وظاهر الخبرين حرمة السفرين ، ويمكن حملهما في الثاني على الكراهة كما هو المشهور بين الأصحاب .
وأمّا الأوّل فهو حرام مطلقا ولو في غير شهر رمضان .
واشتهر بينهم وجوب الصوم في سفر المعصية من غير قضاء ؛ لحصول الامتثال بما أمر به ، فإنّ هذا السفر لا يمنع من وجوب الصوم .
واحتجّ ابن أبي عقيل على ما حكى عنه في المختلف في القاضي في سفره بأنّ السفر منافٍ للصوم وقد أتى به ، فلم يكن هذا الصوم معتمدا في نظر الشرع ، بل كان كإمساك المفطر اختيارا ، وبعموم قوله : «فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ اُخر» . ۱
وأجاب بمنع كون السفر مطلقا منافيا للصوم ، بل المنافي له إنّما هو السفر الذي يجب فيه القصر ، فليخّص الآية أيضا بذلك ، ولابدّ من ذلك ؛ لأنّ مضمونها فليفطر وعليه عدّة من أيّام اُخر ، ۲ بقرينة ضميمة المرض .
واشتهر أيضا الإفطار في السفر للتلذّذ ونحوه من المباحات ؛ لأصالة إباحة السفر في المباح فوجب القصر .
واحتجّ ابن أبي عقيل وابن الجنيد في إلحاق ذلك السفر بسفر المعصية بخبر أبي بصير ، ۳ ومثله حسنة الحلبيّ ، ۴ ويمكن حملهما على الكراهة ، على أنّهما لا تدلّان على مدّعاهما من الصيام فيه والقضاء ، فتأمّل .
باب كراهية الصوم في السفر
المراد من الكراهية بقرينة أخبار الباب الحرمة ، والظاهر أنّه أراد بالصوم صوم شهر رمضان ، وتحريمه في السفر هو مذهب الأصحاب أجمع ، وهو محكي في المنتهى عن