باب لقطة الحرم
قد تشوّش كلام الأصحاب في لقطة الحرم واضطربت فتاواهم فيها بعد اتّفاقهم على تحريم أخذها من غير قصد تعريف، فقد ذهب جماعة إلى كراهة أخذها ووجوب تعريفها حولاً إذا أخذها مطلقاً وإن كانت أقلّ من درهم ، ثمّ التخيير بين الصدقة بها مع الضمان وإبقائها أمانة من غير ضمان محتجّين على عدم الفرق بين القليل والكثير بأصالة عدمه وانتفاء دليل صالح له، وعلى الكراهة بظهور أخبار متعدّدة فيهاكخبر إبراهيم بن عمر ۱ ، وصحيحة يعقوب بن شعيب، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن اللقطة ونحن يومئذٍ بمنى ، فقال : «أمّا بأرضنا هذه فلا تصلح، وأمّا عندكم فإنّ صاحبها الذي يجدها يعرّفها سنة في كلّ مجمع، ثمّ هي كسبيل ماله ». ۲
وخبر عليّ بن أبي حمزة، قال : سألت العبد الصالح عليه السلام عن رجل وجد دينارا في الحرم فأخذه ، قال : «بئس ما صنع! ما كان ينبغي له أن يأخذه» ، قلت : ابتُلي بذلك ، قال : «يعرّفه» ، قلت : فإنّه قد عرّفه فلم يجد له باغياً ، قال : «يرجع إلى بلده فيتصدّق به على أهل بيت من المسلمين، فإن جاء طالبه فهو له ضامن ». ۳
وحملوا النهي على الكراهة فيما رواه المصنّف عن الفضيل بن يسار ۴ ، وفيما رواه الشيخ عنه قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن لقطة الحرم، فقال : «لا تمسّ أبدا حتّى يجيء صاحبها فيأخذها »، قلت : فإن كان مالاً كثيرا؟ قال : «فإن لم يأخذها إلّا مثلك فليعرّفها ». ۵ وهو حسن.
بل يستفاد من خبري الفضيل انتفاء الكراهة فيمن يثق بنفسه في التعريف ، ولا يبعد
1.هو الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۲۶۰، ح ۱۷۶۹۵.
2.تهذيب الأحكام، ج ۵، ص ۴۲۱، ح ۱۴۶۳؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۲۵۹ـ ۲۶۰، ح ۱۷۶۹۲.
3.تهذيب الأحكام، ج ۵، ص ۴۲۱؛ و ج ۶، ص ۳۹۵ ۳۹۶، ح ۱۱۹۰؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۲۶۰، ح ۱۷۶۹۴.
4.هو الحديث الثاني من هذاالباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۲۶۱، ح ۱۷۶۹۶.
5.تهذيب الأحكام، ج ۵، ص ۴۲۱، ح ۱۴۶۱؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص۲۶۰، ح ۱۷۶۹۳.