255
شرح فروع الکافي ج4

وظاهر الخبرين حرمة السفرين ، ويمكن حملهما في الثاني على الكراهة كما هو المشهور بين الأصحاب .
وأمّا الأوّل فهو حرام مطلقا ولو في غير شهر رمضان .
واشتهر بينهم وجوب الصوم في سفر المعصية من غير قضاء ؛ لحصول الامتثال بما أمر به ، فإنّ هذا السفر لا يمنع من وجوب الصوم .
واحتجّ ابن أبي عقيل على ما حكى عنه في المختلف في القاضي في سفره بأنّ السفر منافٍ للصوم وقد أتى به ، فلم يكن هذا الصوم معتمدا في نظر الشرع ، بل كان كإمساك المفطر اختيارا ، وبعموم قوله : «فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ اُخر» . ۱
وأجاب بمنع كون السفر مطلقا منافيا للصوم ، بل المنافي له إنّما هو السفر الذي يجب فيه القصر ، فليخّص الآية أيضا بذلك ، ولابدّ من ذلك ؛ لأنّ مضمونها فليفطر وعليه عدّة من أيّام اُخر ، ۲ بقرينة ضميمة المرض .
واشتهر أيضا الإفطار في السفر للتلذّذ ونحوه من المباحات ؛ لأصالة إباحة السفر في المباح فوجب القصر .
واحتجّ ابن أبي عقيل وابن الجنيد في إلحاق ذلك السفر بسفر المعصية بخبر أبي بصير ، ۳ ومثله حسنة الحلبيّ ، ۴ ويمكن حملهما على الكراهة ، على أنّهما لا تدلّان على مدّعاهما من الصيام فيه والقضاء ، فتأمّل .

باب كراهية الصوم في السفر

المراد من الكراهية بقرينة أخبار الباب الحرمة ، والظاهر أنّه أراد بالصوم صوم شهر رمضان ، وتحريمه في السفر هو مذهب الأصحاب أجمع ، وهو محكي في المنتهى عن

1.البقرة (۲): ۱۸۴.

2.مختلف الشيعة، ج ۳، ص ۴۷۷.

3.هو الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.

4.هو الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي.


شرح فروع الکافي ج4
254

باب كراهية السفر في شهر رمضان

الظاهر أنّه أراد بالسفر السفر الموجب للإفطار ، وبالكراهة المعنى المصطلح ، فلابدّ من تقييد السفر بغير الواجب والمستحبّ منه كسفر الحجّ ومشايعة المؤمن المسافر واستقباله ونحو ذلك ، فإنّه لا كراهة فيه ، وتخصيصه بالسفر المباح كالسفر للتلذّذ والتنزّه .
وقد اختلف الأصحاب في حكم المسافر في المعصية والمباح ، فالمشهور بين الأصحاب وجوب الصوم في الأوّل من غير قضاء معه ، ووجوب الإفطار في الثاني من غير كفّارة ، لكن مع كراهة ذلك السفر ؛ لأصالة إباحة السفر في المباح .
وقد ألحقه ابن أبي عقيل وابن الجنيد بسفر المعصية وحكما فيهما بوجوب الصوم والقضاء فيهما جميعا ، ففي المختلف :
قال ابن أبي عقيل : إن خرج متنزّها أو متلذّذا أو في شيء من أبواب المعاصي يصوم ، وليس له أن يفطر ، وعليه القضاء إذا رجع إلى الحضر ؛ لأنّ صومه في السفر ليس بصوم ، وإنّما أمر بالإمساك عن الإفطار لئلّا يكون مفطرا في شهر رمضان في غير الوجه الذي أباح اللّه عزّ وجلّ فيه الإفطار ، كما أنّ المفطر في يوم من شهر رمضان عامدا قد أفسد صومه ، وعليه أن يتمّ صومه ذلك إلى الليل ؛ لئلّا يكون مفطرا في غير الوجه الذي أمره اللّه تعالى فيه بالإفطار . ۱
ونحوه قال ابن الجنيد ، فإنّه قال : ولا أستحبّ لمن دخل عليه شهر رمضان وهو مقيم أن يخرج إلى سفر ، إلّا أن يكون لفرض حجّ أو عمرة أو ما يتقرّب به إلى اللّه عزّ وجلّ و منفعة نفسه وماله ، إلّا في تكاثر وتفاخر . و إن خرج في ذلك أوفي معصية اللّه عزوجل لم يفطر في سفره وكان عليه مع صيامه فيه القضاء . ۲

1.مختلف الشيعة، ج ۳، ص ۴۷۶.

2.مختلف الشيعة، ج ۳، ص ۴۸۰ ۴۸۱.

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج4
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 133642
صفحه از 662
پرینت  ارسال به