإنّهم ربما نسبوا الغلوّ إلى بعض فحول علماء الشيعة بأدنى شيء ، وإن أبيت فعليك بنسبة الصدوق التفويض والغلوّ إلى من أنكر سهو النبيّ صلى الله عليه و آله . ۲

1.. رجال النجاشي ، ص ۲۸، الرقم ۷۷ .

2.. قال الصدوق في الفقيه ، ج ۱، ص ۳۵۹ ـ ۳۶۰ ، ذيل الحديث ۱۰۳۱ : «إنّ الغلاة والمفوّضة ـ لعنهم اللّه ـ ينكرون سهو النبيّ صلى الله عليه و آله . . . وليس سهو النبيّ صلى الله عليه و آله كسهونا ، لأنّ سهوه من اللّه عزّ وجلّ ، وإنّما أسهاه ليعلم أنّه بشر مخلوق فلايتّخذ ربّا معبودا دونه ، وليعلم النّاس بسهوه حكم السهو متى سهوا ، وسهونا من الشيطان ، وليس للشيطان على النبيّ صلى الله عليه و آله والأئمّة ـ صلوات اللّه عليهم ـ سلطان . . .» .


شرح فروع الکافي ج1
58

ووافقنا على ذلك أبوحنيفة ، وراعى الشافعي ومالك في ذلك تغيير الأوصاف من لون أو طعم أو رائحة ، وزعما أنّ أحد أوصاف الماء متى تغيّر ولو باليسير من الطاهر المضاف لم يجز الوضوء ، دليلنا على صحّة ما ذهبنا إليه مع إجماع الفرقة المحقّة ، قوله تعالى : «فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ »۱ ، فنقلنا من الماء إلى التراب من غير واسطة ، والماء الذي خالطه يسير من زعفران يطلق عليه اسم الماء ولا ينتقل مع وجوده إلى التراب .
وأيضا قوله تعالى : «فَاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ »۲ عامّ في كلّ مائع يتأتّى الاغتسال به إلى أن يقوم دليل على إخراج بعضها ، وليس لأحد أن يدّعي أنّ يسير الزعفران إذا خالطه سلبه إطلاق اسم الماء ، وذلك أنّ إطلاق الاسم هو الأصل ، والتقييد داخل عليه وطارٍ بعده كالحقيقة والمجاز ، فمن ادّعى زوال الإطلاق في الماء فعليه الدليل .
وبعد ، فإنّهم يقولون في ذلك إنّه ماء وقع فيه زعفران ولايضيفونه إليه كما يضيفون المعتصر من الزعفران إليه. وممّا يدلّ على أنّ تغيير أحد الأوصاف لايعتبر به أنّ الماء الذي يجاوره الطيب الكثير كالمسك وغيره قد تتغيّر رائحته بمجاورة الطيب ومع هذا لاخلاف في جواز الوضوء به ؛ هذا كلامه أعلى اللّه مقامه . ۳
واعتبار الاسم واضح في الخليط الذي له أوصاف مخالفة للأوصاف الخلقيّة للماء ، وأمّا في المسلوب الوصف ، فهل يعتبر التقدير ؟ قال به جماعة منهم الشهيد في الدروس ۴ والمحقّق الشيخ عليّ ، والأكثر لم يعتبروه بل جعلوا مناط الحكم الاسم العرفي .
واعتبر الشيخ في المبسوط في المنع غلبة المضاف ، فقال :
وإن اختلط الماء بماء الورد المنقطع الرائحة حكم للأكثر ، فإن كان الأكثر ماء الورد لم يجز استعماله في الوضوء ، وإن كان الماء أكثر جاز ، وإن تساويا ينبغي أن نقول بجواز استعماله؛ لأنّ الأصل الإباحة . ۵

1.. النساء (۴) : ۴۳ ، والمائدة (۵) : ۶ .

2.. المائدة (۵) : ۶ .

3.. الناصريّات ، ص ۷۳ ـ ۷۴ .

4.. الدروس ، ج ۱، ص ۱۲۲، الدرس ۱۸ .

5.. المبسوط ، ج ۱، ص ۸ .

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 122685
صفحه از 527
پرینت  ارسال به