وبالآية الدالّة على وجوب الإتمام بعد الدخول فيه ، وأنّه إذا لم ينو السفر من الليل أصبح صائما صوما مشروعا ، فلا يبطل بالسفر .
ولأنّه قد حصل السفر بعد انعقاد العبادة كما لو هو سافر بعد الصلاة التامّة .
ولقوله تعالى : «وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ»۱ ، وإذا خرج مع النيّة بعد الزوال وجب عليه القضاء ؛ لأنّ نيّة السفر تضادّ نيّة الصوم ، فلم يقع فيه الصوم ، فلهذا أوجب القضاء .
والجواب عن الحديث الأوّل بعد صحّة السند أنّه غير دالّ على المطلوب ؛ لأنّه قد اشتمل على من نوى السفر من الليل ، وأوجب عليه الصوم إذا أصبح في منزله ، فإن كان المراد أنّه خرج قبل الزوال فهو غير مطلوب الشيخ ، وإن كان المراد أنّه خرج بعد الزوال فهو مطلوبنا نحن .
وهو الجواب عن الثاني ، وفي طريقه ابن فضّال ، وفيه قولٌ .
وعن الثالث ضعف السند ، وأيضا فإنّه غير دالّ على التفصيل الذي ذكره الشيخ ، بل على التبييت وعدمه ، فكما حمل الإفطار مع التبييت إذا خرج قبل الزوال وعدمه إذا خرج بعده نحمله نحن على ذلك أيضا بناءً على أنّ الغالب أنّ من خرج قبل الزوال نوى من الليل وإن خرج بعده لم ينو ، فذِكْر هذا القيد بناءً على الغالب لا على أنّه علّة .
ورواية أبي بصير مرسلة ولم يسندها أيضا إلى الإمام فليست حجّة مع احتمالها للتأويل ، فإنّ من خرج بعد الزوال يصدق عليه أنّه خرج بعد طلوع الفجر فيحمل عليه .
وهذان هما الجوابان عن روايتي سماعة .
والإجماع إن صحّ فهو مسلّم ؛ لأنّا نقول بموجبه ، إذ مع خروجه بعد الزوال يتمّ صومه ، ونمنع تناول الآية ، وهو قوله تعالى : «أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ»۲ من خرج قبل الزوال ؛ إذ بخروجه إلى السفر ينتفي الصوم فلا يجب الإتمام ، وقوله : «إذا خرج بعد الزوال مع تبييت النيّة للسفر أمسك وعليه الإعادة» ليس بعيدا من الصواب ؛ إذ لم يتحقّق منه شرط الصوم وهو النيّة . ۳ انتهى .