299
شرح فروع الکافي ج3

شرح فروع الکافي ج3
298

باب الصلاة خلف من لا يقتدى به

اتّفق الأصحاب على استحباب حضور جماعة أهل الخلاف تقيّة وصورة الائتمام بهم استحبابا مؤكّدا ، بل قد يجب ، روى الصّدوق في الصحيح عن زيد الشّحام، عن الصادق عليه السلام أنّه قال : «يا زيد ، خالقوا النّاس بأخلاقهم ، صلّوا في مساجدهم، وعودوا مرضاهم ، واشهدوا جنائزهم ، وإن استطعتم أن تكونوا الأئمّة والمؤذّنين فافعلوا ، فإنّكم إذا فعلتم ذلك قالوا : هؤلاء الجعفريّة رحم اللّه جعفرا ما كان أحسن ما يؤدّب أصحابه ، وإذا تركتم ذلك قالوا : هؤلاء الجعفريّة ، فعل اللّه بجعفر ما كان أسوء ما يؤدّب أصحابه» . ۱
وفي الصّحيح عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال : «من صلّى معهم في الصفّ الأوّل كمن صلّى مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله في الصفّ الأوّل» . ۲
وفي الصّحيح عن حفص البختري، عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال: «يحسب لك إذا دخلت معهم ، وإن كنت لا تقتدي بهم، مثل ما يكتب لك إذا كنت مع من يقتدى به» ، ۳ وغير ذلك ممّا لا يحصى .
وإنّما يفعل معهم صورة الاقتداء وينوى الصلاة فذّا ، ۴
ويقرأ في نفسه ولو كانت الصلاة جهريّة ، كما هو ظاهر أكثر أخبار الباب ، وما رواه الشيخ عن محمّد بن إسحاق ومحمّد بن أبي حمزة، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : «يجزئك إذا كنت معهم من القراءة مثل حديث النّفس» . ۵
وعن عليّ بن يقطين ، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرّجل يصلّي خلف من لا يقتدى بصلاته والإمام يجهر القراءة ، قال : «اقرأ لنفسك ، وإن لم تسمع نفسك فلا بأس» . ۶
وفي المنتهى :
لا يقال : قد روى الشيخ في الموثّق عن بكير بن أعين ، قال :
سألت : أبا عبد اللّه عليه السلام عن النّاصب ياُمّنا ، ما نقول في الصلاة معه ؟ فقال : «أمّا إذا جهر فانصت للقرآن واستمع ، ثمّ اركع واسجد أنت لنفسك». ۷
وهذا يدلّ على سقوط القراءة معهم .
لأنّا نقول : لا يلزم من الإنصات عدم القراءة ؛ لجواز أن ينصت وقت القراءة ويقرأ وقت السكوت ، كما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن وهب ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام : «أنّ عليّا عليه السلام كان في صلاة الصبح ، فقال ابن الكوّاء وهو خلفه : «وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَ إِلَىالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ»۸ إلى آخر الآية ، فأنصت عليّ عليه السلام حتّى فرغ منها ، ثمّ عاد في قراءته ، ثمّ أعاد ابن الكوّا الآية ، فانصت عليّ عليه السلام أيضا ، ثمّ قرأ فأعاد ابن الكوّا الآية ، فانصت عليّ عليه السلام أيضا ، ثمّ قال : «فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ» ، ۹ ثمّ أتمّ السورة ، ثمّ ركع ». ۱۰
ويحتمل أيضا أن يكون الإنصات للتقيّة . ۱۱ انتهى .
فإن لم يسع قراءة الحمد والسورة يقرأ ما يسعه الوقت ويركع مع الإمام ويسقط وجوب الباقي ؛ لما رواه الشيخ عن عليّ بن أسباط، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه أو أبي جعفر عليهماالسلامفي الرّجل يكون خلف إمام لا يقتدى به فيسبقه الإمام بالقراءة ، قال : «إذا كان قد قرأ اُم الكتاب أجزأه ، يقطع ويركع ». ۱۲
وهو وإن دلّ بالمفهوم على أنّه متى لم يقرأ فاتحة الكتاب لم تجزه الصلاة لكن المفهوم ليس بحجّة ، بل لو لم يقرأ أصلاً أجزأته ويركع بركوع الإمام ، فقد قال الشيخ في التهذيب : «الإنسان إذا لم يلحق بالقراءة معهم جاز له ترك القراءة والاعتداد ۱۳ بتلك الصلاة بعد أن يكون قد أدرك الركوع ». ۱۴
واحتجّ عليه بخبر إسحاق بن عمّار، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : إنّي أدخل المسجد فأجد الإمام قد ركع وقد ركع القوم ، فلا يمكنني أن اُؤذّن واُقيم واُكبّر ، فقال لي : «فإن كان كذلك فادخل معهم في الركعة واعتدّ بها ، فإنّها من أفضل ركعاتك» . قال إسحاق : فلمّا سمعت أذان المغرب وأنا على بابي قاعد قلت للغلام : انظر اُقيمت ۱۵ الصلاة ؟ فجاءني فقال : نعم، فقمت مبادرا فدخلت المسجد ، فوجدت الناس قد ركعوا فركعت مع أوّل صفّ أدركت ، واعتددت بها ، ثمّ صلّيت بعد الانصراف أربع ركعات ، ثمّ انصرفت فإذا خمسة أو ستّة من جيراني قدموا إليّ من المخزوميّين والاُمويّين فأقعدوني، ثمّ قالوا : يا باهاشم ، جزاك اللّه عن نفسك خيرا، فقد ـ واللّه ـ رأينا خلاف ما ظنّنا بك ، وما قيل فيك ، فقلت : وأيّ شيء ذلك ؟ فقالوا تبعناك حتّى قمت إلى الصلاة ونحن نرى أنّك لا تقتدي بالصّلاة معنا ، فقد وجدناك قد اعتددت بالصّلاة معنا وصلّيت بصلاتنا ، رضي اللّه عنك وجزاك خيرا . قال : فقلت لهم : سبحان اللّه ، ألمثِلي يقال هذا ؟ قال : فعلمت أنّ أبا عبد اللّه عليه السلام لم يأمرني بذلك إلّا هو يخاف عليّ هذا وشبهه . ۱۶
وإذا فرغ من القراءة قبل الإمام يسبّح حتّى يركع الإمام، والأفضل أن يبقي آية من السورة حتّى يقرأ متّصلاً بالركوع ؛ لموثقة زرارة، ۱۷ وخبر إسحاق بن عمّار . ۱۸

1.الفقيه ، ج ۲ ، ص ۲۸۳ ، ح ۱۱۲۸ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۴۳۰ ، ح ۱۱۰۹۲ .

2.أمالي الصدوق ، المجلس ۵۸ ، ح ۱۶ ؛ الاعتقادات ، ص ۱۰۹ ؛ الفقيه ، ج ۱ ، ص ۳۸۲ ، ح ۱۱۲۵ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۲۹۹ ، ح ۱۰۷۱۷ .

3.الفقيه، ج ۱، ص ۳۸۳، ح ۱۱۲۶؛ ورواه الشيخ في تهذيب الأحكام، ج ۲، ص ۲۶۵ ـ ۲۶۶، ح ۷۵۲؛ ونحوه في الحديث التاسع من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج ۸، ص ۲۹۹، ح ۱۰۷۱۹.

4.الفذّ : الفرد . مجمع البحرين ، ج ۳ ، ص ۳۷۴ (فذذ) .

5.تهذيب الأحكام ، ج ۳ ، ص ۳۶ ، ح ۱۲۸ ؛ الاستبصار ، ج ۱ ، ص ۴۳۰ ، ح ۱۶۶۲ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۳۶۴ ، ح ۱۰۹۱۴ .

6.تهذيب الأحكام ، ج ۳ ، ص ۳۶ ، ح ۱۲۹ ؛ الاستبصار ، ج ۱ ، ص ۴۳۰ ـ ۴۳۱ ، ح ۱۶۶۳ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۶ ، ص ۱۲۷ ـ ۱۲۸ ، ح ۷۵۲۳ ؛ وج ۸ ، ص ۳۶۳ ، ح ۱۰۹۱۱ .

7.تهذيب الأحكام ، ج ۳ ، ص ۳۵ ، ح ۱۲۶ ؛ الاستبصار ، ج ۱ ، ص ۴۳۰ ، ح ۱۶۶۰ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۳۶۸ ، ح ۱۰۹۲۴ .

8.الزمر (۳۹) : ۶۵ .

9.الروم (۳۰) : ۶۰ .

10.تهذيب الأحكام ، ج ۳ ، ص ۳۵ ـ ۳۶ ، ح ۱۲۷ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۳۶۷ ، ح ۱۰۹۲۳ .

11.منتهى المطلب ، ج ۶ ، ص ۲۶۵ ـ ۲۶۶ .

12.تهذيب الأحكام ، ج ۳ ، ص ۳۶ ـ ۳۷ ، ح ۱۳۰ ؛ الاستبصار ، ج ۱ ، ص ۴۳۰ ، ح ۱۶۵۹ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۳۶۴ ، ح ۱۰۹۱۵ ، وكان بالأصل : « ... أجزأته يقطع وركع» ، فصوّبناه حسب المصدر .

13.في الأصل : «لا اعتداد» ، والمثبت من المصدر .

14.تهذيب الأحكام ، ج ۳ ، ص ۳۷ ـ ۳۸ ، ذيل الحديث ۱۳۲ .

15.في الأصل : «أقامت» ، والمثبت من المصدر .

16.تهذيب الأحكام ، ج ۳ ، ص ۳۸ ، ح ۱۳۳ ؛ الاستبصار ، ج ۱ ، ص ۴۳۱ ـ ۴۳۲ ، ح ۱۶۶۶ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۳۶۸ ـ ۳۶۹ ، ح ۱۰۹۲۵ .

17.الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۳۷۰ ، ح ۱۰۹۲۸ .

18.الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي ؛ وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۳۷۰ ، ح ۱۰۹۲۹ .

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج3
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 162272
صفحه از 550
پرینت  ارسال به