باب المساجد التي يصلح الاعتكاف فيها
قد اختلف أهل العلم في موضع الاعتكاف ، فاعتبر السيّد المرتضى في الانتصار كونه مسجدا صلّى فيه إمام عدل بالناس الجمعة ، وقال : «هي أربعة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجد المدينة ، ومسجد الكوفة ، ومسجد البصرة» .
واحتجّ عليه بالإجماع والاحتياط وبراءة الذمّة ، وعلّل البراءة بأنّ من أوجب على نفسه اعتكافا بنذر يجب أن يتقيّن براءة ذمّته ممّا وجب عليه ، لا يحصل له اليقين إلّا بأن يعتكف في المساجد التي عيّناها ، وبالإجماع على جوازه فيها ، ولا دليل على جوازه فيما عداها . ۱
وما ذكره من الإجماع الأوّل فهو في محلّ النزاع ، والبواقي ترجع إلى الاحتياط ، وهو معنى آخر في العمل لا في الفتوى ، فتأمّل .
وبه قال ابن إدريس ، ۲ ونقله في المختلف ۳ عن أبي الصلاح ۴ وسلّار ۵ وابن حمزة ۶ وابن البرّاج ۷ وعن الصدوق في الفقيه ۸ أيضا ، وكلامه فيه غير صريح فيه ، بل ظاهره ما سيأتي إلّا أنّ هؤلاء لم يعتبروا خصوص الجمعة ، بل اعتبروا مطلق الجماعة ، ولا فائدة في هذا النزاع لانحصار المسجدين في المساجد الأربعة أو الخمسة ، وقد صلّى في كلّ منها الإمام العادل جمعة وجماعة .
1.الانتصار ، ص ۱۹۹ ۲۰۰ .
2.السرائر ، ج ۱ ، ص ۴۲۱ .
3.مختلف الشيعة ، ج ۳ ، ص ۵۷۶ .
4.الكافي في الفقه ، ص ۱۸۶ .
5.المراسم العلويّة ، ص ۹۹ .
6.الوسيلة، ص ۱۵۳.
7.المهذّب ، ج ۱ ، ص ۲۰۴ .
8.الفقيه ، ج ۲ ، ص ۱۸۴ ، ح ۲۰۸۹ ، و المذكور فيه عن أبي عبد اللّه عليه السلام : «لا تعتكف الّا في مسجد جماعة قد صلّى فيه إمام عدل جماعة ، ولا بأس بأن يعتكف في مسجد الكوفة والبصرة ومسجد المدينة ومسجد مكّة» .