357
شرح فروع الکافي ج4

باب المساجد التي يصلح الاعتكاف فيها

قد اختلف أهل العلم في موضع الاعتكاف ، فاعتبر السيّد المرتضى في الانتصار كونه مسجدا صلّى فيه إمام عدل بالناس الجمعة ، وقال : «هي أربعة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجد المدينة ، ومسجد الكوفة ، ومسجد البصرة» .
واحتجّ عليه بالإجماع والاحتياط وبراءة الذمّة ، وعلّل البراءة بأنّ من أوجب على نفسه اعتكافا بنذر يجب أن يتقيّن براءة ذمّته ممّا وجب عليه ، لا يحصل له اليقين إلّا بأن يعتكف في المساجد التي عيّناها ، وبالإجماع على جوازه فيها ، ولا دليل على جوازه فيما عداها . ۱
وما ذكره من الإجماع الأوّل فهو في محلّ النزاع ، والبواقي ترجع إلى الاحتياط ، وهو معنى آخر في العمل لا في الفتوى ، فتأمّل .
وبه قال ابن إدريس ، ۲ ونقله في المختلف ۳ عن أبي الصلاح ۴ وسلّار ۵ وابن حمزة ۶ وابن البرّاج ۷ وعن الصدوق في الفقيه ۸ أيضا ، وكلامه فيه غير صريح فيه ، بل ظاهره ما سيأتي إلّا أنّ هؤلاء لم يعتبروا خصوص الجمعة ، بل اعتبروا مطلق الجماعة ، ولا فائدة في هذا النزاع لانحصار المسجدين في المساجد الأربعة أو الخمسة ، وقد صلّى في كلّ منها الإمام العادل جمعة وجماعة .

1.الانتصار ، ص ۱۹۹ ۲۰۰ .

2.السرائر ، ج ۱ ، ص ۴۲۱ .

3.مختلف الشيعة ، ج ۳ ، ص ۵۷۶ .

4.الكافي في الفقه ، ص ۱۸۶ .

5.المراسم العلويّة ، ص ۹۹ .

6.الوسيلة، ص ۱۵۳.

7.المهذّب ، ج ۱ ، ص ۲۰۴ .

8.الفقيه ، ج ۲ ، ص ۱۸۴ ، ح ۲۰۸۹ ، و المذكور فيه عن أبي عبد اللّه عليه السلام : «لا تعتكف الّا في مسجد جماعة قد صلّى فيه إمام عدل جماعة ، ولا بأس بأن يعتكف في مسجد الكوفة والبصرة ومسجد المدينة ومسجد مكّة» .


شرح فروع الکافي ج4
356

وعن ابن عمر : أنّ عمر جعل عليه أن يعتكف في الجاهليّة ، فسأل النبيّ صلى الله عليه و آله فقال : «اعتكف وصم» . ۱
وببعض ما رواه المصنّف في الباب ، ثمّ قال :
احتجّوا بما رواه ابن عمر عن عمر أنّه قال : يارسول اللّه ، إنّي نذرت في الجاهليّة أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام ، فقال النبيّ صلى الله عليه و آله : «أوفِ بنذرك» . ۲
ولو كان الصوم شرطا لم يصحّ اعتكاف الليل ، ولأنّه عبادة تصحّ في الليل فلم يشترط له الصيام كالصلاة ، ولأنّ إيجاب الصوم حكم لا يثبت إلّا بالشرع ، ولا نصّ فيه ولا إجماع .
وعن ابن عبّاس ، قال : ليس على معتكف صوم . ۳
والجواب عن الأوّل : أنّ الليلة قد تُطلق مع إرادة النهار معها ، كما يقال : أقمنا في موضع كذا ليلتين أو ثلاثا ، والمراد الليل والنهار ، فلِمَ لا يجوز إرادة ذلك هنا .
وعن الثاني بالمنع من صحّتها ليلاً خاصّة . والفرق بينها وبين الصلاة ظاهر ؛ لأنّ بمجرّده لا يكون عبادة ، فاشترط فيه الصوم ، والنصّ قد بيّناه عن النبيّ صلى الله عليه و آله عن أهل بيته عليهم السلام .
وأيضا مداومة الرسول على الاعتكاف صائما يدلّ على الاشتراط . وقول ابن عبّاس موقوف عليه فلا يكون حجّة .
على أنّه قد نقلنا عنه أنّه كان يعتقد اشتراط الصوم ، فيكون معارضا لهذه الرواية . ۴
هذا ، ولا يشترط فيه الصوم لخصوص الاعتكاف ، بل يصحّ مع أيّ صوم اتّفق ، سواء كان الصوم واجبا أو ندبا ، معيّنا أو غير معيّن ، وسواء كان الاعتكاف واجبا أو ندبا ، فلو اعتكف في رمضان صحّ واكتفى فيه بصوم شهر رمضان وبوقوع نيّة الصوم عن رمضان ، ويكفي لك شاهدا على ذلك ما تقدّم في الباب السابق .

1.سنن أبي داود ، ج ۱ ، ص ۵۵۲ ، ح ۲۴۷۴ ؛ المستدرك للحاكم ، ج ۱ ، ص ۴۳۹ ؛ سنن الدارقطني ، ج ۲ ، ص ۱۸۰ ، ح ۲۳۳۶ ؛ أحكام القرآن للجصّاص ، ج ۱ ، ص ۲۹۸ .

2.صحيح البخاري ، ج ۲ ، ص ۲۵۶ و ۲۶۰ ؛ وج ۷ ، ص ۲۳۳ ؛ سنن أبي داود ، ج ۲ ، ص ۱۰۷ ، ح ۳۳۲۵ ؛ سنن الترمذي ، ج ۳ ، ص ۴۸ ، ح ۱۵۷۹ ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج ۴ ، ص ۳۱۸ ؛ وج ۱۰ ، ص ۷۶ ؛ السنن الكبرى للنسائي ، ج ۲ ، ص ۲۶۱ ، ح ۳۳۴۹ و ۳۳۵۰ .

3.المستدرك للحاكم ، ج ۱ ، ص ۴۳۹ وفيه «صيام» بدل «صوم». ومثله في سنن الدارقطني ، ج ۲ ، ص ۱۷۹ ، ح ۲۳۳۰ .

4.منتهى المطلب ، ج ۲ ، ص ۶۲۹ .

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج4
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 137782
صفحه از 662
پرینت  ارسال به